الرابح هو الأمة التركية.. والخاسر أمريكا والمنظمات الإرهابية التي تدعمها

بواسطة | مايو 17, 2023

بواسطة | مايو 17, 2023

الرابح هو الأمة التركية.. والخاسر أمريكا والمنظمات الإرهابية التي تدعمها

أدلى 55 مليونا و761 ألف مواطن بأصواتهم في 201,807 مركز اقتراع في 14 مايو، لكن ذلك لم يُنتج تحديدا حاسما للرئيس القادم. وسيسأل القراء: إذن، من هو الفائز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في تركيا في 14 مايو؟.
لقد أجرينا انتخابات لم توصلنا إلى صورة نهائية معروفة، ولكن الفائز فيها كان معروفا.. قد تبدو هذه الجملة متناقضة، أليس كذلك؟. فإذا كانت النتيجة غير معروفة، فكيف نعرف من فاز؟.
اسمحوا لي أن أشرح ذلك بعبارة نستخدمها كثيرا: هذه هي تركيا!.
فشل المرشح الأكثر طموحا، الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، في تجاوز عتبة ال  50 في المائة، إذ بلغت نسبة التصويت له 49.51 في المائة، يليه زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، بنسبة 44.88 في المائة.
النتيجة النهائية الوحيدة لانتخابات 14 مايو هي أن التحالف الرئاسي، الذي شكله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وحزب الاتحاد الكبير وحزب الرفاه الجديد، فاز بأغلبية المقاعد في الجمعية الوطنية التركية الكبرى.

 بلغت حصة تحالف الأمة من الأصوات 35.18 في المئة، وتم إرسال 211 نائبا. وتشكل هذا المجموع من 167 نائبا لحزب الشعب الجمهوري، و 44 نائبا هم حصة الحزب الجيد.

البرلمان في التحالف الجمهوري
حصل التحالف الجمهوري على أغلبية مقاعد النواب بعدد 323 من أصل 600 مقعد في الجمعية الوطنية التركية الكبرى. ووفقاً للنتائج، نال التحالف الجمهوري 49.36 في المئة من الأصوات وأرسل 323 نائبا إلى البرلمان؛ ويتشكل هذا العدد من 267 مقعدا لحزب العدالة والتنمية، ومعهم 51 مقعدا لحزب الحركة القومية، و 5 مقاعد لحزب الرفاه الجديد.
وبلغت حصة تحالف الأمة من الأصوات 35.18 في المئة، وتم إرسال 211 نائبا. وتشكل هذا المجموع من 167 نائبا لحزب الشعب الجمهوري، و 44 نائبا هم حصة الحزب الجيد.
أما تحالف العمل والحرية في البرلمان فسيشارك بـ 66 نائبا، ومن هؤلاء سيشغل حزب الخضر واليسار المستقبلي 62 مقعدا، بينما يحصل حزب العمال التركي على 4 مقاعد.

ستجرى الانتخابات، التي سيتنافس فيها مرشحان فقط، في 28 مايو، ولن يكون الأمر مفاجئا إن تم انتخاب أردوغان. وبالفعل، فالقول إن الرئيس الحالي أردوغان سيفوز بالانتخابات، لا يتردد فقط بين مؤيدي أردوغان؛ ولكن أيضا لدى المعارضة، وحتى في وسائل الإعلام الغربية

الأهم هو الانتخابات الرئاسية، التي سيحدد فيها الرئيس في الجولة الثانية
سيدخل مرشح التحالف الرئاسي رجب طيب أردوغان الجولة الثانية من السباق بعد نيله نسبة 49.5 في المائة من الأصوات، كما سيدخلها أيضا مرشح تحالف الأمة كمال كيليتشدار أوغلو الذي نال نسبة 44.8 في المائة.
وستجرى الانتخابات، التي سيتنافس فيها مرشحان فقط، في 28 مايو، ولن يكون الأمر مفاجئا إن تم انتخاب أردوغان. وبالفعل، فالقول إن الرئيس الحالي أردوغان سيفوز بالانتخابات، لا يتردد فقط بين مؤيدي أردوغان؛ ولكن أيضا لدى المعارضة، وحتى في وسائل الإعلام الغربية، التي قدمت دعما كبيرا لكيليتشدار أوغلو؛ وسنرى النتيجة.
وأظهرت نتائج الانتخابات شيئا مهما للغاية، وهو قلق الغالبية العظمى من الأمة على بلدهم. لأن كمال كيليتشدار أوغلو، مرشح تحالف الأمة، قد سلك طريقا خطيرا للغاية، ودفع ثمن ذلك انخفاضا في عدد الأصوات التي حصل عليها.

قام كيليتشدار أوغلو بحماية أعضاء تنظيم فتح الله الإرهابي، الذي نفذ انقلاب 15 يوليو 2016، ووعد بإعادتهم إلى الدولة، واستخدم خطاباتهم وأساليبهم.

لماذا يغضب الناخبون؟
تعاونَ كيليتشدار أوغلو مع حزب الشعوب الديمقراطي، الذراع السياسي لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، التي تحاربها تركيا منذ 40 عاما، والتي كلفت تركيا 2 تريليون دولار، و 15 ألف شهيد في حربها معها.
كما قام بحماية أعضاء تنظيم فتح الله الإرهابي، الذي نفذ انقلاب 15 يوليو 2016، ووعد بإعادتهم إلى الدولة، واستخدم خطاباتهم وأساليبهم.
وأعلن أنه سيتبع سياسات “استسلامية” ضد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وخاصة الولايات المتحدة، عدوة تركيا؛ فعلى سبيل المثال، قال إنه “سيفرض عقوبات على روسيا”، غير أنه أدلى بتصريحات تستهدف صناعة الدفاع التركية.
هذا بالإضافة إلى وعوده للشعب التي لا تبدو ذات مصداقية؛ وكانت الخطوة الوحيدة التي قام بها، والتي بدت أكثر واقعية هي إعطاء رئاسة وزارة واحدة على الأقل لرؤساء أحزاب الطاولة السداسية التي عمل معها.
وبعد أقل من شهر من الزلزال الذي أودى بحياة 50000 شخص في 11 مقاطعة في 6 مارس 2023، لم تغب المعركة من أجل تقاسم المقاعد، على طاولة المعارضة المكونة من 6 أحزاب، عن أعين الأمة؛ فبينما كانت الدولة تتعامل مع حطام الزلزال، كانت المعارضة عالقة في معركة تحديد المرشح الرئاسي.

كانت أعظم قوة اعتمد عليها كيليتشدار أوغلو هي الدول الغربية. وقد أظهر ذلك بعدة أوجه؛ أولها وعود كيليتشدار أوغلو الوهمية بمبلغ 300 مليار دولار من بريطانيا، ووعده للولايات المتحدة بـ “ضمان فرض عقوبات على روسيا”، وتقديمه التنازلات لدول الاتحاد الأوروبي.

تقاتلوا فيما بينهم
في الفترة التي سبقت الانتخابات، برزت مشكلات البطالة والأسعار، ومشكلات الاقتصاد ككل، بما في ذلك الإنتاج والصادرات والتوظيف والتمويل، وتكلفة 100 مليار دولار بسبب الزلزال، ومجتمع مُسْتَقطَب بسبب المناقشات السياسية. وكان يمكن للمعارضة اتخاذ خطوات بشأن هذه القضايا لصالحها، ولكنها فضلت أن تتقاتل فيما بينها.
كانت أعظم قوة اعتمد عليها كيليتشدار أوغلو هي الدول الغربية. وقد أظهر ذلك بعدة أوجه؛ أولها وعود كيليتشدار أوغلو الوهمية بمبلغ 300 مليار دولار من بريطانيا، ووعده للولايات المتحدة بـ “ضمان فرض عقوبات على روسيا”، وتقديمه التنازلات لدول الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى قيامه بخطوات، من شأنها أن تمهد الطريق لتقسيم تركيا، مع حزب الشعوب الديمقراطي، الذراع السياسي للمنظمة الإرهابية الانفصالية.
وحقيقة أن كمال كيليتشدار أوغلو رسم مشروع “طريق الحرير” الخيالي، الذي أحضره إلى تركيا بدءا من الصين، وعرضه على قطعة من الورق المقوى، عبر إيران وليس من خلال الدولة الشقيقة أذربيجان، أظهر الجانب الذي يقف معه، ويفضله أيضا. وقد أظهر هذا الجانب أيضا من خلال تصريحه الذي يفيد: “سأعطي الأولوية للتعاون مع الدول الغربية” وليس للجمهوريات التركية في آسيا، التي تُعتبَر صديقة وشقيقة لتركيا، وليس لدول الجغرافيا العربية.
ورأت الأمة التركية كل هذا، وقررت أن تكون أغلبية مقاعد الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا من نواب التحالف الجمهوري.
والآن دور الانتخابات الرئاسية في 28 مايو والتي ستظهر من هو الفائز. ولن يكون من المفاجئ فوز أردوغان الآن، حتى بالنسبة لمنافسيه.
نادي الخاسرين
إن قائمة الخاسرين طويلة. فبالإضافة إلى تحالف الأمة، هناك الرئيس الأمريكي بايدن، والدول الأوروبية، ومنظمة غولن الإرهابية، وحزب العمال الكردستاني، والإيكونوميست البريطانية، ودير شبيغل الألمانية، ولا بوان الفرنسية، ونيويورك تايمز الأمريكية، وواشنطن بوست، واليونان، وإيران، وأرمينيا. وغيرها من الجهات الفاعلة التي دعمت كيليتشدار أوغلو….
وأما الرابح الأكبر، فقد كان الأمة التركية العظيمة.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...