الرهن الرسمي في القانون القطري
بقلم: عبد الرحمن هاشم السيد
| 14 فبراير, 2024
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: عبد الرحمن هاشم السيد
| 14 فبراير, 2024
الرهن الرسمي في القانون القطري
تبحث المقالة في مفهوم الرهن الرسمي وأهميته في المجتمع، مع تسليط الضوء على التعاريف والتحديات في التشريع القطري.
الأساسيات والتحديات في التشريع القطري
تقوم المعاملات بين أشخاص المجتمع على منح الائتمان وتبادل الثقة، وينقسم أفراد المجتمع في مجال التعاملات عادة إلى دائن ومدين. وتتمثل الثقة من جانب المدين في طمأنة غيره إلى التعامل معه وافتراض حسن نيته؛ وبذلك يسهل له تحصيل مراده من مال أو عمل، بما ييسر له ممارساته اليومية، سواء كانت مدنية أم تجارية؛ فيقترض النقود لقضاء حاجاته ثم يردها ويشتري من ربحها السلعة، ومن ثم يبيعها وهلم جرا؛ بينما تتمثل الثقة من جانب الدائن في الاطمئنان الذي يحصل عليه من المدين عند التعاقد، وتيقنه من أن ماله لا يضيع سدىً بسوء تصرف المدين.. والاطمئنان في زماننا يترجم في الضمان، الذي يعد من أبرز صوره في هذا العصر الرهن الرسمي.
ولقد أورد المشرع القطري تعريفًا للرهن الرسمي في المادة 1058 من القانون رقم 22 لسنة 2004 بإصدار القانون المدني؛ حيث نصت على أن “الرهن الرسمي عقدٌ به يكسب الدائن، على عقار مخصص لوفاء دينه، حقاً عينياً يكون له بموجبه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون”.
ومن خلال النص السابق نلاحظ ما يلي:
1- استخدم المشرع القطري كلمة “عقد”، والأدق تعريف الرهن الرسمي بأنه “حق” وليس عقدًا؛ وذلك لأنه حق ينشأ عن طريق العقد، فالغاية هي الحق والوسيلة التي تقودنا إليه هي العقد، وما يؤكد على ذلك أنه لو كان عقدًا لكان من الأجدر أن ينظمه المشرع في باب العقود .
2- لم يبين التعريف أحد المقومات الأساسية للرهن الرسمي، وهي عدم انتقال الحيازة إلى الدائن المرتهِن؛ أي أن الشيء المرهون يظل عند المدين الراهن. وانتقال الحيازة علامة فارقة بين الرهن الرسمي والرهن الحيازي، فالأخير تنتقل به حيازة المال المرهون إلى الدائن المرتهِن.
3- يفترض في التعريف أن يكون مبينًا عن أطرافه ولا يقتصر على ذلك؛ بل يبين الصفة التي يأخذها كل منهم، وأطراف الرهن الرسمي هم: المرتهن (الدائن) الذي يرتب الرهن على عقار مملوك لشخص آخر كضمان لاستيفاء حقه عندما لا يقوم الأخير بذلك؛ والطرف الثاني هو الراهن، وهو غالبًا المدين الذي ينشئ الرهن ضمانًا لدَينه إذا لم يقم بالوفاء به، وفي أحوال أخرى قد يكون الراهن شخصًا آخر غير المدين، وهو الكفيل العيني الذي يرتب رهنًا على عقار يملكه ضمانًا لدَينٍ على المدين. لكنَّا نجد التعريف جاء مبينًا للطرف الإيجابي في العقد (الدائن) دون أن يذكر المدين، كما لم يبين صفة الدائن بأنه المرتهن في هذا العقد.
4- حصر المشرع القطري محل عقد الرهن الرسمي في العقارات، وذلك مخالفٌ للحقيقة؛ إذ يمكن أن يرد الرهن الرسمي على المنقولات، خاصة التي تحمل قيمة اقتصادية ضخمة ، والغريب أنه جاء مبينًا – بطريقة غير مباشرة– بجواز رهن المنقولات رهنًا رسميًا، فعلى الرغم من أن المادة 1035 من القانون أعلاه نصت على أنه “لا يجوز أن يرد الرهن الرسمي إلا على عقار، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك”، فإنه بالبحث عن المنقولات التي يجوز أن ترهن رهنًا رسميًا وجدنا أن المشرع أجاز رهن السفينة في المادة 26 من القانون رقم 15 لسنة 1980 بإصدار القانون البحري، التي نصت على أنه “يتم رهن السفينة بعقد رسمي وإلا كان باطلًا، ويجوز أن يكون الرهن اسميًا أو لأمر”. وجاءت المادة 1 فقرة د من الاتفاقية التي صادقت عليها دولة قطر في 5/7/2007، بشأن الاعتراف الدولي بالحقوق على الطائرات، فأثبتت “حق الرهن الرسمي، وحق الرهن الحيازي وكل حق مشابه لهما يكون على طائرة عن طريق الاتفاق ضمانا للوفاء بدين”. وأصدر المشرع القطري في الآونة الأخيرة القانون رقم 16 لسنة 2021 بشأن رهن الأموال المنقولة.
5- استخدم المشرّع عبارة “مخصص لوفاء دينه”، والصياغة تشعر بأن محل الرهن لا يكون ضمانًا إلا للدين المضمون بالرهن، والواقع أن هذا العقار يظل داخل نطاق الذمة المالية للمدين (الراهن) فيمكن للدائنين العاديين التنفيذ على هذا العقار، وكل ما في الأمر أن الدائن (المرتهن) سيتقدم عليهم في استيفاء حقه، أيضًا يمكن للمدين (الراهن) أن يرهن العقار المرهون لشخص آخر، فيخصص العقار ضمانًا للوفاء بالدين لدائن آخر. فعبارة التخصيص التي جاءت في النص تهدف لبيان أن الرهن ينصب على عقار معين ولا يمتد إلى عقارات أخرى من عقارات المدين، ولا يقصد به أن هذا العقار مخصصٌ لوفاء دين الدائن فقط دون غيره .
6- ما المقصود من قيد “من ثمن ذلك العقار”؟ هل حق التقدم يكون مقصورًا من ثمن العقار عندما يباع في المزاد العلني؟! بالطبع لا، فيحق للدائن أن يتقدم في حالة حل محل العقار مبلغٌ من النقود؛ سواء كان تعويضًا أو مقابل نزع الملكية للمنفعة العامة أو مبلغ تأمين، فوعاء التقدم في الحقيقة أوسع مما نصّ عليه المشرع في التعريف. وهذا ما يتماشى مع نص المادة 1088 من القانون المدني، التي نصت على أنه “يستوفي الدائنون المرتهنون حقوقهم قبْل الدائنين العاديين من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل محل هذا العقار، وذلك بحسب مرتبة كل منهم، ولو كانوا قد أجروا القيد في يوم واحد”.
خلاصة الأمر، وتأسيسًا على ما سبق، يمكننا طرح تعريف إجرائي للرهن الرسمي بأنه “حق عيني تبعي ينشأ عن طريق عقد رسمي يمنح الدائن المرتهن، الذي لا تنتقل إليه حيازة العقار أو المنقول المرهون المملوك للمدين أو الغير، حق التقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن العقار أو ما يحل محله من مال في أي يد تكون”.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق