![حرب إسرائيل على أطفال فلسطين](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/07/israels-war-on-palestinian-children.jpg)
الصِّدِّيق وأسرى بدر… تجسيد تاريخي وإنساني لقيم الرأفة والرحمة
![الصديق وأسرى بدر الصديق وأسرى بدر](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/01/الصديق-وأسرى-بدر.jpg)
مقالات مشابهة
-
جريمة اسمها التعليم!
قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق...
-
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟
لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو...
-
آخر فصول بايدن.. ومعارك ترامب الأخيرة!
شكّلت التطورات الدرامية المتسارعة في الولايات...
-
الغاشم الباطش المُنبطح
أثناء احتفالية الدولة المصرية بذكرى ميلاد رسولنا...
-
حقيقة جوهر جورج صليبا
أحياناً تقفز بك عشوائية وفوضى اليوتيوب إلى مواد...
-
أخلاقيات جيش الصهاينة
مازال قادة الكيان الصهيوني يتحدثون عن أخلاقيات...
مقالات منوعة
الصِّدِّيق وأسرى بدر… تجسيد تاريخي وإنساني لقيم الرأفة والرحمة
في غزوة بدر الكبرى (أول معركة مواجهة فاصلة بين المسلمين والمشركين)، كان أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) من كبار مستشاري النبي ﷺ، ومن أعظم الصحابة رأياً وتأثيراً في وقائعها ونتائجها، كما شارك برأيه المؤيد للمواجهة حين طلب النبي ﷺ الرأي قبل المعركة.
وقد رافق الصديق (رضي الله عنه) النبي المصطفى ﷺ في جولاته الاستطلاعية لجمع المعلومات عن الغزوة، وكان في حراسة النبي ﷺ بالعريش الذي خصصه لقائد المعركة؛ هذا علاوة على الدور الحاسم الذي لعبه الصدِّيق في تحديد مصير أسرى المعركة، وهنا لابد من وقفة تأملية، نستنبط منها عبرًا ودروسًا عظيمة تعج بقيم الرأفة والإنسانية.
قال ابن عباسٍ (رضي الله عنه): فلمّا أسروا الأسارى؛ قال رسول الله ﷺ لأبي بكرٍ وعمر: «ما ترون في هؤلاء الأسارى؟»، فقال أبو بكر: يا نبي الله! هم بنو العمِّ، والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فديةً، فتكون لنا قوَّةً على الكفار، فعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام؛ فقال رسول الله ﷺ: «ما ترى يا ابن الخطاب؟»، قال: لا والله، لا يا رسول الله! ما أرى الذي يراه أبو بكرٍ، ولكنِّي أرى أن تمكِّننا منهم، فنضرب أعناقهم، فتمكِّن عليّاً من عقيل، فيضرب عنقه، وتمكِّنني من فلانٍ (نسيب لعمر) فأضرب عنقه، فإنَّ هؤلاء أئمَّة الكفر، وصناديدها. (ابن حنبل، 1999، ج3/167)
ويروي لنا عمر (رضي الله عنه) ما كان بعد ذلك فيقول: فهوى رسول الله ﷺ ما قال أبو بكر ولم يهوَ ما قلتُ، فلمّا كان من الغد غدوتُ إلى النبي ﷺ وأبي بكر، وهما يبكيان، قلت: يا رسول الله! أخبرني من أيِّ شيءٍ تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكـاءً بكيت، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما؛ فقال رسول الله ﷺ: «أبكي لِلذي عرض عليَّ أصحابك من أخذهـم الفداء ولقـد عرض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشَّجرة». ـ شجرة قريبة من النبيِّ ﷺـ وأنزل الله عز وجل: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أَسْرى} [الأنفال: 67] إلى قوله: {فكلوا ممَّا غنمتم حلالاً طيِّبًا} [الأنفال: 69] فأحلَّ الله لهم الغنيمة. (ابن حنبل، 1999، ج3/167)
وفي روايةٍ عن عبد الله بن مسعودٍ (رضي الله عنه) قال: لمّا كان يوم بدرٍ قال رسول الله ﷺ: «ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟» فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله! قومك وأهلك، استبقهم واستأن بهم، لعلَّ اللهَ أن يتوب عليهم؛ وقال عمر: يا رسول الله! أخرجوك وكذَّبوك، قرِّبهم، فاضرب أعناقهم؛ وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله! انظر وادياً كثير الحطب، فأدخلهم فيه، ثمَّ أضرم عليهم ناراً، فقال العبّاس: قطعت رحمك.. فدخل رسول الله ﷺ، ولم يردَّ عليهم شيئاً، فقال ناسٌ: يأخذ بقول أبي بكرٍ، وقال ناسٌ: يأخذ بقول عمر، وقال ناسٌ: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، فخرج عليهم رسول الله ﷺ فقال: «إن الله ليليِّن قلوب رجالٍ فيه حتى تكون ألين من اللَّبن، وإن الله ليشدُّ قلوب رجالٍ فيه حتى تكون أشدَّ من الحجارة، وإنَّ مثلك يا أبا بكر! كمثل عيسى – عليه السلام- إذ قال: {إن تُعذِّبهم فإنَّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنَّكَ أنتَ العزيز الحكيم} [المائدة: 118] وإن مثلك يا عمر! كمثل نوحٍ، إذ قال: {وقال نوحٌ ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّارًا} [نوح: 26]، وإن مثلك يا عمر كمثل موسى إذ قال: {وقال موسى ربَّنا إنَّك آتيتَ فرعون وَمَلأه زينةً وأموالاً في الحياة الدُّنيا ربَّنا لِيُضِلُّوا عن سبيلكَ ربَّنا اطمس على أموالهم وَاشْدُدْ على قلوبهم فلا يؤمنوا حتَّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 88]». (ابن كثير، 1988، ج2/325)
كان النبيُّ ﷺ إذا استشار أصحابه تكلَّم في الشورى أولًا أبو بكرٍ، وربما تكلَّم غيره، وربما لم يتكلَّم غيره، فيعمل برأيه وحده، فإذا خالفه غيره اتَّبع رأيه دون رأي من يخالفه. (مال الله، 1989، ص325)
لم يكن أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) شخصية عادية في تاريخ الإسلام، فهو الصديق الأقرب إلى رسول الله ﷺ، ومستشاره الأول، ورفيق دربه في دعوته إلى الإسلام في مكة، وخلال الهجرة، وفي المدينة، وفي كل الغزاوت، وهو الخليفة الأول الذي أدار دفَّة الأمة وقادها إلى بر الأمان والنصر، وكان في بدر نبراساً فخر النبي الكريم ﷺ برأيه ومشورته، واعتد به.. رضي الله وأرضاه.
![د. علي محمد الصلابي](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/02/علي-محمد-الصلابي-150x150.jpg)
مفكر سياسي ليبي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
حرب إسرائيل على أطفال فلسطين
"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...
جريمة اسمها التعليم!
قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟
لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...
0 تعليق