عن العلماء الممسوخين.. الذين باعوا دينهم بدنيا الطغاة
بقلم: محمد خير موسى
| 28 فبراير, 2024
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: محمد خير موسى
| 28 فبراير, 2024
عن العلماء الممسوخين.. الذين باعوا دينهم بدنيا الطغاة
في زمن الأزمات، يتوجّه الناس إلى علماء الشريعة كمرجعيات، لكن البعض يخون الأمانة لمصالح دنيوية، مما يجعلهم “ممسوخين” في عيون الناس. يكشف المقال عن هذا التناقض ويدعو إلى تعريتهم وفضحهم، لأن تعرية الباطل هو فعلٌ قائم بذاته، ومنه ينبغي فضح الذين يبيعون دينهم بثمن زهيد.
علماء الشريعة في زمن الأزمات
في الأزمات الطارئة، والنوازل الداهمة، والخطوب الفادحة، والظلمات الحالكة، يهرع الناس إلى من يظنون أن الحل عندهم، فالناس في الأزمات تظهر بجلاء حاجتُهم إلى المرجعيات، أشخاصا كانوا أم مؤسسات.
وأوّل من يظن الناس في الأزمات أن الحل عندهم هم علماء الشريعة؛ فهم ورثة الأنبياء وحمَلَة الوحي والموقعون عن رب العالمين. ولكن الكارثة تكون عندما يقع الناس في حيصَ بيص، فيهرعون إلى علمائهم فلا يجدون كثيرًا منهم، يرونهم بينهم ومعهم ولكنهم لا يجدونهم، بل يجدونهم في الصف الآخَر حيث ينبغي أن لا يكونوا، أو يجدونهم قد تلفعوا بالصمت العميل، الذي يخدم الطاغية في طغيانه والباطل في استبداده واستعلائه.
هذه الحالة التي تلتطم فيها الجماهير المخذولة اليوم، عبّر عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين قال في ما يرويه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: “يكون في أمّتي فزعةٌ، فيصير الناس إلى علمائهم، فإذا هم قردة وخنازير”، وهذا الحديث وإن تحدّث العلماء في إسناده تضعيفًا له، إلّا أنه يستأنس به لا سيما وقد صدّقه الواقع والوقائع.
فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس قد فزعوا إلى علمائهم حين الخطوب لكنهم وجدوهم قد مُسخوا، ومن نافلة القول هنا أن نبيّن أن المسخ المقصود في الحديث مسخٌ معنويّ لا حسّي، أي أنَّهم وجدوهم على هيئةٍ لا تليق بالعلماء الذين كرّمهم الله فأهانوا أنفسهم ومسخوها.
أمَّا الصنف الأظهر من هؤلاء الممسوخين من العلماء فهم الذين باعوا دينهم بدنيا الحكّام الظلمة، والمستبدين الغشمة، أو المحتلين المجرمين، أو الأثرياء الطغاة؛ فهم يتحركون وفق رغبات الآخرين لا وفق ما يأمرهم به الشرع، وهم على استعداد لتحريف الكلم عن مواضعه مقابل حفنة من المال أو منصبٍ تافه، وينطبق عليهم قول الله تعالى في سورة البقرة: {فويلٌ للَّذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثمَّ يقولون هَٰذا من عند اللَّه ليشتروا به ثمنًا قليلًا ۖ فويلٌ لهم مِمَّا كتبَتْ أيديهم وويلٌ لّهم مِمَّا يكسبون} [سورة البقرة: 79].
فالعالم أو الدّاعية الذي يشغّله أو يطفئه، ويقدّمه أو يؤخّره، ويرفع صوته أو يخفضه؛ “الريموت كونترول” في يد السياسي أو الحاكم أو المخابرات، ولو كان ما يقوله حقًّا وصوابًا؛ هو عالم ممسوخ.
والعلماء الذين لا يكاد يمر يوم إلا ويسردون لك أخبار ثبات أحمد بن حنبل في محنته، حتى إذا تعرّضوا لأدنى موقف رأيتَ في ألسنتهم وأقلامهم سوط ابن داود، وعلت أكفهم ضارعة بطول العمر لقامعيهم؛ هم علماء ممسوخون.
والعلماء الذين لا يفتؤون يذكّروننا بأن إمامهم العزّ بن عبد السلام هو “بائع الملوك”، ثم نجدهم عند أوّل محكّ قد باعوا أنفسهم ودينهم بدنيا أتفه حاكم أو ملك أو سلطان؛ هم علماء ممسوخون.
والعلماء الذين طالما خاضوا معارك طاحنة دفاعا عن “شيخهم” ابن تيمية، حتى إذا استوجب أن يقتدوا بثباته في وجه الطغيان رأيتهم في صف التتار؛ هم علماء ممسوخون.
والعلماء الذين انحازوا إلى العسكر في مواجهتهم للشعوب الطالبة حريتَها، الطامحة لنيل كرامتها، فبرّروا القتل والقمع واستخدموا الشريعة لتبرير استعباد الإنسان للإنسان؛ هم علماء ممسوخون.
ألا وإنّ الأزمات كواشف، وإنّ المحن فواضح؛ فمن فضحته المواجهة بين الحق والباطل بانحيازه للباطل، ومن فضحته غزة بانحيازه للموالين للصهاينة؛ فإنه لا وزن لعلمه ولا قيمة لفصاحته وبلاغته.
وإن الواجب مع هؤلاء العلماء والدعاة الذين باعوا دينهم وعلمهم بدنيا أسيادهم هو تعريتهم وفضحهم وعدم الدفاع عنهم؛ فإن تعرية الباطل مقصدٌ قائم بذاته، ومن تعرية الباطل فضح الذين يمتطون النصوص خدمةً للظالمين، ويلوون ألسنتهم بالمصطلحات الشرعية ليبرّروا للطغاة طغيانهم، وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنّة على بيان خطر المتخذين ديننا سبيلًا لتبرير انحراف الحكّام وإرضائهم مقابل لعاعة من الدّنيا أو سلامة نفوسهم، والتشنيع على من يشترون بآيات الله ثمنًا قليلًا؛ فبئس ما يشترون.
مختص بقضايا الفكر الإسلامي ومشكلات الشباب
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق