الفاروق عمر (رضي الله عنه) وقضاء حوائج الناس

بواسطة | فبراير 2, 2024

بواسطة | فبراير 2, 2024

الفاروق عمر (رضي الله عنه) وقضاء حوائج الناس

كان الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) حريصًا على قضاء حوائج الناس، وجسَّد عهده قيمة التكافل الاجتماعي، ولعل هذه الخصال هي من أهم خصائله العظيمة، وذلك أن أمير المؤمنين الفاروق، يلي أبا بكر الصدّيق في الفضل، فهو أفضل الناس على الإِطلاق بعد الأنبياء، والمرسلين، وأبي بكرٍ، وهذا ما يلزم المسلم اعتقاده في أفضليته – رضي الله عنه-، وهو معتقد الفرقة الناجية أهل السنَّة والجماعة.

فاروق العدل والتكافل الاجتماعي: عمر بن الخطاب

قال ابن عباس: كان عمر – رضي الله عنه- كلّما صلَّى صلاة جلس للناس، فمن كانت له حاجة نظر فيها، فصلَّى صلوات لم يجلس بعدها، فأتيت الباب، فقلت: يا يرفأ! أبأمير المؤمنين علَّةٌ من شكوٍ؟ قال: لا، فبينما أنا كذلك؛ إِذ جاء عثمان، فدخل يرفأ ثم خرج علينا، فقال: قم يا بن عفان! قم يا بن عباس! فدخلنا على عمر وبين يديه صُبَرٌ من مال، فقال: إني نظرت، فلم أجد بالمدينة أكثر عشيرة منكما، فخذا هذا المال، فاقسماه بين الناس، وإِن فضَل فضْلٌ؛ فردّاه. قال: فجثوت لركبتي، فقلت: وإن كان نقصان؛ رددتَ علينا؟ فقال: شنشنة أعرفها من أخزم، أين كان هذا ومحمَّد صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون القدَّ؟ قلت: لو فتح الله لصنع غير الذي تصنع، قال: وما كان يصنع؟ قلت: إذاً لأكل، وأطعمنا. قال: فنشج حتى اختلفت أضلاعه، وقال: لوددت أني خرجت من الأمر كفافاً لا عليَّ، ولا لي. (ابن سعد،1968،ج3، ص278)

وعن سعيد بن المسيِّب قال: أصيب بعيرٌ من الفيء، فنحره عمر – رضي الله عنه- وأرسل منه إِلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وصنع ما بقي، فدعا عليه جماعةً من المسلمين، وفيهم العباس بن عبد المطلب، فقال العبَّاس: يا أمير المؤمنين! لو صنعت لنا كلّ يوم مثل هذا، فأكلنا عندك وتحدَّثنا! فقال عمر: لا أعود لمثلها، إنه مضى صاحباي وقد عملا عملاً، وسلكا طريقاً، وإني إن عملت بغير عملهما؛ سُلِكَ بي غير طريقهما.

وعن أسلم مولى عمر: استعمل عمر مولىً له على الحِمَى، فقال: يا هنيُّ اضمم جناحك عن المسلمين، واتَّق دعوة المظلوم، فإنها مستجابة، وأدخل ربَّ الصُّريمة، والغُنيمة، وإِيايَّ ونَعم ابن عوف، ونعم ابن عفان، فإنهما إِن تهلك ماشيتهما؛ يرجعان إلى زرع، ونخل، وإِن ربَّ الصُّريمة والغُنيمة إِن تهلك ماشيتهما؛ يأتيني ببنيه، فيقول: يا أمير المؤمنين! أفتاركهم أنا؟ لا أبا لك! فالماء، والكلأ أيسر عليَّ من الذهب، والفضّة، وايم الله! إنهم ليرون أني ظلمتهم، إنها لبلادهم، قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإِسلام، والذي نفسي بيده! لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله؛ ما حميت عليهم بلادهم شبراً.

وعن موسى بن أنس بن مالك: أنّ سيرين – والد محمَّد بن سيرين- سأل أنساً المكاتبة، وكان كثير المال، فأبى، فانطلق إلى عمر، فقال: كاتبه، فأبى، فضربه بالدِّرَّة، ويتلو عمر {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} [النور: 33] فكاتبه.

وفي القصة الأخيرة نرى عبداً يطلب حرّيته، وسيداً يأبى، وحاكماً ينصف، وينفذ رأي العبد، ويترك رأي السيّد، أين تجد هذا في التاريخ على طوله، وعرضه؟! (الذهبي،1987، ص272).

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...