“الفيتو” الأميركي ضد إقامة الدولة الفلسطينية
بقلم: خليل العناني
| 21 أبريل, 2024
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: خليل العناني
| 21 أبريل, 2024
“الفيتو” الأميركي ضد إقامة الدولة الفلسطينية
قبل عدة أيام استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ضد قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، أي الاعتراف بقيام دولة فلسطينية مستقلة؛ وفي الوقت الذي حظي فيه مشروع القرار الذي قدمته الجزائر بتأييد 12 عضوا من أعضاء مجلس الأمن، وامتناع عضوين عن التصويت، هما بريطانيا وسويسرا، فإن واشنطن عطلّت صدور القرار. فماذا يخبرنا هذا الفيتو الأميركي؟
أولاً، هذا الفيتو يعني أن كل التصريحات الأميركية على مدار العقود الماضية حول حل الدولتين لم تكن سوى أكاذيب وأوهام كبيرة، جرى ترويجها من أجل تخدير الفلسطينيين والعرب والعالم؛ فقد كشف الفيتو الأميركي أنه ليس هناك أية جدية أميركية حقيقية في ما يخص هذا الموضوع، وأن كل ما يُقال مجرد “حكي” وكلام فارغ، خاصة في ظل عدم وجود أي التزام أو وثيقة أميركية ملزمة بهذا الشأن؛ وهو يعد نكوصاً واضحاً عما كانت تقوله الإدارات الأميركية المختلفة، بدءاً من بيل كلينتون، مرورا بجورج دبليو بوش وأوباما، وصولاً إلى بايدن.
ثانياً، أسقط الفيتو الأميركي بالضربة القاضية مسارَ السلام (مسار أوسلو)، الذي بدأ قبل ثلاثة عقود، وكشف أن هذا المسار لم يكن سوى غطاء أميركي، هدفه الأساسي هو شراء الوقت لصالح إسرائيل كي تتمكن من أرض فلسطين؛ وهو المسار الذي كانت – ولا تزال- تختبئ خلفه السلطة الفلسطينية، خاصة تحت قيادة الرئيس الحالي محمود عباس (أبو مازن)، الذي يعلم جيدا أن هذا المسار مجرد وهم كبير، ولكنه يتمسك به من أجل مصالحه ومصالح شركائه في السلطة وحلفائه الإقليميين؛ وهو ما يعرّي السلطة الفلسطينية أمام الشعب الفلسطيني، ويكشف تهافتها في التمسك بهذا المسار العبثي. ولعل أضعف الإيمان هو الانسحاب من هذا المسار العبثي، الذي لم يتبقَّ منه سوى اسمه فقط.
ثالثاً، كشف الفيتو الأميركي أن من تمتلك حق الفيتو في مجلس الأمن ليست أميركا وإنما إسرائيل؛ فمن بين ٩٠ مرة استخدمت فيها أميركا حق الفيتو، منذ إنشاء المجلس عام ١٩٤٥، كان حوالي نصف هذا العدد لصالح إسرائيل، وكأن هذه الأخيرة لديها مقعد في مجلس الأمن. كما أن الفيتو الأميركي يتناغم بشكل كبير مع قرار الكنيست الإسرائيلي، الذي تم تمريره أواخر فبراير الماضي بأغلبية كبيرة، والذي يرفض الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية، أي إن واشنطن توفر الغطاء الدولي عبر مجلس الأمن لدعم قرار الكنيست.
رابعاً، إن هذا الفيتو يؤكد بأن مسار التطبيع الذي اتخذته بعض الدول العربية، والذي تفكر في اتخاذه دول أخرى، ليس له علاقة من قريب أو بعيد بالدولة الفلسطينية، وإنما هو لمصالح خاصة بهذه البلدان، ولا يمكن لأحد أن يتذرع أو يتحجج بأنه يطبّع من أجل فلسطين. ولو أن هذه الدول جادة في ادعائها الحفاظ على حق الفلسطينيين في الاستقلال، والحصول على دولة مستقلة، لتوجب عليها أن تتوقف فوراً عن التطبيع مع إسرائيل، خاصة بعد أن كشفت أميركا عن نواياها الحقيقية، والتي أكدها وزير الخارجية الأميركي، الصهيوني أنتوني بلينكن، الذي برّر الفيتو الذي اتخذته بلاده بأن أي إقامة للدولة الفلسطينية يجب أن يرتبط بأمرين؛ هما أمن إسرائيل ودمجها في المنطقة العربية.. أي إن التطبيع هدفه الأساسي هو إسرائيل وليس القضية الفلسطينية.
كان بمقدور إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن تمتنع عن التصويت، كما فعلت في القرار الأخير لوقف إطلاق النار، ولكنها آثرت الاستسلام للابتزاز الإسرائيلي؛ ولا نستبعد أن يكون هذا الفيتو الأميركي جزءاً من صفقة عقدها بايدن مع بنيامين نتانياهو، وذلك حتى لا يقوم الأخير برد انتقامي كبير ضد إيران رداً على هجومها على إسرائيل قبل أسبوع؛ فإدارة بايدن كانت تخشى من أن يؤدي الرد الإسرائيلي المتهور إلى إشعال حرب إقليمية، تتورط بها دفاعاً عن إسرائيل، ولذلك جاء استخدام الفيتو مقابل قيام إسرائيل برد رمزي على طهران، وهو ما شاهدناه في استهداف مدينة أصفهان الإيرانية. كذلك لا نستعبد أيضا أنه جزء من استرضاء نتانياهو، حتى لا يقوم بعملية هجومية كبيرة في مدينة رفح قد تُسقط آلاف الشهداء، لأن هذا قد يؤثر سلبا على حظوظ بايدن الانتخابية.. أي إن الفيتو الأميركي قد حقق لبايدن ونتانياهو مكاسب داخلية وخارجية، وذلك على حساب حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة.
وأخيرا، يُشاع أن أبو مازن عندما سأل الرئيس بايدن – أثناء زيارته للضفة الغربية في يوليو 2022- حول إمكانية إقامة دولة فلسطينية، رد المتصهين بايدن أن ذلك سيحدث فقط عندما يعود المسيح إلى الأرض.. وهي الإجابة التي أكدها بشكل لا لبس فيه الفيتو الأميركي الذي رفض الاعتراف بقيام هذه الدولة.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق