القارة الصفراء في الدوحة الغراء

بواسطة | مايو 13, 2023

بواسطة | مايو 13, 2023

القارة الصفراء في الدوحة الغراء

في 2 ديسمبر 1988، وعلى استاد سحيم بن حمد آل ثاني بنادي قطر، وعلى أهازيج العرضة القطرية “بالعز يا دارنا لمن مشينا سوية”، افتتح سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني -حفظه الله- كأس آسيا التاسعة لكرة القدم في الدوحة؛ وشهدت آسيا كلها حينها بداية الهيمنة القطرية في تنظيم البطولات الرياضية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص.
أقيمت البطولة وقتها بعشر منتخبات، وتُوج في ختام البطولة المنتخب السعودي باللقب، بعد فوزه على الكوري الجنوبي، ليحافظ على اللقب الذي ناله من استاد حمد بن خليفة، في النادي الأهلي بتاريخ 18 ديسمبر 1988. وقد أصبحت من ذلك الحين بطولة كأس آسيا 88، وتاريخ الافتتاح (2 ديسمبر)، والختام (18 ديسمبر)، أرقاما وأحداثا تاريخيه مرتبطة بتاريخ كرة القدم العالمية.

قبل عام من انطلاق كأس آسيا 2023، التي كان من المفترض أن تقام في الصين، ولكن جاء اعتذار الصين عن عدم التنظيم، لتعود الدوحة من جديد، فتؤكد مكانتها العالمية، كعاصمة للرياضية

وبعد 23 سنة، أقيمت من جديد بطولة كأس آسيا في الدوحة، إذ تم افتتاح البطولة الآسيوية في قطر للمرة الثانية في 2011، بعد أيام قليلة من قرار فوز دولة قطر باستضافة كأس العالم 2022، وبالذات في تاريخ 2 ديسمبر. وآنذاك افتتح سمو الأمير الوالد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، كأس آسيا الخامسة عشرة في استاد خليفة، وعندها زادت عدد المنتخبات المشاركة إلى 16 فرقة؛ وفي نهاية البطولة توج حضرة صاحب السمو، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، المنتخبَ الياباني باللقب.
ووصولا إلى عام 2022، قبل عام من انطلاق كأس آسيا 2023، التي كان من المفترض أن تقام في الصين، ولكن جاء اعتذار الصين عن عدم التنظيم، لتعود الدوحة من جديد، فتؤكد مكانتها العالمية، كعاصمة للرياضية، وتستلم زمام المبادرة لتنظيم البطولة للمرة الثالثة في تاريخها، ولتصبح أكثر الدول تنظيما للبطولة، بعد العديد من النجاحات المميزة في التنظيم، وآخرها كان استضافة كأس العالم 2022، الأنجح في التاريخ بشهادة الجميع، وفيها تُوج المنتخب الأرجنتيني باللقب في 18 ديسمبر.
وأستذكر حقيقة تصريح سعادة الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم، بعد إسناد مهمة تنظيم بطولة كأس آسيا 2023 الذي نص على: “من حق آسيا أن تحضر للدولة “قطر”، والاستمتاع بالمنشآت المونديالية لمن تعذر عليه حضور المونديال”.
بالأمس تمت قرعة كأس آسيا 2023، في دار الأوبرا في كتارا في العاصمة القطرية الدوحة، وبحضور جياني إنفنتيانو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، ومعالي الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم، ورئيس اللجنة المنظمة العليا للبطولة.
سُحبت قرعة البطولة التي يشارك فيها 24 منتخبا، يتقدمهم المنتخب القطري، صاحب الأرض والجمهور، وحامل اللقب.. قرعة كان عنوانها المنطق والتوازن في مجموعاتها الست، التي ضمت في الأولى منتخب قطر، حامل اللقب، والصين وطاجيكستان ولبنان، وفي المجموعة الثانية منتخبات أستراليا وأوزبكستان وسوريا والهند، وضمت المجموعة الثالثة منتخبات إيران والإمارات وهونغ كونغ وفلسطين، وفي المجموعة الرابعة اليابان وإندونيسيا والعراق وفيتنام، وضمت المجموعة الخامسة منتخبات كوريا الجنوبية وماليزيا والأردن والبحرين، وفي المجموعة السادسة السعودية وتايلاند وقيرجستان وعمان.

القرعة قد توصل المنتخبات العربية العشرة المشاركة في البطولة إلى الدور الثاني، وهذا أمر قد يصبح تاريخيا، ولأول مرة في تاريخ الكرة العربية الآسيوية في كأس آسيا.

المجموعات اتسمت نوعا ما بالتوازن، واستُبعد احتمال خروج المنتخبات الكبيرة من الدور الأول في البطولة، خاصة وأن نظام البطولة يقتضي أن يتأهل للدور الثاني أصحاب المركزين الأول والثاني من كل مجموعة، وأفضل أربعة منتخبات تحصل على المركز الثالث في المجموعات الستة.
القرعة قد توصل المنتخبات العربية العشرة المشاركة في البطولة إلى الدور الثاني، وهذا أمر قد يصبح تاريخيا، ولأول مرة في تاريخ الكرة العربية الآسيوية في كأس آسيا. والملفت في هذه البطولة غياب المنتخب الكويتي صاحب التاريخ الكبير، وأول منتخب عربي يحصل على اللقب عام 1980؛ ويحصل الغياب للمرة الثانية، بعد أن غاب الأزرق الكويتي عن البطولة السابقة التي أقيمت في الإمارات؛ فتمنياتي للأزرق بعودة سريعة إلى سابق عهده.
ولو وقفنا لوهلة لقراءة حظوظ المنتخبات في الظفر باللقب، لرأينا أن العديد من المنتخبات حظوظها كبيرة بالفوز بالكاس الغالية؛ وبلا شك فإن العنابي صاحب الأرض والجمهور وحامل اللقب يملك فرصا كبيرة للحفاظ على الكأس، كونه يخوض غمار البطولة بين جماهيره، ولما لديه من نجوم في المنتخب، معظمهم شاركوا في تحقيق اللقب الأخير بوجود المدرب الكبير البرتغالي كيروش الخبير بالكرة الآسيوية. ولا يمكن أن نستبعد المنتخب الياباني زعيم هذه البطولة، لكونه أكثر من حقق اللقب في أربع مناسبات آخرها في الدوحة 2011؛ وكذلك المنتخب السعودي، بعد النتائج المميزة والمبهرة التي حقهها في مونديال قطر، وللإرث الكبير للأخضر السعودي في البطولة، ولكون الدوحة دائما تكون فألا حسنا على المنتخب السعودي، ومن ذلك تحقيقه للقب في الدوحة عام 1988.

كأس آسيا 2023 القادمة سيكون بلا شك محط أنظار آسيا، ليقين آسيا وكل من فيها بأن دولة قطر ستبدع وستبهر، كعادتها دائما في تنظيم البطولات.

كذلك لدى المنتخب الكوري الجنوبي القوي فرصته، ومثله المنتخب الأسترالي الذي سبق له تحقيق اللقب في 2015؛ ولا يمكن أن نستبعد منتخب إيران من حظوظ المنافسة على اللقب، لما لديه من أسماء لامعة تمتلك خبرة عالية.
وفي كل بطولة يتكرر مصطلح الحصان الأسود، ومن المؤكد أن هذه البطولة ستشهد ولادة منتخبات قد تُحدث مفاجأة؛ ومنها، َمن وجهة نظري، منتخبا فيتنام وسوريا، وأيضا منتخب العراق الذي احرز لقب 2007، خاصة بعد تتويجه في كأس الخليج الأخيرة، التي أقيمت في البصرة، ومشاركة منتخبهم الشاب في كأس العالم للشباب، التي ستنطلق بعد أيام في الأرجنيتن.
كأس آسيا 2023 القادمة سيكون بلا شك محط أنظار آسيا، ليقين آسيا وكل من فيها بأن دولة قطر ستبدع وستبهر، كعادتها دائما في تنظيم البطولات. ومن المؤكد أننا سنكون على موعد مع حدث سيُخلَّد، وسيبقى يحمل أثرا كبيرا في تاريخ الكرة الآسيوية. وسيشهد البطولة حشد جماهيري آسيوي وعربي كبير، للاستمتاع بأجواء الدوحة الشتوية، واستذكار الأفراح والليالي الملاح، التي كانت ممتدة في الدوحة من سوق الوكرة القديم مرورا بسوقف واقف وصولا إلى لوسيل، خلال مونديال قطر 2022. وبلا شك، كأس آسيا لن يقل متعة وإبهارا عن المونديال.
وأهلا بالجميع في دوحة الجميع.

علي عيسى

إعلامي قطري

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...