القرار الأمريكي

بواسطة | يونيو 11, 2024

بواسطة | يونيو 11, 2024

القرار الأمريكي

بعد ثمانية أشهر من الصراع في الشرق الأوسط، خلال الحرب التي تشنها إسرائيل بلا هوادة على قطاع غزة، يأتي قرار مجلس الأمن عبر التصويت على المشروع الأمريكي بوقف فوري لإطلاق النار، مع الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس.

هي الحرب التي دعمها – سواء بشكل عسكري أو سياسي- العديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، التي شاركت في التصويت على إيقاف الحرب، وما زالت متواصلة حتى كتابة هذه السطور، بل لم يكن ما حدث في مخيم النصيرات ببعيد عن توقيت اجتماع مجلس الأمن.

 قبل القرار، أجرى وزير الخارجي الأمريكي أنتوني بلينكن عدة زيارات إلى مصر، السعودية، قطر، الأردن وإسرائيل لمناقشة مسودة المشروع، الذي بذلت فيه مصر وقطر جهودا كبيرة حتى يصل إلى محطته الأخيرة.. وتعد هذه الجولة هي الثامنة له لأجل الوصول إلى مقترح نهائي.

ينبغي على المجتمع الدولي أن يسعى إلى إنهاء المأساة التي تسبب فيها عبر مشاركته أو صمته، وقد وصل عدد القتلى والمصابين إلى أكثر من 32 ألف شخص معظمهم من الأطفال، حسب تصريح وزارة الصحة الفلسطينية، ويتردد أن عدد القتلى والجرحى تجاوز 120 ألفا، هذا خلاف عشرات الآلاف من المفقودين، وخلاف الدمار الذي لحق بالقطاع.

هناك أكثر من مليوني شخص يواجهون حياة لا آدمية، ويتعرضون لأسوأ ظروف المعيشة، وبحاجة إلى العودة إلى ديارهم، لذا هم بحاجة إلى تطبيق قرار مجلس الأمن بوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق صراح الرهائن الإسرائيليين.

وافقت حماس على القرار، لكن مكتب نتنياهو صرح بأن وقف إطلاق النار سيتم بعد القضاء على القوة العسكرية لحماس، وهي الطريقة التي يتبعها قادة دول الاحتلال دائما في التلاعب لتنفيذ أجندتهم وليس الأجندة الدولية، فالقرار ينص بكل وضوح على “ضرورة وقف فوري ودائم لإطلاق النار لحماية المدنيين من جميع الأطراف، وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية، وتخفيف المعاناة، بالتزامن مع إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين”، لكن نتنياهو يماطل حتى لا يقال عنه لدى شعبه إنه خسر الحرب في غزة، وهو يعلم أن في قرار مجلس الأمن نجاة وإنقاذا له من الورطة التي وضع فيها نفسه في غزة، مع جيشه الذي لم يستطع تحقيق أهدافه الاستراتيجية والعسكرية والسياسية، التي حددها قبل بداية حربه على غزة!

ثم إن القرار أدان بشكل واضح هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وطالب حماس والجماعات المسلحة الأخرى بالسماح بأن تصل المساعدات الإنسانية إلى الرهائن الإسرائيليين في غزة، أي إن القرار في صالح نتنياهو وحكومته، بل هو – كما ذكرنا- بمثابة إنقاذ لهم من ورطتهم في غزة. وقد وصل الصلف الإسرائيلي إلى أن يُبلغ سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، جلعاد أردان، السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، بمعارضة إسرائيل لهذا القرار.

ربما يُغضب إسرائيل ما جاء في القرار “الولايات المتحدة تعارض أي محاولة للتغيير الديموغرافي أو الوضع القائم في غزة”، وهو ما تسعى إليه إسرائيل عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا، ذلك أن إسرائيل نفسها قدمت قبل ذلك مقترحا – حسب تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن- لعملية من ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى  يتم فيها تبادل الأسرى، والمرحلة الثانية يتم فيها وقف إطلاق النار، وفي المرحلة الثالثة تتم إعادة إعمار غزة، ولربما هذا أحد الأسباب التي جعلت إسرائيل تعترض على المشروع الأميركي الأخير، الذي وافق عليه مجلس الأمن!

يقول النتنياهو إنه لن ينهي الحرب في غزة حتى تحقق جميع أهدافها، ولا أعرف كم شهرا وكم سنة يحتاج رئيس الوزراء الإسرائيلي لكي يحقق أهداف حربه!. الجنين في بطن أمه يتكون في تسعة أشهر، ونتنياهو قارب على إتمام تسعة أشهر في حربه ولم يحقق هدفا واحدا منها، فلا هو حرر جميع الأسرى الإسرائيليين ولا قضى على كتائب القسام وقيادات حماس.. الرجل يحارب طواحين الهواء، ويتحدث في غرور وكبر السياسي الفاشل، الذي كلما هزم في معركة راح يدعي الانتصار قارعا طبول النصر.

ربما يفهم أطباء علم النفس حالته هذه أكثر مني، فيقومون بتشريحها لنا، علنا نفهم شخصيته ورؤيته التي لا يراها أحد إلا هو وأعضاء حكومته داخل إسرائيل!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...