“القرن التركي”.. يبدأ للأصدقاء والأعداء على حد سواء
بقلم: نديم شنر
| 5 يونيو, 2023
مقالات مشابهة
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
-
“سيد اللعبة”.. قصة هنري كيسنجر ودوره في الشرق الأوسط (1)
عندما كنت أحضّر حلقة وثائقية من برنامج مذكرات عن...
-
11 سبتمبر.. هل استوعبت أمريكا الدرس؟
بعد مرور أكثر من عقدين على أحداث 11 سبتمبر 2001،...
-
أبناء الله وأحباؤه
يروى أن رجلاً كان لديه خاتم الحكمة، فقرر إذ مرض...
-
الظلم الغربي في دعم العدوان على غزّة
في القرآن الكريم، وردت الإشارة إلى العدوان سبعاً...
مقالات منوعة
بقلم: نديم شنر
| 5 يونيو, 2023
“القرن التركي”.. يبدأ للأصدقاء والأعداء على حد سواء
قدم رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، رسالة “القرن التركي” أمام ما يقرب من 100 ضيف أجنبي من 81 دولة، بمن فيهم 50 رئيس دولة، و4000 ضيف من داخل البلاد، وأمام العالم بأسره على الشاشات.
وأعلن أردوغان، الذي أعيد انتخابه رئيسا بنسبة 52.18 في المائة من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات في 28 مايو، قائمة مجلس الوزراء الذي سيخدم في الولاية الجديدة، بعد انتهاء مراسم أداء اليمين الدستورية في البرلمان التركي في 3 يونيو والاجتماع الذي ترأسه في قصر تشانكايا في المساء.
أظهر أردوغان في خطابه هدفه في المستقبل حيث قال: (سنحرر ديمقراطيتنا من دستور الانقلاب الحالي ونعززها بدستور تحرري ومدني وشامل، وسنواصل تنمية بلدنا من خلال الاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات وفائض الحساب الجاري).
وقبل الحديث عما تعنيه تلك القائمة، لا بد من أن ألفت الانتباه إلى أن حفل أداء اليمين الرئاسية، ثم الحفل في المجمع الرئاسي، ثم الاجتماع بأكمله في قصر تشانكايا كان مليئا بالرسائل حول الفترة الجديدة. وأود أن ألفت الانتباه بشكل خاص إلى إعلان القائمة الجديدة لمجلس الوزراء في تشانكايا؛ حيث كانت تشانكايا المكان الذي شغل فيه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس جمهورية تركيا، منصب الرئيس، بالإضافة إلى أن هذا المكتب مرتبط بجمهورية تركيا وأتاتورك؛ وحقيقة أن الرئيس الثاني عشر رجب طيب أردوغان وضع قائمة مجلس الوزراء في مثل هذا اليوم في قصر تشانكايا، حيث كان أتاتورك فيه رئيسا، كانت مهمة من حيث ما عكسته عن مدى احترامه لتقاليد الدولة.
وإلى جانب ذلك، أظهر أردوغان في خطابه هدفه في المستقبل حيث قال: “سنحرر ديمقراطيتنا من دستور الانقلاب الحالي ونعززها بدستور تحرري ومدني وشامل، وسنواصل تنمية بلدنا من خلال الاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات وفائض الحساب الجاري. نحن مصممون على وضع مبدأ غازي مصطفى كمال “السلام في الوطن، السلام في العالم” موضع التنفيذ بمعناه الحقيقي”.
ومع ذلك، يجب فهم تصريح مصطفى كمال أتاتورك “السلام في الوطن، السلام في العالم” بشكل صحيح. ففي الآونة الأخيرة، وخاصة خلال عملية الانتخابات الرئاسية، تعرضت تركيا لهجمات مباشرة وغير مباشرة من حلفائها، وخاصة من حلف شمال الأطلسي؛ ومازال ذلك مستمرا. فعلى سبيل المثال، تدعم الولايات المتحدة بشكل علني منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية وامتدادها في سوريا، وهي المنظمة التي تريد تقسيم تركيا. كما أنها تحمي وتدعم علنا منظمة فتح الله الإرهابية وزعيمها فتح الله غولن، الذي نفذ محاولة الانقلاب العسكري في 15 تموز/ يوليو 2016.
وتدعم كل من الولايات المتحدة ومعظم حلفاء تركيا في الناتو، مثل ألمانيا وفرنسا وبلجيكا والنمسا والدنمارك وهولندا واليونان، المنظمات الإرهابية المناهضة لتركيا ويقومون بحمايتها علنا؛ وهذا يبين لنا أهمية أن ننتبه إلى عبارة “السلام في الوطن، السلام في العالم” وأن نكون حذرين من الأصدقاء الأعداء. لذلك، من غير الوارد أن تثق تركيا في الدول الغربية والولايات المتحدة وأوروبا دون قيد أو شرط.
التغيير المعاكس في السياسة الاقتصادية، سيعني التغيير المعاكس في سياسة تركيا الدولية وسياساتها الأمنية والدفاعية؛ وهذا يتناقض مع فهم أردوغان للسياسة “الوطنية والمحلية”، التي تعطي الأولوية للمصالح الوطنية
في الواقع، كشف الرئيس الثاني عشر، رجب طيب أردوغان، بوضوح عن موقفه من هذه القضية في خطابه:
“بصفتنا رئيس دولة تم انتخابه من قبل أمته مرتين، أصبحت يدنا الآن أقوى في الدفاع عن مصالح تركيا. ومن الآن فصاعدا، سيرى المجتمع الدولي تركيا تأخذ المزيد من المبادرات في حل الأزمات العالمية، وتسعى جاهدة لإحلال السلام والاستقرار في منطقتها، وتعمل بقوة أكبر من أجل تنمية العالم التركي والعالم الإسلامي، وتهتم أكثر بالمظلومين والضحايا.
في المرحلة الجديدة، سيجد محاورونا أمامهم تركيا تحارب بحزم أكبر ضد المنظمات الإرهابية داخل وخارج حدودها، وتنظر إلى حقوقها وحقوق أشقائها في الوطن الأزرق بقوة أكبر، وترفع مستوى النجاح من الاقتصاد إلى التجارة، ومن الأمن إلى الديمقراطية.. باختصار، ستكون تركيا أكثر تصميما وشجاعة ورحمة ونشاطا في كل مجال”.
ولمعرفة ما تعنيه كلمات الرئيس رجب طيب أردوغان هذه، يكفي إلقاء نظرة على قائمة مجلس الوزراء التي تم الإعلان عنها في اليوم نفسه، في 3 يونيو 2023، في قصر تشانكايا.
حيث أعلن أردوغان عن اسم محمد شيمشك وزيرا للخزانة والمالية في بيانه، وهو اسم معروف جيدا، ليس فقط من قبل دوائر العواصم الغربية، ولكن أيضا من قبل منطقة الخليج. ووفقا لبعض المحللين، ستحدث تغييرات أساسية للغاية في السياسة الاقتصادية المتبعة اليوم؛ ولكني لا أعتقد ذلك، لأن السياسة الاقتصادية الحالية ترتبط ارتباطا وثيقا بسياسة تركيا الخارجية وسياساتها الدفاعية والأمنية. وعليه، فالتغيير المعاكس في السياسة الاقتصادية، سيعني التغيير المعاكس في سياسة تركيا الدولية وسياساتها الأمنية والدفاعية؛ وهذا يتناقض مع فهم أردوغان للسياسة “الوطنية والمحلية”، التي تعطي الأولوية للمصالح الوطنية، والتي سعى إليها بشكل خاص منذ عام 2016.
سيتم دعم أحزاب التحالف الجمهوري، الذي يملك الأغلبية في البرلمان التركي تحت قيادة أردوغان، إلا أن الدعم الحقيقي سيأتي من الأمة التركية التي دعمت هذه السياسات في الانتخابات
وهذه سياسة مهمة ليس فقط لتركيا، ولكن أيضا لأذربيجان صديقة تركيا، وللكثيرين غيرها وخاصة بالنسبة للجمهوريات التركية ودول الخليج وليبيا وبالنسبة للبلدان الأفريقية أيضا.
أود أن أذكِّر بالجمل التالية من خطاب أردوغان: “من الآن فصاعدا، سيرى المجتمع الدولي تركيا تأخذ زمام المبادرة بشكل أكبر في حل الأزمات العالمية، وتسعى جاهدة لإحلال السلام والاستقرار في منطقتها، وتعمل بقوة أكبر من أجل تنمية العالمين التركي والإسلامي، وتحمي المظلومين والضحايا أكثر”. ومن أجل معرفة ما تعنيه هذه الجملة، أود أن ألفت الانتباه إلى تعيين هاكان فيدان، رئيس جهاز الاستخبارات الوطني، في وزارة الخارجية وتعيين يشار غولر، رئيس هيئة الأركان العامة، في وزارة الدفاع الوطني. حيث يعمل أصحاب هذه الأسماء منذ سنوات على صياغة وتنفيذ السياسات “الوطنية والمحلية” التي ذكرتها، والآن سوف يخدمون هذه السياسة على المستوى الوزاري. وسيرى العالم بأسره، وخاصة الدول الغربية المعادية، أن تركيا ستلعب دورا رائدا في حل العديد من المشكلات في منطقتها.
وتنفيذا لهذه السياسة، سيتم دعم أحزاب التحالف الجمهوري، الذي يملك الأغلبية في البرلمان التركي تحت قيادة أردوغان، إلا أن الدعم الحقيقي سيأتي من الأمة التركية التي دعمت هذه السياسات في انتخابات 14 و 28 مايو بنسبة 52.18 في المئة.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في تاريخها السياسي والاجتماعي، تمثل في سقوطها بيد العسكرة الإمبراطورية البيزنطية في القرن الرابع الهجري، وجاء في إطار الصراع السياسي والعسكري المستمر بين الإمبراطورية البيزنطية والدولة الحمدانية العربية، التي كانت تسيطر على...
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض الانصياع للقانون الأدبي لتكون حرة طليقة لايحكمها شيء.. وتحكم هي بمزاجها ما حولها.. تأطيرها في قانون متفق عليه لتخرج من كونها حكما مزاجيا، وتدخل عالم التدرج الوظيفي الإبداعي الذي نستطيع أن نتعامل معه ونقبل منه الحكم على...
هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها؟
مع تزايد الدعوات في واشنطن لكي تتولى أوروبا مسؤولية دفاعها وأمنها، ترتجف بروكسل خوفًا من النتائج.. إن التحول في الكيفية التي ينظر بها كل من جانبي الأطلسي إلى موقف الآخر من شأنه أن يوفر الدفعة التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي لكي يصبح حليفًا أقل اعتمادًا على الولايات...
0 تعليق