بشار الأسد.. حكيم عيون وطبيب روحاني وصاحب كرامات!

بواسطة | فبراير 13, 2024

بواسطة | فبراير 13, 2024

بشار الأسد.. حكيم عيون وطبيب روحاني وصاحب كرامات!

في مقال يتناول الشائعات والصمت الرسمي حيال حرب غزة، يبرز دور الرئيس بشار الأسد ومعجزات حكمه. يتحدث عن الصمت العربي وسياسات الممانعة وسوريا، مع التركيز على نقاط الضعف في حكم الأسد. يعكس التحليل التصنيفات السياسية والحقوقية في الشرق الأوسط.

الصمت العربي – بين شائعات الدعم ومعجزات الحكم

في ظل ما يتردد من شائعات مغرضة، تطال عدداً كبيراً من الحكام والمسؤولين العرب، عن المشاركة في حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، والتي دخلت شهرها الرابع، سواء كانت هذه المشاركة بالموافقة الضمنية على إنهاء وجود حركات المقاومة في القطاع، أو بالتقاعس عن مد يد المساعدة للأبرياء الباحثين عن طوق نجاة، أو بالصمت المخزي وعدم النطق بكلمة دعم للأشقاء، وهذا أضعف الإيمان.. في ظل هذه الشائعات، فإنني ألتمس العذر لواحد منهم فقط، لم نر منه فعلاً ولم نسمع له صوتاً بشأن ما يجري، رغم أنه كان يُفترض أن يكون أول الداعمين، وفي مقدمة الصفوف لنصرة أهالي غزة؛ ولِمَ لا وهو قائد محور “الصمود والممانعة” على امتداد أمتنا؟!

أتحدث عن الدكتور متقاعد بشار الأسد.. أما سبب التماس العذر له، فلأنه الحاكم العربي الوحيد الذي ظهرت عليه كرامات قد تصل إلى حد المعجزات، ليتبوأ مكانة رفيعة ومقاماً عالياً بين كل السادة الأفاضل القابعين في قصور الحكم على طول الكرة الأرضية وعرضها. هذه الكرامات قد تجعله فوق النقد، وبعيداً عن المساءلة، وأكبر من التشكيك في نواياه.

أول كرامات بشار، أنه قضى في الغرب سنوات طويلة وسط ثقافة وأشجار الديمقراطية الباسقة، والتي أثّرت في كل من عاش بين ظلالها إلا فيه!! وهنا المعجزة، فكلما حاصرته أجواء الحرية أفلت منها وصنع حول نفسه سياجاً حامياً منيعاً، مستمَدّاً من سيرة آبائه وأجداده العرب العظام، وآخرهم “الأسد الكبير“؛ فلم يُصَب بحمد الله بأية “لطشة” شفافية أو نزلة برد ديمقراطية.

وكانت المعجزة الثانية بعد وفاة شقيقه باسل في حادث سيارة عام 1994، عاد بشار إلى سورية ليتم إعداده بديلاً عن أخيه في خلافة الوالد، فالتحق بالجيش السوري برتبة “نقيب” مباشرة متخطياً رتبتي “الملازم” و”الملازم أول”، وخلال سنة  واحدة رُقي إلى رتبة “رائد”، ثم إلى رتبة “مقدم ركن” عام 1997.

أما المعجزة الكبرى فكانت عقب وفاة “الأسد الأب” في 10 يونيو 2000، إذ اجتمع البرلمان السوري وعدّل المادة رقم 83 في أسرع تغيير دستوري بالعالم خلال اجتماع استمر ربع ساعة، وفي تصويت جرى خلال ثلاث ثوان أصبحت تلك المادة من الدستور تنص على أن سن الرئيس يمكن أن تكون 34 سنة بدلاً من 40، وبذلك تمكّن “الأسد الابن” من السيطرة بمفرده على كل غرف قصر السلطة، وقطع رقبة كل من يحاول الاقتراب من سور القصـر. وفي اليوم التالي مباشرة حقق معجزة إضافية وسبق سرعة صواريخ باتريوت، حيث ترقّى من رتبة “عقيد ركن” إلى “فريق”، ليعيَّن قائداً للجيش والقوات المسلحة.

كل هذه المعجزات، تكفي “الأسد الصغير” لأن يتم تشييد “مقام” يليق به في أطراف “الشام”، بعد أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وأن يتحول “حكيم العيون الذي يفهم في العين ويفهم كمان في رموش العين” – بحكم دراسته وليس بحكم الكوبليه الشهير للموسيقار محمد عبد الوهاب- إلى “طبيب روحاني حضـرته”، يجتذب الدراويش في الموالد الشعبية من كل البلاد للتبرك، و”العواطلية” طلباً لوظائف، والشابات لتمني عرسان بوسامة مهنـّد التركي وخشونة محمد رمضان المصري.

لكن سيادة الرئيس لم يكتف بما حقق من كرامات، وأصّر على أن يختتم حياته السياسية بتحقيق معجزة جديدة، لم تحدث في الأولين.. لقد اكتشف ما لم يسبقه إليه أحد، ويتعلق بالمهمة الحقيقية للجيوش؛ فقد كان السائد في العالم أن جيش أية دولة يخوض المعارك دفاعاً عن أراضيها وحدودها، وإذا تعرضت لاحتلال خارجي فهو يعمل على تحريرها؛ لكن “الشبل من ذاك الأسد“، منذ قيادته للجيش العربي السوري، جعل “الجولان” خطاً أحمر محظوراً على جنوده تجاوزه، ومنع إطلاق طلقة واحدة على الهضبة المحتلة، وزاد على ذلك بالتزام الصمت التام والسكوت الزؤام تجاه الكثير من الاعتداءات والغارات الإسرائيلية على عمق الأراضي السورية، حتى خرج بالاكتشاف المذهل، وهو أن عدم الرد كان لعدم إنهاك الجيش بطائراته ودباباته، مدرعاته وغواصاته، في هذه الأمور التافهة، ليكون بكامل جهوزيته وكفاءته حينما تحين المعركة الحقيقية.. ضد الشعب!

لكن.. وسطَ ثوب “بشار” الأبيض، والذي يجعله ملائماً للتبرك به، تظهر بقعة واحدة سوداء، ترتبط بعدم كفاءة “سيادة الرئيس القائد الطبيب الفريق” في اختيار محاميه على مدار السنوات الماضية؛ فمنذ اندلاع ثورة “الفئة المندسة” و”الشرذمة المعارضة” يكلف في كل مرة محامياً بغسل “الثوب الناصع”، فيستخدم هذا الأخير أردأ أنواع المساحيق ليظهر الثوب متسخاً مهترئاً.. فعلها دريد لحام حينما أكد أن مهمة الجيش ليست تحرير الجولان وإنما “حفظ الأمن الداخلي”، أي القضاء على الشعب بمفهوم النظام؛ أما رامي مخلوف، ابن خال بشار، فقد ألقى على “الثوب الأبيض” كميات هائلة من”الطين” عندما خاطب إسرائيل بأن استقرارها مرتبط باستقرار نظام ابن عمته.

لو استأجر سيادة قائد محور الممانعة محامياً “نص لبّة” من الذين يجلسون على المقاهي أمام أية محكمة بالقاهرة، فسيقوم بعمله في الدفاع عن بشار أفضل ألف مرة من كتيبة محاميه الأبهة! مثلاً، في القضية المتعلقة بالصور التي بثتها القنوات الفضائية طوال السنوات الماضية، وتُظهر جنوداً سوريين مفتولي العضلات يعذبون مجموعة من الشباب والكهول في المعتقلات، ويقفون على صدورهم بأحذيتهم الغليظة، فضلاً عن صور بشعة لقتل نساء وأطفال.. السادة المحامون الفاشلون يكذبون وينفون حدوث مثل هذه الوقائع أصلاً، وهذا الغباء منهم يؤدي إلى زيادة السخط الشعبي على “سيادة الرئيس”، لكن المنطق يجعل أي محامٍ مغمور يفهم أصول المهنة يعترف على الملأ بحدوث هذه الأمور، بل والتأكيد أن النظام السوري نفسه هو الذي يُسرّب هذه الصور، وذلك لعدة أهداف، أولها نفي ما يتردد عن وجود “تمييز” فى سوريا، فالصور تُبطل هذه المزاعم عن النظام، وتؤكد عدم وجود تفرقة بين المواطنين وأن الجميع سواسية في التعذيب والقتل، لا فرق بين شاب وكهل أو بين طفل وامرأة. 

أما بشأن منع معارضين في الخارج منذ سنوات من دخول البلاد، بينما زوجاتهم وأولادهم موجودون في سوريا وممنوعون من السفر، وبالتالي فلا يلتقي الرجل من هؤلاء بأسرته، فإن الدفاع الصحيح يجب أن يركز على أن هذا أمر يستحق النظام عليه الشكر وليس الإدانة، خاصة وأن الهدف من التفريق بين المعارض في الخارج وأسرته في الداخل، هو تخفيف الأعباء المالية والنفسية عليه، وإراحته من مطالب الأولاد المستمرة، ونكد الزوجة الذي لا يتوقف.

الواقع يشير إلى أن العواصم الكبرى لن تسمح بتحرير الشعب السوري من براثن الأسد وأتباعه، إلا إذا وجدت من يكون وجوده أكثر فائدة للصهاينة، أو على الأقل يكون مثل “قائد محور الممانعة” في اعتبار “الجولان” خطاً أحمر لا يقترب منه الجيش السوري، وكذلك في “الصمت الجميل” تجاه حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...