بين التفاؤل والإحباط.. في قرارات العدل الدولية

بواسطة | يناير 28, 2024

بواسطة | يناير 28, 2024

بين التفاؤل والإحباط.. في قرارات العدل الدولية

في ظل الظلم والعنف، أشعلت جنوب أفريقيا شعلة العدالة، فتحدَّت جدار الظلم وأضاءت طريق الأمل. هل يجب أن نأمل بتحقيق العدالة من محكمة العدل الدولية؟ أم يجب أن نظل محبطين في انتظار العدالة المنتظرة؟

جنوب أفريقيا وصدى العدالة في وجه إسرائيل

وسط عتمة نفق مظلم، جاء بصيص النور من أطراف القارة السمراء، عندما رفعت جنوب أفريقيا شعلة العدالة لتضيء دربا من الأمل، وتنعش قلوبا ماتت فيها الإنسانية.

أيكون من حقنا أن نشعر بالتفاؤل بقرارات محكمة العدل الدولية.. أم علينا أن نبقى في دائرة الإحباط، وحالة اليأس وتوقُّع إفلات الكيان الصهيوني بكل جرائمه من الحساب والعقاب؟

بداية، وإن كنا نشعر -كعرب- بالخجل لكون جنوب أفريقيا هي صاحبة الدعوى، فلا بد أن نرفع لهم القبعة احتراما وتقديرا على موقفهم الشجاع، ودفاعهم النبيل عن حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم في وجه كيان تجاوز كل الخطوط الحمراء، وارتكب كل أنواع الجرائم، ومارس التنكيل والتعذيب، وذبح الأبرياء، وسرق كل شيء دون خوف من أي رادع.

والسواد الأعظم بيننا كان يأمل صدور قرار فوري بوقف إطلاق النار، كما هو حال وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور، التي قالت إن هناك خيبة أمل من عدم ذكر قرار محكمة العدل الدولية لوقف إطلاق النار. لكن مع ذلك، دعونا ننضم إلى الدول التي رحبت بالقرارات – وفي مقدمتها فلسطين والمقاومة الفلسطينية- لعدة أسباب نتناولها في السطور التالية:

– دخول إسرائيل قفص الاتهام للمرة الأولى في التاريخ، خصوصا في محكمة العدل الدولية التي أُنشئت في العام 1945، وإدانتها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، هو انتصار كبير حققته جنوب أفريقيا نصرة للعدالة التي نرى شعاعا لها مع تلك القرارات.

– إسرائيل التي روجت لسردية الاضطهاد ومعاداة السامية، ونددت على مر عقود بمحرقة الهولوكوست، وأكثرت الشكوى من جرائم إبادة الشعب اليهودي؛ باتت حاليا – بموجب قرار محكمة العدل الدولية- هي المجرمة والمتهمة بجرائم الإبادة.

– صدور مثل تلك القرارات الملزمة يُضعف كثيرا من موقف المؤيدين والداعمين للكيان الصهيوني في هذه المرحلة الصعبة، التي تشهد تحولا في الرأي العام العالمي ضد حماقات إسرائيل.

– زيادة انعزال كل من يدعم ويدافع عن الكيان الصهيوني، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، خصوصا تلك الأخيرة التي وقفت معه في معارضة دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية.

– شعور قيادات الكيان الصهيوني بالقلق الحقيقي بسبب تلك القرارات، وهو ما تكشفه تصريحاتهم “الوقحة” التي عبرت عن حالة من عدم الاتزان ومزيد من التخبط، فقال رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو إن قرار المحكمة عبارة عن “وصمة عار”، فيما اتّهم “المتطرف” إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المحكمة بأنها “معادية للسامية”، وجدد وزير المالية الإسرائيلي “المتغرطس” بتسلئيل سموتريتش دعوته لتهجير سكان قطاع غزة، وكتب نصًّا: “إن قضاة لاهاي الذين يهتمون بوضع سكان غزة مدعوون إلى دعوة دول العالم لفتح أبوابها، والمساعدة في استقبال وإعادة تأهيل سكان غزة”.

– استمرار الدعم المطلق من الولايات المتحدة الأمريكية يضاعف من اهتزاز صورتها أمام العالم، خصوصا بعد أن كشفت عن موقفها من قرارات محكمة العدل الدولية، عندما قال متحدث باسم الخارجية الأمريكية بعد صدور القرار “ما زلنا نعتقد أن مزاعم الإبادة الجماعية لا أساس لها من الصحة”.

– حدوث تحول كبير في موقف الاتحاد الأوروبي، الذي أكد أن “قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة للأطراف، وعليها الالتزام بها، ويتوقع الاتحاد الأوروبي تنفيذها الكامل والفوري والفعّال”.

– تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية ملزم لكافة الأطراف، مع إحالة قرار التدابير المؤقتة الصادر عن العدل الدولية بشأن إسرائيل إلى مجلس الأمن.. وهو أمر يدعونا للشعور بنوع من التفاؤل، خصوصا وأن  استخدام أمريكا حق النقض “الفيتو” سيسبب لها مزيدا من الإحرج الدولي.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...