تحدي بنيامين نتنياهو لـ “الخط الأحمر” الذي وضعه بايدن سيكون بمثابة كارثة

بواسطة | مارس 17, 2024

بواسطة | مارس 17, 2024

تحدي بنيامين نتنياهو لـ “الخط الأحمر” الذي وضعه بايدن سيكون بمثابة كارثة

حذر بايدن رئيسَ الوزراء الإسرائيلي من أن غزو رفح سيكون غير مقبول، لكن يبدو أن بيبي ملتزم بقطع علاقة بلاده مع أهم حليف لها

لقد أوصل بنيامين نتنياهو العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى نقطة الانهيار.

تزايدت التوترات بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو بشكل مطرد منذ الغزو الإسرائيلي لغزة؛ لكن حتى وقت قريب، كان الجانب الأمريكي يميل إلى إبقاء الخلافات في الخفاء، على أمل تجنب الصدام المباشر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يمكن أن يقوض النفوذ الأمريكي لدى حليفته.. لكن في الأيام القليلة الماضية، تطورت العلاقة من سيئ إلى أسوأ، والآن لا يبذل أي من الطرفين أي جهد لإخفاء الاختلاف في أهدافه ووجهات نظره.

لقد انتقلنا من التسريبات التي تتحدث عن اعتقاد الرئيس جو بايدن بأن نتنياهو كان “الأحمق”، إلى جعل بايدن علانيةً عدم رضاه عن سياسة حرب إسرائيل في غزة محورًا أساسيًا في تصريحاته الأخيرة. ومؤخرًا، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أعلن بايدن أنه إذا مضت إسرائيل قدمًا في عمليتها المخطط لها في رفح، فإنها ستكون قد تجاوزت “الخط الأحمر”.

وكان رد نتنياهو العلني هو القول بأنه سيتجاهل هذا “الخط الأحمر”، وأن إسرائيل ستمضي قدمًا في عملية رفح؛ وقال إن خطه الأحمر هو تجنب هجوم آخر كالذي حدث في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ما يعني ضمنًا أن المزيد من العمليات في غزة ستساعد في ضمان الأمن الإسرائيلي، وهو تصريح يتناقض في حد ذاته مع ملاحظة سابقة لبايدن، مفادها أن العمليات الإسرائيلية في غزة تعرض إسرائيل في الواقع لخطر أكبر.

بينما تراجع بايدن عن ذلك إلى حد ما بقوله: “إنه خط أحمر، لكنني لن أتخلى عن إسرائيل أبدًا”، وأضاف إنه لن يقطع “كل” الأسلحة عن إسرائيل، وأشار إلى نيته الاستمرار في تقديم أسلحة دفاعية، مثل دعم نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي؛ لكن هذا ترك الباب مفتوحًا أمام احتمال حجب بعض الأسلحة أو غيرها من أشكال المساعدات.

وعلى الرغم من أنه عدل وجهة نظره، فإن الرسالة ظلت عالية وواضحة؛ ويبدو أن الرئيس كان يفكر أخيرًا في استخدام ما يعتبره كثيرون النفوذ الحقيقي الوحيد الذي تمتلكه الولايات المتحدة على الإسرائيليين، وهو الحد من تقديم أنواع الدعم، التي كانت حتى الآن دعامة جهودهم الحربية.

وفي الوقت نفسه، فإن بايدن – في خطابه في حالة الاتحاد- ألزم الولايات المتحدة بالمساعدة في بناء ميناء مؤقت في غزة، للمساعدة في تعزيز تدفق المساعدات إلى الفلسطينيين المحاصرين في القطاع؛ وواصلت الولايات المتحدة أيضًا إسقاط المواد الغذائية جوًّا على غزة للمساعدة في تخفيف ظروف المجاعة المتزايدة، التي تهدد ما يصل إلى ربع سكان المنطقة التي مزقتها الحرب.

كيف سيكون شكل الرد الأمريكي على تجاوز نتنياهو “الخط الأحمر”؟

تأتي هذه الجهود التي يُظهرها بايدن كنتيجة مباشرة لعدم رضا الولايات المتحدة عن الواقع المأساوي لعمليات الإغاثة الإنسانية في غزة، وبالطبع أيضا نتيجة للدمار المروع الذي أحدثته قوات الجيش الإسرائيلي.

بمعنى آخر، قابلت حكومة نتنياهو الدعم الذي قدمه بايدن لإسرائيل في البداية بمثل هذا الازدراء من كلماته وأفعاله، لدرجة أن بايدن، أحد أقوى المؤيدين لإسرائيل في واشنطن على الإطلاق، يضطر الآن إلى اتخاذ الموقف المحرج المتمثل في دعم إسرائيل إقرار الحق في الدفاع عن النفس، ومحاولة تخفيف عواقب وحشية إسرائيل الغاشمة.

(حتى تقديرات نتنياهو المشكوك فيها للضحايا المدنيين في غزة تشير إلى أنه قُتل 1.5 مدنيًّا فلسطينيًّا مقابل كل إرهابي من حماس يُقتل، وهو ما يجعل إجمالي القتلى المدنيين يصل إلى 17 ألفًا. وتشير تقديرات أخرى إلى إجمالي عدد أعلى بكثير من الضحايا المدنيين، بما في ذلك تلك التي أشار إليها بايدن، وهو ما يعني ضمنًا أن عدد النساء والأطفال الذين قتلوا على يد الإسرائيليين وحدهم يبلغ حوالي 17 ألفًا).

ويقول نتنياهو إن غالبية الإسرائيليين يدعمون سياساته، بما في ذلك رفضه حل الدولتين، الذي صرحت إدارة بايدن علنًا أنه جزء مما تعتبره ضروريًّا للاستقرار طويل المدى في المنطقة. ومع ذلك، فحتى الإسرائيليون يُظهرون عدم ارتياح تجاه سياسات نتنياهو، حيث تقول الأغلبية إن هناك “احتمالًا ضعيفًا” بأن هدفه المعلن المتمثل في “القضاء” على حماس يمكن تحقيقه.

هناك أيضًا انقسامات متزايدة داخل مجلس الوزراء الحربي حول كيفية إدارة الحرب؛ ونظمت عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في غزة احتجاجات عامة كبيرة في الأيام الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى تآكل الدعم الشعبي المنخفض بالفعل لنتنياهو.

تجلى الإحباط الأمريكي من نتنياهو في الأسبوع الماضي، في اجتماعات عقدها مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى مع بيني غانتس، وهو معارض سياسي لنتنياهو وعضو في مجلس الوزراء الحربي، وقد جاء إلى واشنطن في زيارة دون إذن أو دعم من رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ واعتُبر ذلك أيضًا وسيلة للإشارة علنًا إلى الإحباط من نتنياهو.

والسؤال المطروح الآن هو كيف سيتجنب بايدن الوقوع في الفخ نفسه الذي وقع فيه رئيسه السابق الرئيس أوباما، الذي أعلن عن خط أحمر في الشرق الأوسط متعلق بالرئيس السوري بشار الأسد، ولم يُتبع ذلك بإجراء مناسب، وتقوضت مصداقيته؟.

كيف سيكون رد الولايات المتحدة على تجاوز نتنياهو “الخط الأحمر”؟ هل سيتوقف بعض الدعم العسكري؟ وهل ستستمر الولايات المتحدة في دعم إسرائيل؟

علاوة على ذلك، إذا تفاقمت الخسائر في صفوف المدنيين في غزة لأسباب أخرى غير العمليات في رفح، فكيف سيؤثر ذلك على العلاقة المختلة بالفعل؟

كيف ستبدو العلاقة الأكثر سمية؟ هل يمكن في النهاية اتخاذ خطوات من شأنها أن يكون لها تأثير مادي على قدرة إسرائيل على شن حربها؟ وما هي عواقب مثل هذه الخطوات على مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل؟ وعلى الدعم السياسي لبايدن في الولايات المتحدة؟ وعلى الدعم السياسي لنتنياهو في إسرائيل؟

هناك شيء واحد واضح: لقد تضررت العلاقة بين بايدن ونتنياهو بشدة، ومن المرجح ألا تعود كما كانت أبدًا.

ولكي تتمكن أي حكومة إسرائيلية من إقامة علاقة إيجابية أو حتى بناءة على المدى الطويل مع الإدارة الحالية في واشنطن، هناك أمر واحد واضح: يجب أن تكون حكومة إسرائيلية بدون نتنياهو أو الأعضاء الأكثر تطرفًا في حكومته.

المصدر: ديلي بيست | David Rothkopf
تاريخ النشر: 11/03/2024

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...