ترامب رئيسا لأميركا.. مرة أخرى!
بقلم: خليل العناني
| 3 أغسطس, 2023
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: خليل العناني
| 3 أغسطس, 2023
ترامب رئيسا لأميركا.. مرة أخرى!
رغم رحيله عن البيت الأبيض قبل عامين ونصف، فإن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ما يزال يملأ الدنيا ويشغل الناس في أميركا وخارجها، وذلك بسبب الملاحقات القضائية التي يتعرض لها؛ فالرجل يواجه لائحتي اتهام جنائيتين إحداهما تشمل 34 اتهاما، وجهها له المدعي العام في ولاية نيويورك ألفين براغ في إبريل الماضي، وتضم تزوير سجلات تجارية، وشراء صمت إحدى الممثلات الإباحيات أثناء حملته الانتخابية في عام 2016؛ واللائحة الثانية وجهها له المحقق الخاص جاك سميث بولاية فلوريدا، وتشمل 40 اتهاما أهمها الاحتفاظ بوثائق رسمية سرية، ورفض تسليمها للجهات المختصة، وإصدار بيانات مضللة من أجل تعطيل العدالة في بعض القضايا أثناء توليه للسلطة، في مخالفة لقانوني السجلات الرئاسية لعام 1978، وكذلك قانون مكافحة التجسس الذي صدر قبل قرن ونيف؛ أي أن ترامب يواجه ما يقرب من 74 تهمة جنائية، وهي سابقة لم تحدث مطلقا في تاريخ أميركا الممتد على مدار ما يقرب من قرنين ونصف.
ولا يبدو الأمر غريبا بالنسبة لشخصية مثل ترامب، الذي كان أول رئيس أميركي في التاريخ تجري محاولة عزله مرتين عبر الكونجرس أثناء فترته الرئاسية، وهو كذلك أول رئيس أميركي لا يعترف بخسارته في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2020، وما يزال يصرّ حتى الآن على أنه جرى تزويرها، وهو أيضا أول رئيس أميركي يحرّض أنصاره على اقتحام الكونجرس الأميركي من أجل منع أعضائه من التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية، وهو ما نتج عنه كثير من الفوضى والاضطراب في السادس من يناير 2021؛ ثم إنه أول رئيس أميركي يرفض الكشف عن ذمته المالية وسجلاته الضريبية، ويُعد الآن أول رئيس أميركي يتحدى القانون ويرفض تطبيقه، بل ويتهم خصومه من الديمقراطيين بتسييس القضاء من أجل الإيقاع به.. ورغم كل ما سبق، فإن ترامب يظل المرشح الرئاسي الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2024، خاصة وأنه يتصدر السباق الانتخابي الجمهوري، وبفارق كبير عن أقرب منافسيه وهو “رون دي سانتوس” حاكم ولاية فلوريدا.
نحن إذاً إزاء شخصية غير تقليدية في التاريخ السياسي الأميركي، لا تحترم قواعده وتقاليده؛ بل إن ترامب على العكس من ذلك يسعى إلى كسر المألوف من هذه القواعد والتقاليد بكافة الطرق!. وحقيقة الأمر أنه ما كان لترامب أن يصل إلى هذا المستوى من الثقة والغرور بقدرته على استباحة المؤسسات والأعراف الأميركية، لولا وجود تيار شعبي يدعمه ويراه بطلا ومنقذا، وبالتالي فنحن لسنا إزاء شخص بقدر ما نتعامل مع حالة أو ظاهرة يسميها البعض بـ “الترامبية”؛ وهي ظاهرة نشأت وترعرت طيلة العقدين الماضيين نتيجة لعدد من السياسات التي طبقها الديمقراطيون حين كانوا في السلطة تحت إدارة أوباما. ومن أبرز سمات “الترامبيبن” التي يجسدها ترامب، في خطابه على الأقل، فقدان الثقة في الحكومة المركزية ومناصبتها العداء بشكل كبير، والرفض الكبير للطبقة السياسية التقليدية بكافة مكوناتها الديمقراطية والجمهورية، ناهيك عن رفض المهاجرين والعداء للأجانب (الزينوفوبيا)، والتشدد في برامج الرعاية الاجتماعية، والسعي لتقليل دور الحكومة الفيدرالية في إدارة شؤون الاقتصاد والولايات.
وعلى عكس ما قد يرى البعض، فإن محاكمات ترامب ليست أمرا سيئا بالنسبة له، وإنما جاءت له كهدية على طبق من ذهب كي تحيي آماله في أن يصبح الرئيس القادم لأميركا؛ فالرجل كان قد خسر جزءا معتبرا من شعبيته داخل الأوساط الجمهورية، خاصة بعد فشل ما كان يروّج له باعتباره “الموجة الحمراء” خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأميركي، والتي كانت تعني اكتساح الجمهوريين لغرفتي الكونجرس (النواب والشيوخ) في الانتخابات التي جرت في نوفمبر الماضي، وهو ما لم يحدث؛ حيث احتفظ الديمقراطيون بمجلس الشيوخ، وفاز الجمهوريون بمجلس النواب بشّق الأنفس، وبفارق بسيط عن الديمقراطيين الذين اعتبروا ذلك نصرا مبينا.
لذا فإن ترامب قد نجح -وما يزال- في استثمار محاكماته، وتوظيفها بشكل إيجابي لصالح حملته الانتخابية، وحدث هذا من عدة أوجه:
أولا: تحفيز قاعدة الحزب الجمهوري لدعمه باعتباره “ضحية” للدولة الأمريكية ومؤسساتها، خاصة وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي)، ومن خلال الترويج لفكرة أنه يتعرض لمؤامرة من الديمقراطيين الذين يخشون عودته للبيت الأبيض؛ وعلى ما يبدو فإن خطاب المظلومية هذا يُحدِث صدى ومردودا كبيرين لدى مؤيديه الجمهوريين، الذين يعتقد ما يقرب من 80% منهم بأن محاكمات ترامب تجري لدوافع سياسية، وذلك حسب استطلاع للرأي أجرته وكالة رويترز.
ثانيا: زيادة التبرعات لحملته الانتخابية، فقد نجح ترامب في جمع ما يقرب من 34 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة من العام الجاري، منها حوالي 4 مليون عشية إعلان لائحة الاتهامات ضده في ولاية نيويورك؛ ومن المتوقع أن تزداد حصيلة هذه التبرعات خلال الأسابيع المقبلة، وذلك كلما زادت القضايا والاتهامات الموجهة له.
ثالثا: زيادة الفارق بينه وبين بقية المنافسين في الحزب الجمهوري، فحسب آخر استطلاعات الرأي فإن ترامب يقود السباق الجمهوري بنسبة تأييد تصل إلى حوالي 57% وبفارق أربعين بالمائة عن أقرب منافسيه، وهو حاكم ولاية فلوريدا “رون دي سانتوس” الذي حل ثانيا بحوالي 17%.
رابعا: الضغط بشكل أكبر على الرئيس بايدن، الذي يعتبر حتى الآن المرشح الأساسي لخوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي؛ وقد استفاد ترامب من هذه المحاكمات في اتهام بايدن بالوقوف وراءها خوفا من هزيمته في الانتخابات القادمة.
ولذلك فإن السؤال الملحّ الآن هو: هل بإمكان ترامب أن يصبح رئيسا لأميركا في حال إدانته وسجنه؟ والإجابة هي: نعم. فدستوريا هناك ثلاثة شروط للترشح للرئاسية: أولها أن يكون المرشح مولودا على الأراضي الأميركية، وثانيها أن يكون قد عاش بأميركا لمدة لا تقل عن 14 عاما، وثالثها ألا يكون عمره أقل من 35 عاما عند الترشح للرئاسة. هذه الشروط الثلاثة تنطبق على ترامب، وبالتالي فمن حقه أن يترشح للرئاسة ولا يوجد ما يحول بينه وبين ذلك؛ بل هناك كلام كثير حول حقه في أن يدير البلاد كرئيس من وراء القضبان، في حين يرى البعض أن بإمكانه أن يصدر قرارا بالعفو عن نفسه إذا أصبح رئيسا، وهي مسألة لم تحدث من قبل في التاريخ الأميركي.
وأغلب الظن أن ترامب إذا استمر في خوض الانتخابات الرئاسية فإنه سوف يفوز بها، مقابل بايدن الذي جاء أداؤه السياسي والاقتصادي، على مدار مدة العامين والنصف الأخيرة، مخيبا لكثير من الآمال. ولذلك فإن ترامب قد يصبح هو الرئيس القادم لأميركا…مرة أخرى.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق