تمخّض الجبل فولد فأراً
بقلم: هديل رشاد
| 10 يونيو, 2024
مقالات مشابهة
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 10 يونيو, 2024
تمخّض الجبل فولد فأراً
تمخض الجبل فولد فأرا.. في حقيقة الأمر، لم أجد توصيفاً أكثر دقة من هذا في الكلام عن العملية التي نفذها الاحتلال ظهر السبت لاستعادة أربعة أسرى إسرائيليين، بعد ثمانية أشهر من الاعتقال لدى حركة المقاومة الإسلامية “حماس”!
فهذه العملية حاول قادة الاحتلال تصويرها وتسويقها للعالم على أنها إنجاز، وما نفذه الاحتلال لم يتراءى إنجازاً إلا له ولذوي الأسرى، ولحلفائه من الذين قدموا له الدعم الاستخباراتي والعسكري واللوجستي برا وبحرا وجوا، ولحلفائه المتخفين وراء ستار العروبة لنفث سمومهم عبر وسائل إعلامهم المأجور، للتشكيك بقدرة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على مواصلة ما قد بدأته، ولبث الفتنة لإضعاف الجبهة الداخلية، وإدخال اليأس إلى صدور مناصريها.
فلمن لم يكن متابعاً للمشهد.. ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة في قطاع غزة يوم السبت، بالتوازي مع شن هجوم جوي كبير استهدف مخيم النصيرات، وأدى إلى استشهاد 274 فلسطينيًّا وإصابة 698 آخرين، بهدف استعادة أربعة أسرى كانوا لدى حركة المقاومة الإسلامية “حماس” منذ السابع من أكتوبر، في عملية مشتركة للجيش الإسرائيلي والشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) والشرطة الإسرائيلية “اليمام”، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي هنأت بنجاح العملية عبر رئيسها جو بايدن الذي تجاهل عدد من الفلسطينيين الذين سقطوا شهداء ضحية القصف الإسرائيلي الدموي المجنون، والذي أسفر أيضا عن قتل عدد آخر من أسراهم بالاستناد إلى تصريحات “حماس”.
إلا أنَّ لـ”ليندسي موران”، الضابطة السابقة بالاستخبارات الأمريكية، رأي آخر يتمثل في أنَّ العملية التي نفذتها إسرائيل لم تحقق أي نجاح عسكري أو استراتيجي! إذ قالت “إن إطلاق سراح أربعة أسرى هو خبرٌ سعيد لأُسرهم.. أما على المستوى الاستراتيجي، فإسرائيل قد خسرت قدرا كبيرا من المصداقية العالمية، كما أنها خسرت الدعم المعنوي الأمريكي، فإسرائيل ستجد نفسها في موقف مختلف عما كان في السابق”، مؤكدة أن العملية التي تم تنفيذها تفتقر إلى القواعد الأخلاقية والإنسانية، ما يجعل من الصعب وصفها بالناجحة.
وفي هذا السياق، شاطرها الرأي الكاتب الإسرائيلي عاموس هاريل، الذي قال عبر مقال له في صحيفة هآرتس الإسرائيلية “إن إنقاذ الرهائن يرفع معنويات الإسرائيليين المنهكين من الحرب، لكنه بعيد عن النصر الكامل”، مرجحاً أن تصعّب العملية محاولة إنقاذ أسرى آخرين باستخدام أساليب مماثلة، مؤكداً أنها – أي العملية- ستؤثر على سير المفاوضات والتوصل إلى اتفاق.
ومن وجهة نظر أغلب الخبراء العسكريين، فإنَّ ما قامت به إسرائيل وأعوانها، والمشاهد المروعة التي تعرضها وسائل الإعلام تباعاً لضحايا بالجملة من الأطفال الفلسطينيين، أسقط أكذوبة “الجيش الأكثر أخلاقية”، التي يرددها وزراء وسفراء الكيان المحتل، ليس لإقناع أتباعهم – أو حتى أنفسهم- وإنما هي مجرد شكليات ودعاية مضادة، تسهم في جعل مظهرهم يبدو لائقاً ومتحضراً أمام العالم.
فكيف ينظر الاحتلال إلى تخليص عدد زهيد من الأسرى بكل هذه الأرتال العسكرية والخطط، ومحاصرة مخيم مزدحم بالنازحين برأ وبحراً وجواً، على أنه حالة لا بد من الاحتفاء بها أو انتصار يشار إليه بالبنان؟! قد يكون ذلك من وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي اعتاد أن يرتفع على جثث المدنيين من أطفال ونساء غزة العزل، والذي لا يزال يبحث عن انتصار يُرضي به غروره وفشله المتواتر منذ السابع من أكتوبر.
وأكذوبة الجيش الأكثر أخلاقية لا تنتهي عند ما ذُكر آنفاً، بل إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يُفوّت فرصة لارتكاب أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين، وقد زادت وتيرتها بعد السابع من أكتوبر، حيث أظهرت وسائل الإعلام صوراً للأسرى الذين استعادتهم إسرائيل، وهم يتمتعون بصحة جيدة مع اكتسابهم وزنا إضافياً، ما ينم عن حسن المعاملة التي كان يتلقاها الأسرى لدى “حماس”، في مقابل ارتقاء ستة معتقلين في سجون الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، كما كشف إعلام الاحتلال عن معطيات تشير إلى استشهاد معتقلين آخرين من غزة في معسكر سدي تيمان في بئر السبع، المسمّى بغوانتنامو إسرائيلي لتعذيب معتقلي غزة. مع ذلك، فهذه الأعداد قد لا تكون كاملة، سيما وأنَّ جيش الاحتلال يتعمد التعتيم على عدد الأسرى الفلسطينيين الذين ارتقوا في سجونه بسبب طرق التعذيب المستخدمة، والتي تصل إلى الصعق الكهربائي والاعتداء الجسدي والجنسي، والحرمان من أبسط الحقوق كالعلاج، أو حتى استخدام أدوات النظافة الشخصية والاستحمام، الأمر الذي أدى إلى انتشار مرض الجرب بين الأسرى.
ختاماً:
إنَّ ما كشفت عنه وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية، حول مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في العملية التي نُفذت في مخيم النصيرات، وأوقعت 274 شهيدا و698 مصابا بالاستناد إلى وزارة الصحة في قطاع غزة، يثبت دور أمريكا المتواطئ، وكذب مواقفها المعلنة حول الوضع الإنساني في غزة، واتباعها سياسة الكيل بمكيالين، وانحيازها لإسرائيل التي سقطت ولا تزال تسقط في وحل اللاأخلاقية واللاإنسانية.
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها! فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام...
أبدعتي يا أستاذه هديل مقال قي الصميم
جيش الكيان الإسرائيلي يتابع سقطاته و كلما حاول أن يروج لانتصاراته الزائفه غاصت أقدامه في وحل الدناءة والانحطاط .. و تلوثت يديه بدماء الأطفال و النساء وازداد خسة و انحطاطا.
سقطت كل الأقنعة ليس فقط قناع الجيش الأكثر نزاهة ، بل أقنعة الدول التي ساهمت بالعدة و العتاد و الانفس و المنظمات التي شنفت أذاننا بنداءاتها عن المساواة وحقوق الانسان و الطفل و الصحة و التعليم و كل هذه الديباجات التي ملت الأذن من سماعها .
و تبقى حقيقة واحدة لا غبار عليها ، فلسطين حرة ..صامدة ..تقاوم بدماء أهلها و عزتها و كرامتها لن تسحقها دبابات المحتل ، و نحن المغيبون و جاء الوقت لنستيقظ من سباتنا العميق .