تناقضات مستر “كيربي”
بقلم: خليل العناني
| 6 يناير, 2024
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: خليل العناني
| 6 يناير, 2024
تناقضات مستر “كيربي”
“حركة حماس لا تزال تتمتع بقوة كبيرة في غزة، ونتقبل فكرة أن حماس ستظل موجودة”.. هكذا تحدث جون كيربي، منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، في مؤتمر صحفي بالأمس؛ وهو ذاته كيربي الذي كان قد صرّح في أكثر من مناسبة بأنه يجب القضاء على حركة حماس، كما أنه الذي دافع – ولا يزال- بقوة عن الحرب الهمجية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ ثلاثة أشهر بهدف التخلص من الحركة؛ وهو أيضا كيربي الذي اعتبر قبل فترة، أن وقف الحرب في قطاع غزة يعني انتصار حماس، وأنه لا يمكن العودة مجددا لما كانت عليه الأوضاع قبل السابع من أكتوبر، كما أنه تبنى بشكل صارخ الرواية الإسرائيلية الكاذبة عما جرى في ذلك اليوم، ودافع عنها باستماته في مؤتمراته الصحفية.
لذلك، هل يمكن اعتبار تصريحات كيربي دليلاً على فشل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟ وهل يمكن قراءتها كدليل على سوء التقدير الأميركي لقدرات حماس، سواء العسكرية أو السياسية والاجتماعية؟ وهل نشهد تغيُّراً في الدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي غير المحدود الذي تقدمه واشنطن لتل أبيب؟.. قطعاً لا تمثل تصريحات كيربي تحولاً في الموقف الأميركي من الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة، كما أنها لا تعني بحال وقف الدعم الأعمى الذي تقدمه إدارة بايدن لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو، وهي لا تُعبّر بالضرورة عن فهم ووعي أميركي لطبيعة وأبعاد المعركة التي تجري حاليا في قطاع غزة، ولكنها تمثل دليلاً جديداً على التخبط والتناقض الأميركي المتواصل منذ بدء هذه الأزمة، والذي عبّر عن نفسه في كثير من المناسبات والأحداث خلال الفترة الماضية. كما أنها أيضا تُعدّ مؤشراً جديداً على العناد والصلف الذي يمارسه أقطاب إدارة بايدن، خاصة كيربي ومعه وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
فعلى الرغم من إدراك واشنطن بأن إسرائيل تخوض حرباً عبثية في قطاع غزة، وأنها لن تكسبها بأي حال، فإنها مصرّة على الاستمرار في دعمها غير المحدود لإسرائيل، وكل حديث يجري عن احتمالات وقف الحرب أو التخفيف من حدتها يظل مجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامي، وتقليل الانتقادات التي يتم توجيهها لإدارة بايدن ليس أكثر؛ ذلك أن إدارة بايدن تبدو في حالة ضعف واستسلام شبه تام لإسرائيل في ما يتعلق بالحرب في غزة، بل الأكثر من ذلك أنها تبدو على استعداد للتضحية بمصالحها الإستراتيجية من أجل حماية إسرائيل؛ فما يجري حاليا في البحر الأحمر من اضطرابات وعدم استقرار – نتيجة لعملية التعبئة والحشد التي تقوم بها أميركا في تلك المنطقة- سيكون له آثار وخيمة على مصالح واشنطن ليس فقط في المنطقة العربية، بل أيضا خارجها.
وعلى ما يبدو، فإن واشنطن تستعد حاليا للدخول في مرحلة جديدة من الحرب، تتسم باتساع نطاق الصراع واشتعال الساحات الأخرى في اليمن ولبنان والعراق وسوريا؛ وهي التي كانت ترفض منذ بدء الحرب توسيع نطاق الصراع أو اشتعال حرب إقليمية.. بكلمات أخرى، فإن واشنطن ماضية في حماية إسرائيل والدفاع عنها، حتى لو كلفها ذلك خسائر في الأرواح والعتاد والسمعة العالمية.
واللافت، أن هذه التحركات الأميركية تتناقض كليا مع تصريحات “مستر كيربي” حول قوة حماس وصعوبة التخلص منها؛ ذلك أنه يشير إلى استمرار الحرب لفترة طويلة على عكس ما يعتقد البعض، كما أنه يتناقض أيضاً مع الحديث الأميركي المتواصل عن ضرورة تخفيض التصعيد داخل قطاع غزة، وما يُشاع حول حثّ إدارة بايدن إسرائيل على الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب، يتراجع فيها الهجوم البري الواسع لصالح الاكتفاء بما تسميه واشنطن “عمليات جراحية” تستهدف قادة المقاومة وأنفاقها.
لذلك، فبينما يذرف كلٌّ من “كيربي” و”بلينكن” – ومعهما “بايدن”- دموع التماسيح حول التكلفة الإنسانية المرتفعة للمدنيين، الذين تقتلهم إسرائيل يوميّاً في قطاع غزة، فإنهم يشاركون فعليّاً في قتل هؤلاء الفلسطينيين من خلال مد إسرائيل بآلاف الذخائر والقنابل والصواريخ؛ فمنذ بدء الحرب قبل ثلاثة أشهر، أرسلت الولايات المتحدة ما يقرب من ٢٣٠ طائرة شحن عسكرية لإسرائيل، محملة بكافة أنواع المساعدات العسكرية من قنابل وصواريخ وعربات عسكرية ومدرعات، بالإضافة إلى عشرين سفينة حربية؛ كما تأتي مشاركتهم في القتل أيضاً من خلال تحدي المجتمع الدولي، ورفض أي حديث حول وقف إطلاق النار؛ فقد استخدمت أميركا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن عدة مرات من أجل منع أي إدانة لجرائم إسرائيل في المجلس، وإجهاض مطالب وقف إطلاق النار.
إنها التناقضات الأميركية الصارخة التي لم نشهدها خلال أيٍّ من جولات الحروب السابقة بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي تعكس تخبطاً أميركياً، سوف يكون له تبعات وأثمان باهظة في المدى القريب.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق