
جنين | والعمق التاريخي في نضاله
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 8 يوليو, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 8 يوليو, 2023
جنين | والعمق التاريخي في نضاله
لعل أدنى ما نقدمه، ونحن نرى هذا العدوان الذي تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدينة جنين، أن نروي للشباب العربي شيئا من تاريخ تلك المدينة الصامدة بأهلها الأشاوس الأبطال؛ وهذا جهد الذي يرى في نفسه أشد التقصير أمام أهله وإخوانه في فلسطين المحتلة.
مدينة جنين، تلك المدينة الفلسطينية الجميلة التي تقع شمال الضفة الغربية، هي من أقدم مدن العالم التي ما زالت مأهولة بالسكان. كانت قديما تسمى (عين جانيم)، وتعني الجنائن، وذلك نظرا لوجود الأنهار الجارية، والسهول الخصبة والأودية؛ فقد استقر الإنسان القديم والأول في هذه المنطقة، أو المناطق المجاورة لها. وتشير بعض المصادر إلى أن الكنعانيين هم من أسسوا هذه المدينة، وقد كان ذلك في القرن الثالث ق.م. وتحكي بعض الموروثات التاريخية أن تفاعلا وتواصلا حضاريا نشأ بين مدينة جنين والحضارة الفينيقية القديمة، فقد عُثر على مشاعل وأدوات فينيقية مصنوعة من الطين في مدينة جنين.
دخلت مدينة جنين ضمن دولة المماليك.. وكأن المدينة “جينين” أصبحت ضحية للمفاوضات السياسية دون أدنى اعتبار للسكان فيها!.
وفي العصر الروماني اعتنق سكان مدينة جنين الديانة المسيحية، ويقال أن السيد المسيح -عليه السلام- قد مرَّ بمدينة جنين، وهو في طريقه من الناصرة إلى القدس، كما عُثر على بقايا كنيسة قديمة في هذه المدينة؛ وقد قام الرومان بتغيير اسم المدينة من “عين جانيم” إلى مدينة “جنين”. ثم جاءت بعد ذلك الفتوحات العسكرية الإسلامية لبلاد فلسطين في القرن السابع الميلادي، وأطلق العرب على المدينة الاسم نفسه “جينين”، وظلت المدينة تحت الحكم العربي الإسلامي في عهد دولة الخلفاء الراشدين، ثم الدولة الأموية، والدولة العباسية.
وفي الوقت الذي ضعفت فيه الدولة العباسية سيطر الصليبيون على “جينين”، وكان ذلك عام 1103م، وقد غيَّر الصليبيون اسمها إلى “عزين الكبرى”؛ وبعد معركة حطين عام 1187م عادت المدينة في أيدي المسلمين؛ وفي عام 1229م عُقد صلح بين الإمبراطور الروماني فردريك الثاني وبين الملك الكامل الأيوبي، وبمقتضى هذا الاتفاق أُعطيت المدينة -مرة أخرى- للصليبيين!. ولكن الملك الصالح أيوب استطاع تحريرها عام 1244. ثم، في عام 1255م، تم عقد اتفاق بين الملك الناصر الأيوبي والسلطان التركماني عز الدين أيبك، أول سلاطين المماليك، وبمقتضى هذا الاتفاق أعطى الملك الناصر الأيوبي كل الأراضي التي تقع غرب نهر الأردن للسلطان عز الدين أيبك، وبالتالي دخلت مدينة جنين ضمن دولة المماليك.. وكأن المدينة “جينين” أصبحت ضحية للمفاوضات السياسية دون أدنى اعتبار للسكان فيها!.
مع توسعات الدولة العثمانية في بلاد الشرق الإسلامي هزم العثمانيون المماليك في عدة معارك في بلاد الشام ومنها المعركة الشهيرة “مرج دابق”، التي نتج عنها أن بلاد الشام جميعها فتحت أذرعها للأتراك، فدخلت مدينة جنين في حوزة الدولة العثمانية.
وفي عام 1799م قاد الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت حملته للسيطرة على بلاد الشام، وقام خصيصا بمهاجمة أهالي مدينة “جنين” عقابا لهم على مساعدة الدولة العثمانية في حربها ضد الفرنسيين في بلاد الشام، ولكنه فشل في السيطرة على بلاد الشام. وبعد ذلك نجح إبراهيم بن محمد علي في طرد العثمانيين من بلاد الشام، ومنها مدينة جنين، والسيطرة عليها؛ واستمر الحكم المصري لبلاد الشام حتى عام 1840م.
استمرت عمليات النضال في جنين عبر العقود الماضية بكل بسالة وشجاعة، وضرب أهلها أروع الأمثلة في صد العدوان، ومن ذلك ما حصل عام 2002م، حين قامت القوات الإسرائيلية باقتحام مدينة جنين
وفي الفترة، من عام 1920م وحتى عام 1948م، وقعت “فلسطين” تحت الانتداب البريطاني، وفي الوقت نفسه قامت بريطانيا بتنفيذ “وعد بلفور” البائس، فقامت مدينة “جنين” وأعلن أهاليها بدء عمليات النضال والمواجهة ضد الاستعمار البريطاني والمحتل الصهيوني؛ وقد اشترك سكان مدينة جنين في إضراب 1936م، وتعرضوا للقتل والتعذيب والتنكيل إبان فترة الانتداب البريطاني.
وبعد خروج بريطانيا من فلسطين وإنهاء فترة الانتداب البريطاني، تم إعلان قيام دولة إسرائيل في 14مايو 1948م، فخاضت جنين معركتها الوجودية للدفاع عن كيانها ضد العصابات الصهيونية المسلحة، ومن ضمن المعارك “معركة جنين” في 1948م، التي كانت مفخرة ونبراسا لكل المقاتلين، وقد أدت هذه المعركة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنين، وتكبَّد العدو خسائر جسيمة.
واستمرت عمليات النضال في جنين عبر العقود الماضية بكل بسالة وشجاعة، وضرب أهلها أروع الأمثلة في صد العدوان، ومن ذلك ما حصل عام 2002م، حين قامت القوات الإسرائيلية باقتحام مدينة جنين، واستمرت هذه المعركة عشرة أيام، وخلال هذه المعركة استشهد من الفلسطينيين 48 شهيدا، وتكبدت إسرائيل خسائر جسيمة وصلت إلى عشرين قتيلا من الجنود الإسرائيليين الذين اضطروا إلى محاربة الفلسطينيين في الشوارع وبين المنازل.
هذه هي مدينة جنين، باسلة في نضالها، وعزيزة في إبائها، وجميلة في صورتها وعمقها التاريخي.

أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق