حماس وتشويه صورة الإرهاب

بواسطة | ديسمبر 2, 2023

بواسطة | ديسمبر 2, 2023

حماس وتشويه صورة الإرهاب

“في ظل تصاعد التوترات، كانت دولة الكيان الإسرائيلي تبني سردية محسوبة حول حماس، تلقى دعمًا عالميًا، لكن صمود أهل غزة وتفضح الحقائق أعادت تقييم صورتها. حماس أيضًا تفتح الباب للتفاوض بقوة، والمقال يستعرض تحولات الصراع الإعلامي والتحديات التي واجهتها الكيان خلال الأحداث.”

تحليل صورة إسرائيل في الساحة الدولية: استراتيجيات وتحولات في التصوير الإعلامي

مذ قامت دولة الكيان بيننا، وهي تبيع للناس أنها دولة مسكينة، محاطة بالأعداء ولا تأمن المشاغبين.
لعقود والعالم مضطر للتعامل مع هذا الطفل المدلل بمنطق أن القول ما قالوا، وأفعالهم يحميها فيتو ويمررها الضمير بحجة أنها دولة مسكينة.. وبين الحين والآخر تذكّرهم دولة الكيان بما فعلوه سابقا، تاريخ أوروبا في اضطهاد اليهود لا يمكن إنكاره، وبالتالي إراحة الطفل المضطهد واجب عالمي، وتصديقه فرض، ودعمه أمر محسوم.
لم يحدث هذا بالأمنيات بلا شك، يهود العالم قاموا بواجبهم بشكل متقن، هناك لوبي عالمي مؤثر في القرار السياسي، ومراكز ضغط تدعم توجهات وأهداف الكيان، واحتكار لوسائل الإعلام الأهم في أميركا، وتأثير كبير على صناعة السينما في هوليود.. حتى صار يمكنك أن تسب الإله، والمسيح، والرئيس الأمريكي، لكنك لا تستطيع نقد دولة الكيان!

من أجل كل هذا، مضافاً إليه رهبة “الخضة” بلا شك، قرر ساسة دولة الكيان منذ اليوم الأول صياغة سردية بسيطة ومجرَّبة، ويفهمها المواطن الغربي جيداً، سردية تقول إن حماس إرهابية ويجب تدميرها؛ والأسباب.. أنهم وحوش بشرية، قتلوا العجائز والأطفال، واغتصبوا النساء؛ وتم ربط حماس حينها بداعش، قالها نتنياهو ووزير حربه، وكررها من بعده قادة العالم! وعليه صار مطلوباً الوصول إلى النهاية نفسها المرجوة لداعش.. سحقهم.
وكان ما رأيناه جميعاً، توجُّعُ العالم من أجل طفله المدلل، دعمٌ كامل للسردية الصهيونية وتأكيد لها على لسان الرئيس الأمريكي، الغرب يهتف من أجل سحق غزة.. وبدأ الجنون. وخلال أربعين يوما جرى الشيء الكثير، ثبت أن حبل الكذب قد يطول، لكنه سيظل ضعيفا، الطفل المدلل رآه المجتمع الغربي لأول مرة مجرماً، شرساً، منحطاً.

وزير الدفاع يصف بشراً بأنهم حيوانات، قبل أن يصدر تصريح بأهمية اغتيال كل شخص يؤيد حماس حتى لو خارج فلسطين، الطفل البريء لم يكن بريئاً كما كانوا يرونه من قبل؛ دولة الاحتلال تكذب، تعاقب صحفياً أجنبياً لأنه صرح بعدد القتلى في جيشها، وتستشيط غضبا من جريدتها الأبرز “معاريف” حينما نشرت ما يؤكد أن بعض قتلى 7 أكتوبر من المدنيبن جاء من نيران صديقة، أطلقها جيش الاحتلال على مواطنيه، دعك من أنها فرضت حالة الطوارئ منذ اليوم الأول، وتمنع أي نشر على مواقع التواصل داخل إسرائيل مالم يدعم الرواية الرسمية، وقنواتها تردد خطاباً موحداً، منحطاً وكاذباً.. غير أن كل هذا لم يفد دولة الاحتلال شيئاً!.

أهل غزة صمدوا، ومع صمودهم تحطمت الأساطير الكاذبة، واحدة تلو أخرى، شعوب العالم تواجه حقيقة جديدة، حقيقة أثبتتها مئات التظاهرات في أوربا وأميركا، وفي دول ذات مواقف داعمة، بل ومتعصبة للكيان.. حقيقة أن إسرائيل تكذب، وغزة تفضحها.
غير أن الأدهى هو ما فعلته حماس، التي تم دمجها مع داعش في الخطاب العالمي، إذ بات العالم ينتظر أن يرى ما سيفعله تنظيم “حماس الإرهابي” في خطوتة الدموية القادمة.. وما فعلته حماس ببساطة أنها لم تنحنِ، أتت بنتنياهو وحكومة حربه كي يتفاوضوا معها -عبر وسطاء بطبيعة الحال- كي تفعل حماس بإرادتها ووفق شروطها، ما فشلت في فعله دولة الاحتلال بكل قوتها.. بيد أن حماس -إن شئنا الصدق- أساءت لتاريخ الإرهاب، ولسمعة المتطرفين!

حماس التي يُفترض أنها ساقت الأمهات للأسر بعدما ذبحت أبناءهن، وفق  الرواية الصهيونية، ها هي تفرج عن أسراها في مشهد أساء لكل إرهابي في العالم، إذ الأسير مبتسم، يمضي وكأنه قادم من نزهة، مطمئن رغم أنه -من المفترض- عاش أكثر من شهر تحت القصف.. الملابس نظيفة، والسكينة تغلب عليهم، بعض الأسيرات لوحن بأيديهن في وداع آسريهم.
 الأسيرة الأولى خرجت للإعلام وتحدثت عن خدمة فندقية تلقتها، تحدثت عن الاهتمام بها، وبالرعاية الصحية، والحمامات النظيفة، والترحاب ورسائل الطمأنينة، وكيف أبلغوهم أنهم ضيوف حتى حين؛ وبعدها.. منعت دولة الاحتلال باقي الأسرى من الحديث، بعدما اتهمت الأسيرة المحررة بالخرف!

لطالما أصابتنا فلسطين بالحيرة.. منطقي أن يصمد شعب أمام احتلال، غير أن الذي خالف بداهة المنطق، أن يصمد شعب وقد تم وصم صموده بالإرهاب! يقولها الغريب بصوت عالٍ، والأخوة وأبناء العمومة والعشيرة يرددونها همساً تارة، قبل أن تفضحهم الاجتماعات وفلتات اللسان. ولطالما كانت فلسطين أكثر القضايا التي يمكن أن ننحاز إليها شاعرين براحة الضمير ووجعه في الوقت ذاته، قضية واضحة، بينة.. في عين أكثرنا على الأقل.

فشكراً لمن حافظوا عليها شريفة نظيفة، متوضئة بدم أبنائها.. شكراً لمن لم يلوثوها تحت ضغط الحاجة، أو يهملوها إذ غدا للعناية بها ثمن!
شكراً لمن أنهوا في شهر ونيف أسطورة الطفل المدلل والوحش الشرير ..
شكراً لمن ذكرونا في السابع من أكتوبر أن ناقوس النهاية يجب أن يُدق ذات يوم .. فاختارروا يومهم، ودقوا الناقوس.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...