
حيّوا هذا الرجل الباسل
بقلم: جعفر عباس
| 22 مايو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: جعفر عباس
| 22 مايو, 2024
حيّوا هذا الرجل الباسل
ليس من الشطط القول بأن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور بيرني ساندرز، هو الأجهر صوتا والأكثر جسارة في مناصرة الحقوق الفلسطينية، ليس في الساحة الأمريكية فحسب، بل على مستوى جميع القارات.
هو نال هذه المكانة – في تقديري- لأنه يقيم في جحر الأفاعي، الولايات المتحدة، حيث يسيطر عتاة الصهاينة على وسائل الإعلام والمؤسسات المالية، ويسيطرون من ثمّ على سير الانتخابات النيابية والرئاسية، ويقررون من يفوز ومن يخسر، ويتسنى لهم بذلك تحويل أعضاء الكونغرس إلى أراجوزات بلا مشيئة مستقلة، وإذا خرج أحدهم عن بيت الطاعة اليهودي، صفعوه بتهمة معاداة السامية، التي جعلوا منها كبيرة الكبائر السياسية في الولايات المتحدة.. ولكنها – أي الولايات المتحدة- تقف عاجزة وصامتة إزاء مجاهرة ساندرز في كل المحافل بالقول إن إسرائيل كيان عدواني باطش، لا يقيم وزنا للقانون الدولي أو الإنساني، ذلك لأن ساندرز يهودي من الأصول البولندية نفسها، التي ينحدر منها بنيامين نتنياهو رئيس حكومة إسرائيل الحالي.
ومنذ بداية حرب إسرائيل على غزة في أكتوبر من العام الماضي، شكل ساندرز شوكة حوت في حلق حكومة جو بايدن، التي تناصر العدوان الإسرائيلي بالسلاح والمال، وبإجهاض كل قرار أممي يرمي إلى وقف الحرب وإدانة العدوان؛ فقد عارض بقوة تقديم المساعدات لإسرائيل، وقال داخل الكونغرس وخارجه إن “الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة ليست ضد حماس، وإنما للقضاء على نسيج حياة الفلسطينيين”؛ وإن قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال الأشهر الماضية هو نتاج سياسة منهجية محسوبة، وهو “ليس مجرد أخطاء عارضة تحدث في سياق كل حرب”.
عندما تفجرت براكين الغضب الطلابي في الجامعات الأمريكية، استنكارا للغزو الإسرائيلي الغاشم لغزة، لجأ نتنياهو إلى حيلة العاجز، عندما رمى مئات الآلاف من الطلاب، بمن فيهم من ذوي الروابط اليهودية، بتهمة “معاداة السامية”، فكان ساندرز الأقدر على إلْقامِه حجرا، حيث قال عبر منصة إكس: “كلا، يا سيد نتنياهو، إن تسليط الضوء على مجازر حكومتك المتطرفة، التي قتلت أكثر من 34 ألف فلسطيني، 70% منهم من النساء والأطفال، وجرحت أكثر من 77 ألفاً، خلال فترة قصيرة لا تتجاوز ستة أشهر، ليس معاداة للسامية أو تأييداً لحماس… لا تستهزئ بذكاء الشعب الأميركي، عبر مساعيك لصرف انتباهنا عن السياسات العسكرية الفاشلة وغير الأخلاقية لحكومتك المتطرفة والعنصرية”. وأضاف ساندرز: “لا تستخدم معاداة السامية لصرف الانتباه عن الاتهامات التي تواجهها في المحاكم الإسرائيلية (في قضايا فساد)”.
وكان ساندرز أول من دعا الكونغرس إلى تجميد المساعدات المالية، التي خصصها البيت الأبيض للاحتلال الإسرائيلي، معتبراً أنه لا يجب أن يظل دافع الضرائب الأميركي متورّطاً في عدوان الاحتلال على غزة. كما قدّم ساندرز للكونغرس، مشروع قانون يدعو وزارة الخارجية الأميركية إلى فتح تحقيق بشأن أي انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان في غزة، ودان أيضاً حق النقض (الفيتو) الذي استخدمته بلاده لعرقلة مشروع قرار، بمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وتأتي قيمة مواقف ساندرز الداعية لإدانة حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة من أنه يهودي، وأنه يتمتع بقاعدة شعبية ضخمة بين الشباب والعمال وجماهير المدن بصفة عامة، توافق ساندرز الرأيَ بأن النظام السياسي الأمريكي وصل إلى مرحلة بالغة العجز، وأنه غير قابل للإصلاح، وبحاجة إلى “ثورة سياسية” للحد من نفوذ الشركات والأثرياء، الذين يتمتعون بنفوذ واسع في أروقة القرار في واشنطن؛ كما أنه يُعتبر الأب الروحي لزملاء في الكونغرس يرون مثله عوار النظام السياسي في البلاد، ومن بينهم إلهان عمر، ورشيدة طليب، وألكساندريا أوكاسيو كورتيز.
والدليل الحاسم على أنه يتمتع بشعبية كاسحة، هو أنه ومنذ أن دخل المجلس النيابي عن ولاية فيرمونت، في عام 1990، ظل يفوز فيها على جميع خصومه إلى يوم الناس هذا، لأنه ظل ثابتا على مواقفه الأخلاقية، وشارك من قبل في الحملات الداعية لوقف التمييز العنصري وكفالة الحقوق الدستورية للأقليات، وعارض الحرب التي شنتها بلاده على فيتنام، وعارض الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وكان ولا يزال “سوط وصوت من لا صوت له” من مواطني بلاده، ونجح في زلزلة حكومة جورج بوش الابن، عندما نجح في تحريك الشارع العام ضد مسعاها لمنح الأغنياء مزيدا من الإعفاءات الضريبية، وموالاتها لذوي الثراء الفاحش والشركات الكبرى، مع تجاهل “ملايين المسحوقين”.
وبإجماع المحللين السياسيين الأمريكان، فإن موقف ساندرز الذي يدين العدوان الإسرائيلي على غزة بلا هوادة، هو الذي يحرك المياه الآسنة في الولايات المتحدة، والذي جعل الجامعات الأمريكية تنتفض بقوة وفعالية رفضا لذلك العدوان، غير عابئة بالابتزاز الصهيوني الذي يتمثل في اعتبار كل ما يعارض سياسات الحكومة الإسرائيلية يعادي بالضرورة اليهود واليهودية، تأسِّيا بألمانيا النازية.
ساندرز يستحق منا نحن – أصحاب الوجع الحقيقي- التحية والتقدير، لأن منطلقاته أخلاقية، رافضة لكافة أشكال العدوان سواء على فيتنام أو العراق أو أوكرانيا أو غزة، ومواقفه الحاسمة والحازمة ضد مجازر غزة، من على منابر الحكم لدى شرطي العالم (الولايات المتحدة)، هي التي جعلت الشارع العام في بلاده – ولأول مرة- يرفض موالاة الحكومات الأمريكية المتعاقبة لإسرائيل وهي تسدر في غيِّها.
وستواصل كرة الثلج اندفاعها حتى تكتسح النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة حتى تفقد إسرائيل ظهيرها الأكبر.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق