خيولنا التي لا تصهل!

بواسطة | نوفمبر 30, 2023

بواسطة | نوفمبر 30, 2023

خيولنا التي لا تصهل!

تحليل لتصريحات الكاتب فهمي هويدي، يستعرض تأثيره في الصحافة والسياسة، مع تسليط الضوء على رؤيته لأحداث غزة ومواقفه حول حرية التعبير.

حين يتحدث فهمي هويدي علينا أن نستمع، حتى وإن اختلف بعضنا مع بعض فِكَره ورؤاه، ذلك أنه واحد من الكتاب الذين يُعدّون على أصابع اليد في العالم العربي من جيل قدم الكثير للفكر ومهنة الصحافة والسياسة.
كانت كتب فهمي هويدي ومقالاته في الأهرام -وما أكثر ما منع منها من النشر- سوطا على ظهر نظام مبارك، لكنه سوط جزل العبارة، نقد بأدب وعلى حق دون تعرض للنساء أو الحياة الشخصية له أو لعائلته؛ كذلك كانت مقالاته في الشروق وفكره في مجلة العربي الكويتية. ثم دخل في صمت أجبر عليه بالذوق، لتخسر الساحة الصحفية قلمًا من طراز رفيع، أعاده إلينا المركز القطري للصحافة وقناة الجزيرة مباشر، وقد استمتعت أيما متعة بحديثه مع الزميل أحمد طه في “الجزيرة مباشر” وبحديثه التالي مع الزميل عبد العزيز آل إسحاق في المركز القطري للصحافة، حيث وجدت هويدي كما هو لم تتغير قيمه ومبادئه التي تعلمنا منها الكثير، وفي موقفه من غزة جاءت جمله مثل طلقات الرصاص: “النظام العربي وقف عاريًا أثناء حرب غزة”، “أرض فلسطين ملك لشعب فلسطين ومن يحدد مصيرها الشعب الفلسطيني”، “لا يمكن أن يتحدد أمن فلسطين في ضوء احتياجات الأمن الإسرائيلي”، “توقف الدول العربية عند الحد الأدنى لا أقبله لأن بوسعها أن تفعل الكثير”، “لو لم تقدم قطر سوى ما قدمته قناة الجزيرة لخدمة القضية الفلسطينية في الغرب، وتعريف العالم بها وتوصيلها إليه لكفاها”، “الأنظمة بعيدة جدا عن مواقف شعوبها”، “هناك مسافة شاسعة بين الأنظمة العربية والشعوب العربية”، ” محو شعب بالكامل -الذي تتحدث عنه إسرائيل- هزل ضد التاريخ”، “لا يجوز أن تقيّم الصراع بنتائجه الجارية، ولكن بما حدث طوال السبعين عامًا”، “طوفان الأقصى وما حدث بعده لم يكن كاشفا فقط لإسرائيل وأسطورة تفوقها، بل للنظام العربي كله”، ” تكشّف موقف إسرائيل والعرب لنا، موقفهم لم يكن مشرفا من هذه الحرب”، “يحسب للسيدة لولوة الخاطر أنها أو مسؤول عربي، بل والوحيدة التي زارت غزة”.

من الحقائق التي تغيب كثيرا عن الشارع السياسي العربي، وأعاد هويدي تذكيرنا بها، أن الحرب تقيم بنتائجها السياسية بعد المعارك، فمن الممكن أن تكسب معركة وتخسر حربًا، ومثال على ذلك حرب أكتوبر 1973، الرئيس السادات أنجز إنجازا عسكريا كبيرا لكن ما الذي ترتب على هذا؟ زار إسرائيل وتصالح معها، وخسر الدول العربية بعد أن خطب في الكنيست.
كما عبر هويدي عن حزنه وانكساره بسبب المواقف العربية الهزيلة، مقابل اتخاذ دول مثل جنوب أفريقيا وبوليفيا والإكوادور مواقف كبيرة أفضل من مواقف العرب، صحيح أن العرب رفضوا التهجير وهذا موقف يحسب لهم، لكنهم لم يطردوا سفيرا ولا هددوا بقطع العلاقات، كما أن صوت الشارع العربي لم يعد كما كان في السابق وقت انتقاضة الحجارة، ومعركة الشيخ جراح والاعتداء على المقدسيين، تغيرت الأمور وأصبحت خيولنا لا تصهل، أو صح فيها المثل البدوي “الحصان الخصي لا يصهل”.
أتمنى أن يعود الأستاذ فهمي هويدي للكتابة، وأن تعاد له مكانته وقيمته، لأن غيابه خسارة كبيرة، وما أحوج الإعلام إلى قيمة مثله!

1 تعليق

  1. محمود

    صحيح …
    الخيل الخصية لا تصهل لانها فقدت اعز ما تملكة وما يميزها عن الانثى .. كما هو حال معظم ان لم يكن كل الزعماء والملوك والروساء العرب فى التعامل ما يحدث فى غزة العزة غزة الكرامة والرجولة ولله الأمر من قبل ومن بعد.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

عن الذين لا يعرفهم عمر!

عن الذين لا يعرفهم عمر!

جاء السائب بن الأقرع إلى عمر بن الخطاب يبشره بالنصر في معركة نهاوند؛ فقال له عمر: النعمان أرسلك؟.. وكان النعمان بن مقرن قائد جيش المسلمين في المعركة. قال له السائب: احتسب النعمان عند الله يا أمير المؤمنين، فقد استشهد! فقال له عمر: ويلك، ومن أيضا؟ ‏فعد السائب أسماء من...

قراءة المزيد
حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
Loading...