دموع أطفال غزة
بقلم: سامي كمال الدين
| 14 مايو, 2024
مقالات مشابهة
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
-
“سيد اللعبة”.. قصة هنري كيسنجر ودوره في الشرق الأوسط (1)
عندما كنت أحضّر حلقة وثائقية من برنامج مذكرات عن...
-
11 سبتمبر.. هل استوعبت أمريكا الدرس؟
بعد مرور أكثر من عقدين على أحداث 11 سبتمبر 2001،...
-
أبناء الله وأحباؤه
يروى أن رجلاً كان لديه خاتم الحكمة، فقرر إذ مرض...
-
الظلم الغربي في دعم العدوان على غزّة
في القرآن الكريم، وردت الإشارة إلى العدوان سبعاً...
مقالات منوعة
بقلم: سامي كمال الدين
| 14 مايو, 2024
دموع أطفال غزة
وأنا أتأمل هذا الليل في صمته الذي لا يقطعه سوى أنات المرضى، في مستشفى في بريطانيا حيث أرافق ابنتي التي ستجري عملية جراحية في الصباح، شاهدت فيلما عن غزة تعرضه منصة نيتفليكس، فيه شهادات حية يتحدث فيها الناجون من سعير الحرب، أطفال في عمر ابنتي تملأ أجسادهم الشظايا، يتساءلون: الإسرائيليون زرعوا شظايا في أجسادنا، فماذا سيفعلون بنا حين نكبر؟!
“دموع أطفال غزة” فيلم وثائقي تم تصويره بعد حرب غزة عام 2014، يتحدث عن التغيير الذي خلَّفه العنف في حياة عشرة أطفال فلسطينيين.
يابليا تقول: أنا وشيماء ومحمد كنا نجلس في الدار وقصف الإسرائيليون المنزل.. بيسان (6 سنوات) التي ظهرت مربوطة الرأس قالت: صرخت أنا وشيماء طلبا للنجدة، جاء المسعف علاء إلينا، طلبت منه بعض الماء البارد، بعد ذلك اصطحبنا إلى مستشفى الشفاء.. هيا محمد ذات السنوات الست كانت مع خالتها بيسان – هما في عمر واحد- قالت: “كنا نلهو في الدار وتم قصفها، جاء رجال الإسعاف، أخرجونا، أخرجوا خالتي بيسان أولا ثم خالي أدهم، ثم أخرجوا جدتي بعد ذلك، ثم جدي، ثم دانا وشيماء.. بيسان حزينة لأن والديها استشهدا”.
يحكي أطفال فلسطين الحياة من منظور الطفولة.. حكاية الخوف والهلع والقصف وصوت الرصاص، حسنا فعلت الكاميرا حين تركتهم هكذا يحكون الحكاية ليراها العالم الغربي المحيّر في تصنيفاته الإنسانية. يحكي أصدقاء بيسان أنها لا تريد من أحد أن يتحدث معها عما حدث.. يصيبها الغضب.
يعيش هؤلاء الأطفال على أقل القليل من الماء، على أقل القليل من الخبز، على أقل القليل من كل شيء، كأنما كُتب عليهم أن يقضوا طفولتهم في الحرمان، وشبابهم وبقية حياتهم كذلك. بعض هؤلاء الأطفال يتكسب من بيع الزجاجات البلاستيكية المستخدمة الملقاة في القمامة، يبيعها ب 5 شيكل، بعضهم يتكسب من بقايا ما ترك في البيوت المهدمة المقصوفة، من بقايا البقايا!
محمود (9 سنوات) يحفر بئر ماء، بعد أن تعرضت الأرض للتجريف يجب حفر الآبار لري الأرض، ري البشر والحيوان والنبات، وبناء دورات مياه، يقول: “نحن خائفون على الرغم من ذلك من دخول الأرض والتجول فيها، لأنه لا تزال فيها صواريخ لم تنفجر بعد.. أود أن أصير مهندسا زراعيا في المستقبل، أود الذهاب إلى المدرسة دون خوف، أريد أن أعيش حياة عادية مثل الناس العاديين”.
أما راجاف فقد كان والده يعمل سائقا لسيارة إسعاف لمدة 17 عامًا، كان مسعفا وكان يتعاون مع منظمة الصليب الأحمر.. “كان يذهب ويُحضر الجثث بالقرب من الدبابات، فقاموا بقصف سيارة الإسعاف وفيها والدي، لم يتعرض والدي للقصف والتدمير لوحده، بل تم قصف وتدمير مستقبلنا، كان أخي متميزا في المدرسة، درجاته مرتفعة، لكنه الآن لا يريد استكمال تعليمه، كانت أختي في القسم العلمي، الآن هي تتردد بين الانتقال إلى القسم الأدبي أو عدم استكمال تعليمها، أخي الصغير أصبحت لديه تخيلات مخيفة ويصرخ أثناء الليل، ونحن جميعا في حالة نفسية لا نستطيع تحملها”.
سألني صحفي أجنبي: لماذا الحديث الدائم عن غزة.. لماذا لا تتحدثون عن الضحايا الإسرائيليين الذين قتلتهم حماس؟!
بعد سردية طويلة له، نعرفها جميعا – متحدثي العربية- قلت له في النهاية: لدى أطفال إسرائيل آلاف الكتاب والصحفيين والأصوات الإعلامية في مئات القنوات التلفزيونية، يتحدثون عنهم طوال الوقت، فهل تستكثرون على أطفال فلسطين أن تُسخّر لهم أصوات تتحدث عن جريمة إسرائيل في قتل المدنيين من الأطفال والنساء منهم؟! إذا اتبعت القياس المنطقي الخاص بك فلابد أن أقول لك: لماذا لا تدافع عن أطفال غزة كما تدافع عن أطفال إسرائيل، أليس هؤلاء أطفال وهؤلاء أطفال؟!
لم يجب.. لم تحضر إجابته، لذا تمنيته أن يشاهد هذا الفيلم، فيلم “دموع أطفال غزة”، دموع أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا على هذه الأرض وعاشوا بين جنبات دورها، كما عاش آباؤهم وأجدادهم.
يبدأ الفيلم وينتهي بمشهد بحر غزة، البحر واهب الحياة والجمال، والألم والأعداء في الكثير من الأوقات.. الفيلم من إخراج هيرنن زين، مراسل حربي وكاتب وصانع أفلام من أصل إيطالي أرجنتيني مقيم في مدريد بإسبانيا.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في تاريخها السياسي والاجتماعي، تمثل في سقوطها بيد العسكرة الإمبراطورية البيزنطية في القرن الرابع الهجري، وجاء في إطار الصراع السياسي والعسكري المستمر بين الإمبراطورية البيزنطية والدولة الحمدانية العربية، التي كانت تسيطر على...
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض الانصياع للقانون الأدبي لتكون حرة طليقة لايحكمها شيء.. وتحكم هي بمزاجها ما حولها.. تأطيرها في قانون متفق عليه لتخرج من كونها حكما مزاجيا، وتدخل عالم التدرج الوظيفي الإبداعي الذي نستطيع أن نتعامل معه ونقبل منه الحكم على...
هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها؟
مع تزايد الدعوات في واشنطن لكي تتولى أوروبا مسؤولية دفاعها وأمنها، ترتجف بروكسل خوفًا من النتائج.. إن التحول في الكيفية التي ينظر بها كل من جانبي الأطلسي إلى موقف الآخر من شأنه أن يوفر الدفعة التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي لكي يصبح حليفًا أقل اعتمادًا على الولايات...
0 تعليق