دولة فلسطينية من البحر إلى النهر!

بواسطة | ديسمبر 6, 2023

بواسطة | ديسمبر 6, 2023

دولة فلسطينية من البحر إلى النهر!

لابد من العودة إلى حدود 5 يونيو/ حزيران 1967، ومن هذا العنوان يأتي عنوان فرعي هو حل الدولتين!
لا أعرف لماذا نصبوا من “الدولة” حلقة ذكر، ومن ثم يتم تقديم التنازلات من أجل اقامتها، وكأنها هدف في حد ذاتها، في حين أن الناظر لسلوك الدولة الوطنية بعد مرحلة الاستعمار، يكتشف أنه لا تساوي الدم الذي أريق بسببها، عندما نشاهد ديكتاتوريات تكمم الأفواه، وتلجم العقول، وتحسب كل صيحة عليها!
من الطبيعي أن “الأفنديات” الناشئة في العالم العربي، بعد مرحلة الباشوات، ترى في “الدولة” ثمناً مرضياً تقدم من أجله القرابين، لأنها تضمن أنها البديل، لكن لماذا تسايرها الشعوب من أجل هذا الهدف، وكأنه كل الأهداف، فطرد المستعمر هو أن يعيش الناس في أوطانهم أحراراً، فهل تحقق هذا الهدف الأسمى؟!
وإذا لم يكن قد تحقق في أي عاصمة من المستعمرات الجديدة، فلماذا يصير هدفاً وغاية وأملا، يستدعي في الحالة الفلسطينية التنازل عن كامل التراب الفلسطيني؟ حتى يبدو الأمر قبل الهزيمة وما ترتب عليها من أثار، وكأنه تحرش عربي بالإسرائيليين، وليس لأنهم قوة احتلال، والواجب هو تحرير كامل التراب الفلسطيني؟!
سيرد أحدهم هذا هو المتاح، وحقيقة الأمر أنه ليس متاحاً لكنه صار كذلك بعد انتصار السابع من أكتوبر كموضوع للتفكير وليس كموضوع للتفاوض قابل للتحقق، وإزاء الصلف الإسرائيلي كان المقترح بدولة منزوعة السلاح!

إن من يقفون على أطراف أصابعهم في انتظار حل الدولتين، لأن طاقة القدر ستفتح لهم عندما تتحول الدول الى مغارة علي بابا والأربعين حرامي، لهم عذرهم لكن ما عذر الشعوب أن تكون كالأطرش في الزفة

عسكري درك
إقامة دولة فلسطينية على حدود ما جرى بعد نكسة يونيو 1967، هو لصالح إسرائيل وليس ضدها، لأنه سيجعل من هذه الدولة ليست سوى عسكري درك، مهمتها تحقيق الأمن والأمان للإسرائيليين، وانظر ما تفعله قوات السلطة في الضفة ورام الله ضد الفلسطينيين، ثم أعد البصر كرتين، سيرتد إليك البصر خاسئاً وهو حسير، إنها تطارد المظاهرات، وتعتدي على المتظاهرين وتعتقلهم، هذا من قبل أن يمكن للقوم.. وهو الطريق الذي تسير فيه الدولة لإثبات حسن النية قبل أن تكتمل ملامحها أو تنال استقلالها!
وبالقطع سيأتي قادة يستغنون عن شرعية الشعب الفلسطيني والاستغناء عنها بالشرعية الإسرائيلية، وسيكون القمع والاستبداد محمياً بالإرادة الإسرائيلية، ولن يجد الغرب نفسه معنياً بما يحدث من قمع وتنكيل مادام النظام في الدولة الفلسطينية يحوز ثقة الإسرائيليين!
إن من يقفون على أطراف أصابعهم في انتظار حل الدولتين، لأن طاقة القدر ستفتح لهم عندما تتحول الدول الى مغارة علي بابا والأربعين حرامي، لهم عذرهم لكن ما عذر الشعوب أن تكون كالأطرش في الزفة، وهي ستنتقل من حال سيئ إلى حال أسوأ مع الدولة الوطنية، لكي تقدم التنازلات وتتعامل مع الدولة على أنها مقام لولي يستوجب أن يطوفوا حوله طلباً للبركة؟!
سيكون الرد، وهل متاح أن يكون تقام دولة فلسطين على كامل التراب الفلسطيني، والحديث عن ما قبل نكسة يونيو/ حزيران وما أنتجته من انخفاض سقف المطالب العربية وخوار همتها، ليكون الجواب: وهل حل الدولتين مضموناً أو متاحاً أو معروضا للنقاش؟!

ماذا لو تم الرد على الدعوة المجنونة بإقامة الدولة الفلسطينية في سيناء والأردن، وبأن أرض فلسطين لا تتسع سوى لدولة واحدة هي الدولة اليهودية، بأننا مع مقترح الدولة الواحدة، لكنها دولة فلسطين ومن ثم يبحث اليهود عن وطن آخر!

المطلب الخيالي
إن الدولة الفلسطينية على حدود ما بعد النكسة عاد يرفع كمطلب عربي الآن، بينما إسرائيل ترفض إقامة هذه الدولة ولو منزوعة السلاح، منقوصة السيادة، تعمل تحت الوصاية الدولية، وتعمل على تهجير أهل غزة، داخل القطاع أو خارجه، فهو أيضاً مطلباً ليس متاحاً!
إن إسرائيل مع هذه الأزمة عادت تجدد مطلبها الخيالي بتهجير كامل الفلسطينيين الى خارج التراب الفلسطيني لإقامة دولتهم هناك، وهو مطلب مرفوع منذ بداية الصراع، وكانت العراق واحدة من بين الدول التي اختارتها الولايات المتحدة الأمريكية مكاناً لإقامة الدولة الفلسطينية، وخاضت الوطنية المصرية معركة حاسمة ضد هذا المقترح، بينما مصر ترزح تحت الاحتلال الإنجليزي!
وإذا كان شعار الدولة الفلسطينية من النهر الى البحر سقط بهزيمة يونيو/ حزيران وما ترتب عليها من آثار، فهذا انتصار جديد تحقق في السابع من أكتوبر من هذا العام، يستدعي من الشعوب ألا تعتمد السقف المنخفض لحكامها عن حل الدولتين!
ماذا لو تم الرد على الدعوة المجنونة بإقامة الدولة الفلسطينية في سيناء والأردن، وبأن أرض فلسطين لا تتسع سوى لدولة واحدة هي الدولة اليهودية، بأننا مع مقترح الدولة الواحدة، لكنها دولة فلسطين ومن ثم يبحث اليهود عن وطن آخر!
الكلام عن ضرورة عودة اليهود في فلسطين إلى الأوطان التي جاءوا منها يبدو خياراً يفتقد للإنسانية، فماذا بقي لهم في هذه الأوطان من ذكريات، ومن هنا لابد من البحث عن وطن بديل لهم، يُنقلوا إليه جميعهم ولتكن ألمانيا ثمنا لما فعله بهم النازي، أو ينتقلوا الى أرض فارغة وليست مأهولة بالسكان هي أوكرانيا، والرئيس هناك أكثر صهيونية من نتنياهو؟! سيقولون إن إسرائيل لن توافق.. حسناً وهل وافقت على حل الدولتين؟!
لماذا نحرص على التفكير داخل الأقفاص ونحن في عالم مجنون؟!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

عن الذين لا يعرفهم عمر!

عن الذين لا يعرفهم عمر!

جاء السائب بن الأقرع إلى عمر بن الخطاب يبشره بالنصر في معركة نهاوند؛ فقال له عمر: النعمان أرسلك؟.. وكان النعمان بن مقرن قائد جيش المسلمين في المعركة. قال له السائب: احتسب النعمان عند الله يا أمير المؤمنين، فقد استشهد! فقال له عمر: ويلك، ومن أيضا؟ ‏فعد السائب أسماء من...

قراءة المزيد
حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
Loading...