ذكرى النكبة ورسائل الطوفان والدم والنار

بواسطة | مايو 15, 2024

بواسطة | مايو 15, 2024

 ذكرى النكبة ورسائل الطوفان والدم والنار

تأتي الذكرى الـ٧٦ للنكبة الفلسطينية هذا العام بلون وطعم مختلفين، إنه لون معركة “طوفان الأقصى” وطعمها. تأتي هذه الذكرى لتخبر العالم أن القضية الفلسطينية لم تبدأ بطوفان الأقصى في ٧ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأن المقاومة ضد الاحتلال الغاصب لم تبدأ في هذا اليوم كذلك، وإنما تسبق تاريخ حدوث النكبة بسنوات، منذ إعلان وعد بلفور وبدء الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومع ذلك فإن هذه الذكرى تأتي لتخبر العالم أجمع أن طوفان الأقصى كان امتداداً لتاريخ طويل من المقاومة المشروعة، ضد احتلال صنعته القوى الاستعمارية التي الخاضعة لنفوذ الحركة الماسونية الحركة الصهيونية وجماعات الضغط اليهودية، دون أي وجه حق.

لأول مرة بسبب طوفان الأقصى، يستيقظ العالم من سباته ليتعرف على حقيقة القضية الفلسطينية والمعاناة يعانيها الشعب الفلسطيني منذ نكبته في ١٥ مايو/ آيار ١٩٤٨م.

الطوفان وذكرى النكبة

لأول مرة بسبب طوفان الأقصى، يستيقظ العالم من سباته بحكوماته وشعوبه، بنخبه وطلابه وعماله وفلاحيه، بمؤسساته ومنظماته وكياناته المجتمعية والحقوقية والإنسانية، ليتعرف على حقيقة القضية الفلسطينية والمعاناة يعانيها الشعب الفلسطيني منذ تهجيره من أرضه في ١٥ مايو/ آيار ١٩٤٨م، وليعود إلى تاريخ القضية ووثائقها وقراراتها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والهيئات المختصة، ليفهم حقيقة ما جرى للشعب الفلسطيني يوم نكبته عام ١٩٤٨م، وما واجهه من ذلك اليوم وحتى الآن على أيدي الاحتلال الصهيوني الإجرامي الغاشم، وعلى أيدي دول الشتات واللجوء.

لأول مرة يستيقظ العالم ليكتشف حجم الكذب والتضليل الذي افترشه وتدثر به لعقود طويلة خلت، تحت الضغط الاستعماري والنفوذ الصهيوني، الذي استطاع خداع العالم عن طريق نفوذه السياسي والاقتصادي والسيطرة الواسعة على مصادر المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعي، والتي استطاعت قلب الحقائق وتزوير التاريخ، وتشويه صورة الشعب الفلسطيني، وتكميم أفواه الباحثين والإعلاميين والكتاب من قول الحقيقة خوفاً من اتهامهم بمعاداة للسامية، وتعريضهم لطائلة القانون.

لأول مرة يستيقظ العالم ليتعرف على الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني منذ نكبته عام ١٩٤٨م، وعلى تفاصيل الإبادة الجماعية التي يتعرض لها منذ ذلك التاريخ، والتمييز العنصري الذي يعانيه، والانتهاكات التي يتعرض لها في كافة المجالات، والاعتداءات المتكررة على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني وعصابات المستوطنين، والتي لم يسلم منها بشر ولا حجر ولا شجر.

لأول مرة يتعرف العالم على العجز الدولي تجاه القضية الفلسطينية، في الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات والمنظمات، رغم القرارات الدولية المتراكمة التي تلزم المجتمع الدولي بتمكين الشعب الفلسطيني من الاستقلال والحرية والعيش الكريم في دولته المستقلة، حيث كانت هذه القرارات تتحطم دائماً على صخرة (الفيتو) الأميركي.

ماذا تنتظرون في السلطة الفلسطينية ذريعة أقوى مما يجري في غزة لتتخلصوا من اتفاقيات الذل والهوان؟ كفاكم جبناً وخوراً. حطموا قيودكم، واخلعوا رأس الخنوع والانهزام. أطلقوا طوفانكم ليتعلم الكيان الغاصب أنكم رجال لا تخافون الموت، ولا تقبَلون الذل والهوان.

رسائل الدم والنار

تأتي ذكرى النكبة لتخبر العالم أن طوفان الأقصى فتح فصلاً جديداً في تاريخ المقاومة الفلسطينية لن ينتهي قبل تحقيق أهدافها وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه والتمتع بحريته وسيادته. وبهذه المناسبة فإنني أتخيل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي أحدث هذه الصحوة وكشف الغفلة وفضح تفاصيل المؤامرة، بتضحياته وصموده وبطولاته، يبعث برسائل عاجلة معجونة بالدم والنار والبارود لكل من:

إلى السلطة الفلسطينية:

ماذا تنتظرون ذريعة أقوى وفرصة أكبر مما يجري في غزة لتتخلصوا من اتفاقيات الذل والهوان التي تقيّدكم؟ كفاكم جبناً وخوراً، حطّموا قيودكم، واخلعوا رأس الخنوع والانهزام، القاعد على صدوركم، وأطلقوا طوفانكم، ليتعلم الكيان الغاصب أن في هذه الأرض رجال، لا يخافون الموت، ولن يقبلوا بالذل والهوان أكثر من ذلك. نرجوكم ألا تضيعوا الفرصة والحقوا بنا.

إلى القوى الفلسطينية:

لن يغفر لكم طوفان الأقصى الاستمرار في انقساماتكم وتناحركم، والعودة إلى أحضان الكيان الصهيوني وحلفائه، فتسحركم الوعود الكاذبة والمناصب الزائفة، المزينة بالخيانة والانكسار والمذلة. وطنكم واحد، وعدوكم واحد، ودمكم واحد، ومصيركم واحد، فكونوا يداً واحدة على عدوكم، وليكن طوفان الأقصى وأجساد الشهداء جسر العبور الذي ينقله إلى مرحلة استعادة الوطن ووحدة الصف.

إلى فلسطينيي الشتات:

عانيتم الكثير، وتحملتم ما يطيق تحمله شعب من الشعوب، وصبرتم صبر أيوب، فماذا تنتظرون؟ اخرجوا من جحوركم حيثما كنتم، وأشعروا العالم بوجودكم، وأنكم مازلتم تنظرون يوم العودة. نظموا صفوفكم وابذلوا ما في وسعكم للتضامن مع أهلكم وإخوانكم، وانتهاز الفرصة، ليكون الطوفان الموج الذي يحملكم إلى فلسطين بعد طول انتظار.

إلى الدول العربية وتغيير المناهج:

تخاذلتم، وتقاعستم، وتركتمونا نواجه جبروت التحالف الصهيو-أميركي وحدنا، لكننا نتفهم ظروفكم، ونعدكم أننا سنكون على قدر المسؤولية، ولكننا نرجوكم ألا تخطؤوا مرتين، وأوقفوا تغيير مناهج التعليم الجارية في بلدانكم، والتي ستؤسس أجيالاً قادمة صهيونية أكثر من بايدن وترامب، فمعركة الحركة الصهيونية ليست معنا وحدنا، نحن لسنا أكثر من حجر الزاوية، فإذا انحنينا وسقط هذا الحجر، فستتهاوى حجارتكم واحداً تلو الآخر.

إلى الدول الإسلامية:

انتظرناكم كثيراً، كنا نظن أن خطواتكم أكثر سرعة، وأن المسافات التي بيننا لا تمنعكم عن الوصول إلينا، ليس بمظاهرات شعوبكم، ولا بحسرة جيوشكم، وإنما بتحركاتكم السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية. كان بإمكانكم أن تفعلوا الكثير دون أن تجرحوا انتماءنا لكم، وتريقوا ماء وجوهكم. فاتكم الكثير، ولكن المتبقي أمامكم أكثر.

إلى الولايات المتحدة:

نعلم أنكم عاجزون عن قول الحقيقة، عجزكم عن الفكاك من قيود اللوبي اليهودي والصهيوني، ونعلم أن معارككم الانتخابية التي تجري على أشلائنا ودمائنا ودمار وتاريخنا وحاضرنا، لن تحول بيننا وبين مستقبلنا. فلا تتمادوا أكثر من ذلك في ظلمكم وتملقكم، واحترموا مكانتكم الدولية على رأس النظام العالمي، وقيمكم الباهتة وشعاراتكم المضلِّلة التي تجلجل أجراسها في أقطار الأرض. لن تخيفنا قذائفكم، ولن تتغلب علينا خططكم، ولن تعجزنا إبادتكم، فغيّروا اتجاه بوصلتكم، وكونوا مع الحق والعدل، لا مع الباطل والظلم، معركتنا مع الاحتلال باقية ما بقي الاحتلال، ومقاومتنا ليست إرهابية، وستظل تنبت في هذه الأرض إلى قيام الساعة.

إلى الكيان الصهيوني:

ها قد انكشفت أكاذيبكم التي شغلتم العالم بها منذ عشرات السنين، قد تبيّنت له حقيقتكم التي كنتم تخفونها خلف مزاعم الإبادة النازية والعداء للسامية، لن يصدقكم أحد بعد اليوم، فقد سقطت الأقنعة، وظهرت وحشيتكم البربرية التي عرفناها منذ عشرات السنين. لن تكسروا عزيمتنا، ومهما بطشتم بنسائنا وأطفالنا، فسوف ينبتون من جديد. أما أنتم فستعيشون رعب الانتقام إلى قيام الساعة، ليس من الفلسطينيين والعرب والمسلمين فحسب، بل من جميع البشر الذين يعتزون بإنسانيتهم، وهالهم ما تفعلونه بنا دون ذنب سوى استعادة حريتنا وحقوقنا واستقلالنا.

1 تعليق

  1. سهير الاخرس

    رائعة جدا اتمنى ان يتم نشرها على اوسع مدى وتدرس في المحافل واللقاءات فهذا ما يجب ان تعرفه الاجيال وليس مناهجنا الحالية المزيف العارية عن الصحة والدقة

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...