رسالة وداع من “تشارلي شابلن” وتأبين لأيام مجده وشهرته

بقلم: محمد القاسمي

| 25 أبريل, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: محمد القاسمي

| 25 أبريل, 2024

رسالة وداع من “تشارلي شابلن” وتأبين لأيام مجده وشهرته

Limelight

بعد مسيرة حافلة بعشرات الأفلام القصيرة و5 أفلام طويلة صامتة، استمرّت لأكثر من 20 عامًا، جاء “تشارلي شابلن” في عام 1940 بفيلمه الأول الناطق “The Great Dictator”، الذي أثار الجدل بكونه يسخر من “أدولف هتلر” والقوّات النازية بشكل غير مباشر، بتقمّصه لشخصية حلاق يهودي، وشخصية أخرى يُفترض أنها تمثل “هتلر”، وقد كان فيلماً متميزًا، وأثار غيظ “هتلر” نفسه، وقام بمنعه من العرض، خصوصًا أنه عُرِض في أوج الحرب العالمية الثانية، وقد ترشّح الفيلم لـ 5 جوائز أوسكار، ومنها لأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل ممثل.

في عام 1947 جاء “شابلن” بفيلمه الثاني الناطق “Monsieur Verdoux”، المبني على قصة حقيقية حول قاتل متسلسل، وقد نجح الفيلم، وترشّح لجائزة الأوسكار لأفضل نص سينمائي أصلي.

فيلمه الثالث الناطق “أضواء المسرح” هو الفيلم الوحيد الناطق الذي أعجبني حقًّا من أفلامه، والذي أصدره في عام 1952، وكان أشبه بفيلم تأبيني لأيام مجده وشهرته، ويحاكي واقعه الشخصي الذي يعيشه، وبدا الأمر وكأنه يودّعنا للأبد بهذا الفيلم.

تدور أحداث الفيلم حول “كالفيرو”، وهو فنان كوميدي خفَتَ بريقه وبات منسيًّا، و”تيريزا”، وهي راقصة باليه شابة يائسة لحد الانتحار.. مأساته ومأساتها تجمعهما معًا، ويحاول كلٌ منهما إسناد الآخر وإيجاد معنى وهدف لحياتيهما.

النص السينمائي الذي كتبه “شابلن” كان بليغًا بحواراته، وذلك أمرٌ مدهش لفنان متمرّس على كتابة نصوص الأفلام الصامتة، إذ لاقى العديد من الكتّاب صعوبة في التحوّل من الصامت إلى الناطق، ولكن “شابلن” رجل مثقّف ومفكّر وفيلسوف، وعلى علاقة وطيدة بمجموعة أدباء وعلماء، وبالتالي هو قادرٌ على الإبداع والتألّق في أي تحدٍّ جديد يخوضه.

أداؤه كممثل كان رائعًا بشخصية “كالفيرو”، وكذلك “كلير بلوم” بشخصية “تيريزا”، و”سيدني شابلن” – ابن “شابلن” في الواقع- بشخصية الملحّن “نيفيل”، ولا أنسى “باستر كيتون”، الذي كان – مثل “شابلن”- رمزًا من رموز السينما الصامتة، حيث يؤدي هنا شخصية زميله في العرض الكوميدي.

هذا هو آخر فيلم لـ “شابلن” في أمريكا، وحين كان متواجدًا في لندن للعرض الأول، تم نفيه ومنعه من دخول أمريكا بسبب مجموعة اتهامات، ومنها انتماؤه للحزب الشيوعي، فاستقر مع زوجته وأبنائه في سويسرا.

قام لاحقًا في المنفى بإخراج فيلمين؛ “A King in New York” في عام 1957، و”A Countess From Hong Kong” في عام 1967، ولم يحققا نجاحًا قويًّا، وفي عام 1972 تم السماح له بالعودة إلى أمريكا، وقد تم تكريمه بجائزة الأوسكار الفخرية عن مجمل أعماله، وحصل على وقفة تصفيق استمرت لأكثر من 12 دقيقة دون توقف، وهي الأطول في تاريخ الأوسكار. وفي عام 1973، تم عرض هذا الفيلم في أمريكا، وقد فاز بجائزة الأوسكار لأفضل موسيقا تصويرية، وقد أبدع فيها “شابلن”، لتكون جائزة الأوسكار الثالثة التي يحصل عليها.

في عام 1975 قامت ملكة بريطانيا الراحلة، “إليزابيث الثانية”، بتكريمه بوسام الفروسية لقاء الخدمات الجليلة التي قدّمها للفن والسينما، وبعد ذلك عمل “شابلن” على ترميم بعض أفلامه، وعاش سعيدًا بين زوجته وأبنائه وأحفاده في منزله في سويسرا حتى وفاته في عام 1977، وهو في سن الـ 88، تاركًا وراءه إرثًا سينمائيًّا عظيمًا لا يُنسى أبدًا.

في عام 1992 قام الراحل “ريتشارد أتينبورو” بإنتاج وإخراج الفيلم المتميز “Chaplin”، الذي يروي فيه سيرة “تشارلي شابلن” من سنوات طفولته حتى وفاته، وأدّى شخصيته الفنان “روبرت داوني جونيور”، وقد ترشّح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل لقاء إبداعه في الأداء.

محمد-القاسمي

كاتب وناقد ومخرج بحريني

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...