رمضان شهر السلام والأمان

بواسطة | أبريل 5, 2024

بواسطة | أبريل 5, 2024

رمضان شهر السلام والأمان

إن شهر رمضان المبارك هو شهر الرحمة والمغفرة، وهو مدرسة الإيمان والتقوى، وقد أمرنا الله تعالى بصيامه لتزكية النفس وإصلاحها؛ وبصلاح النفس دينياً وأخلاقياً تنتشر المودة والرحمة بين الناس، قال الله تعالى: {يا أيُّها الَّذين آمنوا كُتِب عليكم الصِّيام كما كُتِب على الَّذين من قبلكم لعلَّكم تتَّقون} [البقرة: 183].

ورمضان شهر الأمن والإيمان، والسكينة الروحية والنفسية، بما يحققه من معاني التقوى في النفس، وانعكاسها على المجتمع أمناً وسلاماً؛ ويتحقق ذلك إذا التزم المُسلم بالتوجيهات الربانية والتعاليم النبوية، وقد كان من دعاء النبي ﷺ حين يرى الهلال أن يقول: “اللهمّ أهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربُّنا وربّك اللَّه” [صحيح ابن حبان].

وقد اختص الله تعالى شهر رمضان بأن جعله شهر الأمان والسلام ونزول الرحمة، الذي تُفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، ويحفظ الله تعالى به الناس من وساوس الشيطان، وفي شهر رمضان ليلة القدر التي أُنزل فيها القرآن الكريم، والتي جعلها الله تعالى سلاماً وأماناً لأهل الأرض، فقال تعالى: {سلامٌ هي حتَّى مطلع الفجر} [القدر: 5].

وعن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: “من أصبح آمناً في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” [رواه الإمام الترمذي والبيهقي].

والمقصود أن نعلم أن انتشار الأمن مطلب من أهم مطالب الحياة، وضرورة من أهم ضرورات البشر، لا تتحقق مصالح العباد والبلاد إلا بوجوده، ولا تتحقق أهداف المجتمعات وتطلعاتها إلا بانتشاره، ولا تسعد نفوس الناس ولا يهنأ عيشهم إلا بازدهاره، ومن هنا جاءت هذه الشريعة الغراء، فإن من أهم قواعدها ومقاصدها العامة حفظ الأمن العام بحفظ الضرورات الخمس، التي لا تنعقد معيشة الناس إلا بحفظها، ألا وهي: حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النفس، وحفظ العرض، وحفظ المال.

وإنه لا غنى لأي مخلوق أو لأي نفس رطبة عن الأمن، مهما عزّت في الأرض أو كسبت مالاً وشرفاً ورفعة، فلا راحة ولا هدوء ولا اطمئنان بدون أمن، ففي رحاب الأمن وظله يأمن الناس على أموالهم ومحارمهم، ويسيرون ليلاً ونهاراً لا يخشون إلا الله، وفي رحاب الأمن وظله تعم الطمأنينة النفوس، ويسودها الهدوء، وترفرف عليها السعادة، وتؤدى الواجبات باطمئنان من غير هضم أو حرمان.

وإن رمضان شهر الأمن والأمان، فلا يمكن لصائم حقيقي أن يسرق أو يقتل أو ينهب أو يغش أو يرتشي، ولهذا فإن من مقاصد الالتزام بالإسلام في كل أحكامه حل مشكلة انعدام الأمن والثقة، وانتشار الجرائم والفساد والموبقات؛ فكما أن إقامة الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإن الصيام بتعويده النفس على الامتناع عن بعض الحلال، فإنه يمنعها عن الحرام من باب أولى، فالمسلمون الصائمون آمنون مسالمون ويعطون الأمان لغيرهم. وكذلك فإن السلام يتجلى في شهر رمضان على أوليائه، فيطهر نفوسهم من الآثام ويهبهم الأمن والسلام النفسي، وإن السلام من الأمور التي تجلب المحبة، وتنشر المودة بين الناس.

وإن الصيام باب للجنة، والجنة دار السلام، وإن الهدي النبوي ربط الإسلام بالسلام والإيمان بالأمان، فقال الرسول ﷺ: “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم”. فإذا كان المؤمن في حاله الطبيعية وأحواله العادية سبباً للأمن والسلام لمن حوله، فكيف يكون المؤمن الصائم في رمضان؟!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...