رمضان شهر العفو والتسامح
بقلم: د. علي محمد الصلابي
| 15 مارس, 2024
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: د. علي محمد الصلابي
| 15 مارس, 2024
رمضان شهر العفو والتسامح
ما أجمل خلق العفو والمسامحة! وما أعظم أثره في حياة الأفراد والمجتمعات! ولعل هذا الخلق هو أسمى ما يكون في صورته الإسلامية، التي حض عليها القرآن الكريم، وتجسدت في خلق وسيرة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم.
فقد ورد توجيه المؤمنين وأمرُهم بالعفو عن الناس والصفح وقبول الأعذار في الكثير من مواضع القرآن الكريم، وذلك مقتضى الإيمان بأحد أسماء الله الحسنى “العفُوّ”، فالله عزوجل هو الذي يحب العفو ويعفو عن الناس ويغفر السيئات ويتجاوز عن المعاصي؛ قال الله تعالى: ﴿فأولَئك عسى اللَّه أن يعفو عنهم ۚ وكان اللَّه عَفُوًّا غفورًا﴾ [النساء: 99]؛ وقال عز وجل: ﴿وما أصابكم من مصيبةٍ فبِما كسبَتْ أيديكم ويعفو عن كثيرٍ﴾ [الشورى: 30]. بل إن الله تعالى جعل عفو العباد عن بعضهم مقروناً بعفوه سبحانه عن عباده، فمن أراد أن يعفو الله عنه ويغفر له فليغفر لعباد الله ويعفو عنهم، قال تعالى: ﴿وليعفوا وليصفحوا ۗ ألا تحبُّون أن يغفر اللَّه لكم ۗ واللَّه غفورٌ رحيمٌ﴾ [ النور: 22]؛ وقال سبحانه: ﴿وجزاء سيِّئةٍ سيِّئةٌ مثلها ۖ فمَنْ عفا وأَصْلح فأَجْره على اللَّه ۚ إنَّه لا يحبُّ الظَّالمين﴾ [ سورة الشورى: 40]؛ وقال عز وجل في موضع آخر من سورة آل عمران: ﴿ وسارعوا إلىٰ مغفرةٍ من ربِّكم وجنَّةٍ عرضها السَّماوات والأرض أُعِدَّت للمتَّقين** الَّذين ينفقون في السَّرَّاء والضَّرَّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس ۗ واللَّه يحبُّ المحسنين﴾ [ آل عمران: 133-134].
وقد أمر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بالتحلي بهذا الخلق العظيم فقال تعالى: ﴿ولا تستوي الحسنة ولا السَّيِّئة ادفع بِالَّتي هي أحسن فإذا الَّذي بينك وبينه عَداوةٌ كأنَّه وَلِيٌّ حميمٌ** وما يُلَقَّاها إلَّا الّذين صبروا وما يُلَقَّاها إلَّا ذو حظٍّ عظيمٍ﴾ [ فصلت: 34-35]. وكان صلى الله عليه وسلم خير من يمتثل لهذا الأمر، وخير قدوة للمسلمين من بعده في العفو والصفح عن الناس، ومواقف سيرته تشهد على ذلك، ومنها ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: “كنت أمشي مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وعليه بُرْدٌ نجرانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه أَعرابي فجذبه جذبة شديدة، حتى نظرْتُ إلى صفحة عاتق النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد أَثَّرَتْ به حاشية الرداء من شدَّة جَذْبَته، ثم قال: مُرْ لي من مال اللَّه الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء”. قال الإمام النووي رحمه الله معلقاً: “فيه احتمال الجاهلين والإعراض عن مقابلتهم، ودفع السيئة بالحسنة، وإعطاء من يتألف قلبه.. وفيه كمال خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلمه وصفحه”. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما ضرب رسولُ الله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم شيئًا قَطُّ بيده، ولا امرأةً، ولا خادمًا؛ إلَّا أَن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قَطُّ، فينتقمَ من صاحبه؛ إلا أنْ يُنْتهك شيء من محارم الله، فينتقم للَّه عزَّ وجلّ”.
ولأن رمضان شهر العفو وموسم المغفرة الذي يمنّ الله تعالى به على عباده كل عام، فيضاعف فيه حسناتهم ويغفر فيه ما تقدم من ذنبهم إذا صاموه إيماناً واحتساباً، فعباد الله المؤمنين أحرى الناس بأن يعفوا عن الناس ويتجاوزوا عمن أساء إليهم وأخطأ بحقهم في هذا الشهر الفضيل، حتى ينالوا بذلك عفو الله تعالى ومغفرته ومرضاته. فيجب أن يكون رمضان موسماً للعفو والتسامح بين المسلمين أنفسهم ومع غير المسلمين أيضاً، حيث تتآلف القلوب وتختفي الضغائن والأحقاد ويتصالح المتخاصمون، والحقيقة أن التحلي بهذا الخلق ليس سهلاً، فلا يمارسه ويطبقه إلا من كمل إيمانه وإحسانه، وهذا ما دل عليه قوله تعالى: ﴿ولا تستوي الحسنة ولا السَّيِّئة ادفع بالَّتي هي أحسن فإذا الَّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنَّه وَلِيٌّ حميمٌ** وما يُلَقَّاها إلَّا الَّذين صبروا وما يُلَقَّاها إلَّا ذو حظٍّ عظيمٍ﴾ [ فصلت: 34-35].
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق