سر دهشة الغرب خلال المونديال
بقلم: أسامة السويسي
| 18 أبريل, 2023
مقالات مشابهة
-
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ...
-
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق...
-
لعنة الصحافة من “فوزية” لـ “هنيدي”!
لن يعرف قيمة أمه، إلا من يسوقه حظه العاثر...
-
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في...
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
مقالات منوعة
بقلم: أسامة السويسي
| 18 أبريل, 2023
سر دهشة الغرب خلال المونديال
قبل ساعة تقريبا من موعد انطلاق مباراة فرنسا وإنجلترا على استاد البيت في ربع نهائي كأس العالم قطر 2022، كنت أقف في طابور داخل مقهى الإعلاميين انتظارا للوصول إلى المحاسب للدفع. فوجئت بمن كان يقف عند المحاسب يغادر غاضبا.
سألته: لماذا لم تحصل على طلب؟
أجابني: بطاقتي الائتمانية لم تعمل.
قلت له: لا توجد مشكلة، يمكنك استخدام بطاقتي.
هنا اكتسى وجهه بعلامات من الدهشة وسألني: هل أنت جاد؟
اجبته: ما المانع؟ نعم أنا جاد.
فقال: لا، سأبحث عن بطاقة مع أحد زملائي من دولتي.
لكن بعد إلحاح شديد مني وافق وعاد للمحاسب وحصل على طلبه، وعلامات الدهشة تكسو وجهه وهو يرد لي بطاقتي.. وانتظرني حتى أنهيت طلبي ودار بعدها الحوار التالي:
هو: أأنتم في قطر هكذا دائما، أم تفعلون ذلك فقط من أجل كأس العالم؟
أنا: أنا لست قطريا ولكنني أعمل وأعيش هنا في قطر. وهو أمر معتاد لنا كعرب أن نهتم بشؤون الضيف، ونقدم له المساعدة. والأمر لا يتعلق بالمونديال.
عرفت أنه من بريطانيا، ومتواجد لتغطية مشاركة المنتخب الإنجليزي. ولاحظت أنه ظل يتحدث عن الموقف مع أصدقائه.
ليلة نهائي المونديال في استاد لوسيل، قالتها الكأس الذهبية بأعلى صوت: بعد أن شعرت أن لحظة وداع الساحر حانت، رضخت وسلمت. الآن.. يمكنك أن تحملني
قد يكون ما حدث تصرفا بسيطا وعفويا يحدث معنا جميعا في كل البلدان العربية، لكن ما استوقفني هنا هو اندهاش ضيوف المونديال، خصوصا من الغرب، من كرم الضيافة العربي والتسامح والسلام، وما شاهدوا من حرية في التنقل في بلد المونديال.
تأكدت وقتها أن ما تحقق من خلال استضافة قطر للمونديال، للمرة الأولى في التاريخ في الوطن العربي، حقق أهدافا استراتيجية كنا بحاجة لسنوات طويلة لتحقيقها، لنغير الصورة النمطية التي صورها الإعلام الغربي عن العرب والشرق الأوسط، كمنطقة نزاعات وحروب وتخلف، وأنها تمثل تهديدا على حياة أي غريب.
وأتصور أن الصادق منهم سينقل تلك الصورة الجميلة عن الكرم والتسامح والسماحة، التي يتمتع بها العرب، وحرصهم على تقاليدهم والترحيب، بكل ضيوفهم. ناهيك عن إثبات القدرة على تنظيم أهم وأكبر حدث كروي على وجه كوكب الأرض بصورة استثنائية أبهرت كل العالم.
ليلة نهائي المونديال في استاد لوسيل، قالتها الكأس الذهبية بأعلى صوت: بعد أن شعرت أن لحظة وداع الساحر حانت، رضخت وسلمت. الآن.. يمكنك أن تحملني، وكلي ثقة أنني بين يديك سأزداد.
هكذا خاطبت كأس العالم الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، واحتفلت ببطلها المتوج على عرش اللعبة.
انتصرت الساحرة المستدير للكرة الجميلة، وابتسمت لصانع المتعة في مشهد سيبقى عالقا في الأذهان على مر العصور، ورقص الجميع على أنغام التانغو
ويا له من تتويج أن يأتي خلال النسخة الأفضل على الإطلاق من المونديال. تلك الذهبية، التي تمردت على الساحر ميسي وحرمته من تحقيق حلم الطفولة، صالحته على أرض عربية، فاستحق أن يرتدي “البشت” فوق منصة التتويج بعد أن صار عريس البطولة الاستثنائية التاريخية.
انتصرت الساحرة المستدير للكرة الجميلة، وابتسمت لصانع المتعة في مشهد سيبقى عالقا في الأذهان على مر العصور، ورقص الجميع على أنغام التانغو.. ومن خلال متابعتي للمونديال من قلب الحدث، شعرت بمزيد من التعاطف مع ميسي ورفاقه، خصوصا بعد اللوحات التي رسمها جمهورهم في المدرجات وفي كل بقاع الدولة، فاستحقوا أن يفرحوا في المشهد الختامي. وكانوا بحق ملح المونديال وفاكهة المدرجات، وكانت متابعتهم، خصوصا في الملاعب، متعة في حد ذاتها، لا يتفوق عليها غير لمسات المبدع ميسي، وهو يقود كتيبة الأرجنتين، لتجاوز صدمة البداية بخسارة مفاجئة أمام السعودية، إلى تحقيق الفوز في كل المواجهات حتى تسلم ميسي الكأس الذهبية.
قبل أكثر من عقد ونصف العقد، وعندما بزغ نجمه، قلنا إنه لاعب من كوكب آخر، يبدع ويمتع ويبهر يصنع ويسجل! وانهارت الأرقام القياسية في رحلته سواء مع برشلونة أو مع المنتخب الأرجنتيني، وأخيرا مع باريس سان جيرمان. وحانت اللحظة الأجمل بانضمام كأس العالم لخزائن ميسي العامرة بالكؤوس والميداليات والألقاب والكرات الذهبية.
ويا لها من سعادة غامرة لي كعربي، وأنا أتابع حسرة الإعلامي الغربي، وخصوصا البريطاني، الذي لم ييئس من التشكيك في المونديال الذي يقام للمرة الأولى في المنطقة العربية والشرق الأوسط، حتى بعد أن أسدل الستار على البطولة، فواصَلَ الأكاذيب والافتراءات، ولم يجد في الورد عيبا فقال: أحمر الخدين. فتخيلوا صحيفة كبيرة تقول إن ارتداء ميسي “البشت” القطري أفسد مشهد التتويج، وميسي لم يكن مرتاحا، خصوصا وأن الزي العربي أخفى قميص بلاده.
حسرتهم وصياحهم كشفا عن وجههم الحقيقي. وصحيح الغرض مرض.. ربنا يشفيكم. ومبروك علينا النجاح الساحق المبهر للمونديال العربي رغم أنف الكارهين.
ناقد رياضي بقناة الكاس
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
مع الهمجية ضد التمدن
يراوح روسو نظرته النقدية الصارمة للتمدن مقابل التبسط، والفلاحة والريف مقابل التجارة والصناعة، وهكذا يُثني على قصة شعوب أوروبا البسيطة القديمة، بناء على مخالفتها للمدنية التي تحدث عنها في إميل، ولا بد من ربط رؤاه هنا، لوضع نموذج الشعب البسيط غير المثقف، في السياق...
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ لا يُعرَف له لون لأنّ الطّين غَطّاه كُلَّه، وبجسدٍ عارٍ حال لونُه الطّبيعيّ إلى اللّون المُعفّر، وفي شارعٍ مُجَرّف جرى فيه صوتُ الرّصاص والقذائف فحوّله إلى خطٍّ ترابيّ تتوزّع عليها بقايا أبنيةٍ أو محلاّتٍ مُهدّمة، رفع...
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، الذي يدفع فاتورته بصورة يومية أطفال غزة الأموات مع وقف التنفيذ.. فإسرائيل في عملياتها العسكرية- جوية كانت أم برية- في قطاع غزة والضفة الغربية لا تستثني...
0 تعليق