سنرى قريبا | العالم أكبر من خمس
بقلم: نديم شنر
| 18 أغسطس, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: نديم شنر
| 18 أغسطس, 2023
سنرى قريبا | العالم أكبر من خمس
بعد النجاح اللافت لتحالف الجمهور في الانتخابات الأخيرة، وفوزه بالأغلبية في البرلمان التركي، وكذلك فوز رئيس حزب العدالة والتنمية، رجب طيب أردوغان، بولاية ثانية في رئاسة الدولة، تحولت أنظار العالم كله إلى تركيا؛ وقد جاء وصف تلك الانتخابات في وسائل الإعلام وعلى ألسنة المحللين الغربيين -على وجه الخصوص- بأنها “أهم انتخابات في العالم في عام 2023”.
الغرب بالطبع ليس سعيدا بفوز أردوغان، وذلك بسبب السياسة الوطنية التي اتبعتها تركيا في المرحلة السابقة؛ وفي هذه المرحلة يستمر التساؤل عن نوع السياسة التي سيتم اتباعها، والتساؤل ليس من قِبل أعداء تركيا فقط، بل يتساءل عن ذلك حلفاؤها وأصدقاؤها أيضا.
بعض جوانب الصورة للمرحلة القادمة أظهرتها تركيا، خاصة من خلال تعيين محمد شيمشيك على رأس الاقتصاد، وفي اجتماع الناتو الذي تلا الانتخابات مباشرة، وفي إعطاء تركيا الضوء الأخضر لعضوية السويد في الناتو؛ فهذه الأشياء تُظهِر تغييرا ملحوظا في السياسة التركية؛ لكن جانبا آخر أظهره تعيين هاكان فيدان وزيرا للخارجية، فاعتبار أنه جاء إلى هذا المنصب من موقعه السابق في رئاسة جهاز الاستخبارات الوطني التركي، يشير لأولئك الذين يتتبعون واقع تركيا عن كثب إلى استمرار السياسات التي يتم تنفيذها منذ عام 2016، وهذا ما تأكد لتركيا وللعالم أجمع، لا سيما في الاجتماع الرابع عشر لسفراء تركيا الذي عُقِدَ في السابع من أغسطس، بعد شهرين من الانتخابات.
في الاجتماع تحدّث هاكان فيدان، وعرَّف السياسة الخارجية التركية بأنَّها “فاعل نشط ومستقل، له تأثيره في تحديد الأجندة الدولية، يحرك اللعبة إذا لزم الأمر، ويعطل الألعاب عند الضرورة”. وانتقد هاكان فيدان ممارسات السياسة الدولية، التي تحتجز العالم حاليا، فقال: “لسوء الحظ، إن جزءا كبيرا من العالم لا يمكن للنظام الدولي الحالي أن يعطيه السلام والاستقرار والعدالة.. إننا نشهد أن التنافس بين القوى العظمى يزيد من حدة التوتر والاستقطاب على الصعيد العالمي”.
إن النظام الدولي، الذي يبتعد بشكل متزايد عن التوازن، يدفع نحو تطورات عديدة، لا يمكن التنبؤ بنهاياتها، بل ونواجه في الوقت نفسه أيضا في هذا النظام العديد من التحديات السياسية والعسكرية والاقتصادية والبيئية والتكنولوجية والاجتماعية؛ ونرى أن التحديات المختلفة مثل النزاعات المسلحة والإرهاب والهجرة غير النظامية وكراهية الأجانب والإسلاموفوبيا وتغير المناخ وأزمة النفايات مترابطة فيما بينها ويغذي بعضها بعضا. وفي الوقت الذي يعاني العالم فيه من القلق بشأن المنحى الذي تأخذه الحرب التي تندلع بجوارنا في أوروبا، نجده يعايش التحديات التي خلقتها الحرب على المستوى العالمي، مثل التضخم والركود وأزمة الطاقة ونقص الغذاء.. ونتيجة لهذا كله فإن النظام العالمي الحالي يمر “بفترة أزمات أكثر تعقيدا وتعددا”.
تتوقع الولايات المتحدة، ومعها كل من يتابع التطورات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، أن النظام الحالي لن يستمر على هذا النحو، بل ستكون هناك تطورات مهمة للغاية في السنوات القليلة المقبلة.. وإذن، فكيف سيحدث هذا التغيير؟ وأي الدول ستكون العناصر المؤثرة فيه؟.
تركيا -بلا شك- ستكون في المقدمة، ولذلك أوضح هاكان فيدان الإستراتيجية التي يجب اتباعها إذ قال: “سنعمل مع البلدان الأخرى لبناء نظام دولي فعال وشامل وجامع، يزيل الظلم العالمي ويعالج التفاوتات الاقتصادية، ويُنتج السلام والأمن والاستقرار والازدهار. ومع إدراكنا أن التغييرات الرئيسة تتطلب صبرا إستراتيجيا وإرادة قوية، سنمضي قدما بخطوات متواضعة ولكنها ثابتة، ومع تنفيذ هذه الخطوات، سنعمل بما يتماشى مع أربعة أهداف إستراتيجية أساسية”.
إن أولويات تركيا وتعاونها الإقليمي، فضلا عن تأكيدها على “الصبر الإستراتيجي”، أمور لافتة للنظر؛ وهذا يعني أن تركيا مع ممارستها للدور المتوقع منها، تراقب أيضا التطورات، وتتدخل عند الضرورة بالقدر اللازم. وفي سعيها في سياق إحلال السلام والأمن حول تركيا، سيكون التركيز أكبر على التدابير والمبادرات الرامية إلى الحد من توسع مناطق الصراع، وستبذل تركيا قصارى جهدها للقضاء على النفوذ الداخلي والخارجي للمنظمات الإرهابية التي تدعمها الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة التي يُفترَض أنها “حليف” لتركيا في الناتو.
إنَّ الهياكل التي تسمم العلاقات بين تركيا وأصدقائها، سواء في جوار تركيا أم خارج محيطها، هي وجود المنظمات الإرهابية وأنشطتها. والواقع أن رسالة هاكان فيدان الواضحة جدا بشأن هذه المسألة لم توجَّه إلى المنظمات الإرهابية فحسب، بل أيضاً إلى البلدان التي تدعمها، وكانت كلماته في هذا الشأن: “أكبر تهديد للأمن والسلام والاستقرار في منطقتنا هو المنظمات الإرهابية، وغيرها من المنظمات بالوكالة، سواء كانت منظمة غولن الإرهابية أو حزب العمال الكردستاني- وحدات حماية الشعب أو داعش؛ وإننا بالعمل مع جميع مؤسساتنا ذات الصلة، لن نسمح للمنظمات الإرهابية والقوى التي تقف وراءها بالتنفس في بلدنا ومنطقتنا، ولخدمة هذا الاتجاه سنواصل كفاحنا من خلال تعاون فعال مع أصدقائنا في الخارج، هذا مع زيادة قدراتنا العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية في الداخل”.
أيضا تم التأكيد على القضايا المهمة في “السياسة الخارجية الوطنية”، والتي تشكل تركيا مركزا لها وتمتد من الشرق الأوسط إلى آسيا، ومن البلقان إلى أفريقيا، ومن ذلك التأكيد على أن قضية وحدة أراضي العراق وسورية المجاورتين لتركيا، واللتين قسمهما الغرب، هي مسألة حساسة ومهمة لتركيا، وسيكون أحد الأهداف الرئيسة حل الصراع في سورية من خلال عملية سياسية تعتمد أساس وحدة الأراضي السورية، والعمل الجاد لئلا تبقى سورية ملاذا للمنظمات الإرهابية وساحة للحروب بالوكالة. وكذلك مرة أخرى، فإن الدفاع عن السلامة الإقليمية والاستقرار السياسي لجارنا العراق هو هدف رئيس لنا.
وأوضح هاكان فيدان هدف تركيا المتمثل في تطهير المناطق الإشكالية، وتطوير العلاقات مع دول الشرق الأوسط التي تربطها بتركيا علاقات تاريخية ودينية وثقافية، مثل الجمهوريات التركية، وفي هذا السياق جاء قوله: “لقد اكتسبت عمليات المصالحة والتطبيع في الشرق الأوسط وجنوب القوقاز زخما، وبناء على مبادئ سياستنا الخارجية الأساسية سنسعى إلى حل المشكلات، وتوسيع صداقاتنا، وتعزيز القائم منها. وإنَّ الطريقة الوحيدة لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط هي الحل الثنائي القائم على المعايير الدولية (حل الدولتين)، مع تحقيق الاستقلالية والسيادة لدولة فلسطينية مستقلة، واعتبار القدس الشرقية عاصمة لها، وسنقف ضد أي خطوة تضر بهذه الرؤية وبأي استفزاز يستهدف المسجد الأقصى، قبلتنا الأولى، وسنستمر بالوقوف إلى جانب إخواننا الفلسطينيين”.
واقتبس هاكان فيدان في خطابه من الرئيس أردوغان قوله: “العالم أكبر من خمسة” (يعني بذلك الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، روسيا والصين)..
أجل، إن الأمركذلك، فإذا تطور التعاون الإقليمي بشكل خاص، وإذا تطور التعاون متبادل المنفعة، وحل بديلا عن تكتيك الغرب الذي دام قرنا من الزمان، وتمثل في “فرّق تسد”، فسوف يرى الجميع أن العالم أكبر من تلك البلدان الخمسة التي تبدو الآن كل شيء، وتظهر على أنها مهندسة الأزمات العالمية اليوم.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق