سيقولون لكَ.. فقُلْ لهم!

بقلم: أدهم شرقاوي

| 27 أبريل, 2024

بقلم: أدهم شرقاوي

| 27 أبريل, 2024

سيقولون لكَ.. فقُلْ لهم!

1. سيقولون لك: باعوا أرضهم!.

فقل لهم: كذبتم، ها هم يموتون في سبيلها أمام العالم أجمع! فإن زوَّرتم التاريخ فها هو الواقع نعيشه، ولكنها حيلة الجبان ليُهدهد ضميرَه فينام، ويقول لنفسه: أرض باعها أهلها، فما شأني؟!

ولكنك تعلم – كما يعلم الناس جميعاً- أنها لو كانت قضية أرض مَبيعة، أو مشكلة عقارية، لكانت تُحلّ في أروقة المحاكم لا في ميادين القتال، ولترافع بها المحامون لا أبو عبيدة، ولقُدِّمت فيها الأدلّة والمستندات لا قذائف الياسين!

2. سيقولون لك: كان الناس يعيشون بهدوء، ويأكلون ويشربون، فهل كان الأمر يستحق؟!.

فقل لهم: هذا هو شأن البهائم دوماً.. أنها لا تفكر إلا بالعلف؛ وإن كانت الحياة بحدّ ذاتها إنجازاً، فما أكثر الأحياء، وما أكثر الإنجازات! وإن كانت الحياة بطعمها، فموت الأحرار ألذّ من حياة العبيد!

3. سيقولون لك: هل نساؤكم ناقصات أمومة؟!

لماذا ربَّينَ أولادهُنّ على الشهادة؟! وحتى أولئك اللواتي قُتِل أولادهنّ صغاراً، لماذا لم يخرجنَ في وجه هذه التي تسمّونها مقاومة؟!

فقل لهم: هذه الماشطة التي وقفتْ أمام فرعون بثبات وهو يلقي أولادها في الزيت واحداً بعد واحد.. أكانت ناقصة أمومة، أم إنّ ثمة أموراً في الحياة يهون لأجلها كل شيء؟. وهذه الخنساء التي قدّمت في القادسية أولادها الأربعة دفعةً واحدة، أكانت ناقصة أمومة، أم إنّ العزّ مهره الدم، وإن ثمة أموراً يصعب على العبيد فهمها؟.

ثم من سيخرج على المقاومة، ولماذا تصوِّرون مقاومتنا وكأنها جاءت من المريخ لتحكمنا؟ هذه المقاومة هي نحن، أولادنا الذين أنجبناهم، مقاتلونا الذين دربناهم، سلاحنا الذي اشتريناه وصنعناه، لا أحد يتبرّأ من نفسه، على العكس تماماً.. نحن صكّ الشرف عندنا بمقدار ما يمشي المرء منا في ركب هذه المقاومة، من مشى فيها وقدّم لها وضعناه على رؤوسنا، ومن تنكّر لها تنكّرنا له، ومن تبرّأ منها تبرّأنا منه!.

4. سيقولون لك: كثير من العلماء الثقات لا يتكلمون عنهم، ولا يستنكرون سفك دمائهم، ولو كانوا على حق لفعلوا!.

فقل لهم: ومنذ متى نعرف الحق بالرجال؟ يا صاحبي نحن نعرف الرجال بالحق، وهذا أوان أن تعرف أنّ من حسبتهم ثقاتٍ ليسوا ثقات! ألم تقرأ تاريخ هذه الأمة في زمن أزماتها؟ ألم تعلم أن خمسين فقيهاً أفتوا للمعتصم بقتل أحمد بن حنبل؟! العلماء لا يُعرفون من الكتب يا صاحبي، وإنما يُعرفون من الحياة.. أحمد بن حنبل ليس إمام السُّنة لأنه صاحب المسند، بل لأنه صاحب الجلد يوم فتنة خلق القرآن!.

5. سيقولون لك: الإعلام لا يتحدث عنهم على أنهم أبطال، أكان إعلامنا سيتركهم لو كانوا أبطالاً فعلاً؟!

‏فقل لهم: عندما أُلقِي القبض على عمر المختار، عنونتْ صحيفة برقة بالخط العريض “القبض على زعيم المتمردين عمر المختار”!. إذا كان ميزانك من الجرح والتعديل قناة العربية، وسكاي نيوز، وأشكالهما من حاويات النفايات الإعلامية، فإنه يُؤسف عليك أكثر مما يُؤسف على رضيعٍ انتُشِل قِطَعاً من تحت الأنقاض!.

6. سيقولون لك: ماذا عن كل هذا العدد من الضحايا؟

‏فقل لهم: هؤلاء شهداء بإذن الله وليسوا ضحايا.. ثم إن الثبات على العقيدة والمبدأ عبادة، وليس تجارة تُقارَن بالثمن!. أصحاب الأخدود أُحرِقوا جميعاً فسمّى الله هذا فوزاً عظيماً! وسُميَّة طعنها أبو جهلٍ بالحربة وهي مثبتة بالأوتاد في الأرض، وهي رغم هذا أولى شهداء الإسلام.. حمزة بن عبد المطلب وصهيب بن عمير قتلتهما قريش، ولم يقتلهم النبي ﷺ حين خرج بهم إلى أُحد.

7. سيقولون لك: ألا ترى كيف جاع الأطفال، وكيف مات بعض الناس من الجوع؟!

‏فقل لهم: جاع الصحابة وعيالهم يوم الخندق، فمن الذي جوّعهم؛ النبي ﷺ حين رفض أن يركع لغير لله، أم قريش والأحزاب حين حاصروهم في ديارهم؟!

8. سيقولون لك: ماذا عن موازين القوى؟ ألا يجب أن يكون المرء عاقلاً، فلا يخاطر ولا يغامر؟.

‏فقل لهم: ماذا عن ثلاثة آلافٍ في مؤتة بعثهم النبي ﷺ لمواجهة مئتي ألف؟! ماذا عن اليرموك والقادسية؟ أعندك فكرة عن تفاوت موازين القوى؟! ماذا عن بدر والمشركون أربعة أضعافهم؟!

‏الجهاد يا صاحبي فريضة، وليس رحلة تؤدَّى بالمستطاع.. فقبل أن تسألهم: لمَ تقاتلون وحدكم؟ سلْ أُمَّةً كاملةً: لمَ تركتموهم وحدهم؟!

9. سيقولون لك: هم الذين جلبوا الوبال كلّه!

‏فقل لهم: أتريدون أن تُقنعوا ضحيّةً تُقتل منذ زمن كل يوم ألف مرّة على يد عدوٍّ حقير وجبان، أن السبب في موتها هذه المرّة أنّ ضحيّة أخرى سئمتْ أن تبقى ضحية، وأنها عرفت أن الحُرّ يموت واقفاً على قدميه ولا يركع، وأنه لا ضير أن لا يحقق نصراً ساحقاً؟ يكفيه فخراً أنه خمش وجه عدوّه، وترك فيه أثراً سيبقى يذكره كلما طالع وجهه في المرآة!

‏لم تقتلكَ جرأة بعض قومك، لقد جعلتكَ ندًّا، كنت قبل اليوم تُقتل سدى، أما اليوم فإنهم يردّون صفعةً تلقَّوها.. أرأيت الفارق بين هذه الموتة وتلك؟! ليستا سواءً أبداً، ولن تكونا، وإني أُعيذك أن لا تدرك الفارق بين من قتلك بدايةً، وبين من كان يأخذ بثأرك!

10. سيقولون لك: فإلى متى؟!

فقُلْ لهم: حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين.. وإننا نتعبَّد الله تعالى بالجهاد والثبات والصبر كما نتعبّده بالصلاة تماماً! نقوم بما فرضه علينا، فإن منَّ بالنصر فهذا كرمه، وإن منَّ بالشهادة فهذا لطفه، ولن يسأل الله تعالى عبداً عن نتيجة حققها، وإنما عن سعي سعاه، لن يسأله عن غاية بلغها، وإنما عن طريقٍ مشى فيها!

من قال إن جزاء الجهاد أن يرى المجاهد نصره أمامه؟ سُميّة وياسر استشهدا قبل أن يُبنى في الإسلام مسجد يُعبد الله فيه! وحمزة ومصعب استشهدا قبل أن يريا الناس يدخلون في دين الله أفواجاً!.

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

2 التعليقات

  1. رحيق شهاب الدين

    بارك الله فيكَ أستاذي القدير، ذكرَكَ الله في الملأ الأعلى وباهى بكَ ملائكته ورفعَ شأنكَ في الدنيا والآخرة🤍

    سنقول لهم فلتفتحوا صفحات القرآن الكريم كتاب الله العزيز الذي﴿‏لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ ولتتدبَّروا آياته؛ لا تقرأوه من السطور واقرأوه من الصدور كما يفعل أهلنا الأطهار ومجاهدونا الأبرار في غزة الغزة🤍 وستجدون كل الإجابات الوافية الشافية الكافية!

    ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
    ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾
    ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾
    ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
    ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾
    ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾
    ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾
    ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾

    وغيرها من الآيات الكثير والكثير…

    إنها رحمة الله واصطفاؤه وتشريفه وتكريمه لأطهر عباده في هذا الزمان! ﴿‏يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾
    فلنتدبر…
    ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها﴾

    وإنَّه لجهاد نصرٌ أو استشهاد.✌🇵🇸

    الرد
  2. عبد الرحمن العاوني

    بارك الله فيك أستاذ أدهم
    بالرغم من عدم اطلاعي و مطالعتي إلا أخيرا لك حينما بدا كتابك القيم *رسائل من القرآن* في الفيديو الذي نشرته كتائب القسام إلا أني أقول لك جزاك الله خيرا عن الاسلام و المسلمين فمثلك من يُفتخر به .

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...

قراءة المزيد
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط

السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط

لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...

قراءة المزيد
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟

“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟

خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...

قراءة المزيد
Loading...