
شرق أوسط ما بعد 7 أكتوبر
بقلم: خليل العناني
| 3 نوفمبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: خليل العناني
| 3 نوفمبر, 2023
شرق أوسط ما بعد 7 أكتوبر
لن يكون الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر ٢٠٢٣ كما كان قبله! فما فعلته المقاومة الفلسطينية في ذلك اليوم لم يكن مجرد هجوم على دولة محتلة هي إسرائيل، وإنما كان ضربة قوية لنظام شرق أوسطي أسسته الولايات المتحدة طيلة العقود الخمسة الماضية، وتحديدا منذ حرب عام ١٩٧٣ بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. فقد أدركت واشنطن آنذاك أهمية إعادة رسم خريطة المنطقة انطلاقا من ثلاثة اعتبارات: أولها فك الارتباط بين المسارين العربي والفلسطيني في الصراع مع إسرائيل عبر إخراج وتحييد القوى المؤثرة فيه مثل مصر وسوريا، وبما يعني تجاوز القضية الفلسطينية؛ وثانيها خلق توازن جديد للقوى في المنطقة، تكون لإسرائيل اليد الطولي فيه إستراتيجيا وعسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا؛ وثالثها العمل على إسكات الشعوب العربية، وتحييدها عن الصراع عبر توسيع مخطط التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ودعم أنظمة الاستبداد التي قد تضمن موت القضية في نفوس الشعوب العربية.
بيد أن ما حدث في السابع من أكتوبر أعاد رسم هذه المعادلة بشكل جوهري؛ فمن جهة أولى اتضح أن محاولات تجاوز القضية الفلسطينية في مخططات التحييد والتطبيع مع الدول العربية لن تمر دون ثمن كبير لكافة الأطراف، وأنه إذا كان بإمكان إسرائيل والدول العربية أن تطبع علاقاتها، فإن ذلك لن يكون على حساب حقوق الفلسطينيين المشروعة، وأهمها التحرر الوطني من الاحتلال الإسرائيلي.
ومن جهة ثانية، فقد اتضح بشكل كبير أن إسرائيل رغم تفوقها العسكري والتكنولوجي والاقتصادي هي دولة هشة، لم تصمد دفاعاتها وجيشها أمام بضعة مئات من المقاومين الفلسطينيين الذين هاجموها لأول مرة منذ عام ١٩٤٨، وبطريقة مذلّة ومهينة حسبما جاء على لسان كثير من المعلقين الإسرائيليين؛ وأنها لجأت لطلب المساعدة والنجدة من أميركا بعد ست ساعات فقط من الهجوم عليها، وبالتالي فإن إسرائيل بمفردها لا تصلح أن تكون (رمانة الميزان) في أي توازن للقوى بالمنطقة، وستظل دوما بحاجة لأميركا كي تحميها.
ومن جهة ثالثة، فإن محاولات تحييد الشعوب العربية عن قضية فلسطين فشلت فشلا ذريعا؛ وقد ظنت إسرائيل، وظن معها المطبّعون العرب، أن الشعوب العربية قد نسيت القضية الفلسطينية، سواء بسبب القمع السلطوي أو تحت وطأة ظروفهم المعيشية، ولكن ما جرى في غزة، ولا يزال، كشف أن فلسطين كانت، وستظل، قضية الشعوب العربية، وذلك مهما حاولت أنظمة القمع والبطش إسكات أصواتها؛ أما الأكثر إثارة ودهشة فهو ما نراه ونسمعه من جيل الأطفال والشباب الذين يهتفون الآن لفلسطين، وذلك رغم محاولات تزييف وعيهم وتسفيههم على مدار العقود الماضية.
كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تراهن على استمرار تلك المعادلة التاريخية، التي كانت دولته قد أرستها قبل عقود، بما يضمن تحقيق مصالح أميركا بالمنطقة؛ وقد زادت على ذلك محاولتها إعادة التموضع بعيدا عن المنطقة، من أجل التركيز على صراعها مع روسيا والصين. كان بايدن يراهن شخصيا على تحقيق اختراق سياسي وجيوستراتيجي من خلال التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وكان التحضير يجري على قدم وساق لإعلان التوصل لاتفاق بين البلدين بحلول شهر ديسمبر المقبل، بحيث يستخدمه بايدن باعتباره إنجازا تاريخيا يدشّن به حملته الانتخابية في يناير المقبل؛ ولكن ما جرى في 7 أكتوبر خلط حساباته وأوراقه، ولعل ذلك ما قد يفسر جزئيا موقفه المتطرف من المقاومة، ودعمه الأعمى لإسرائيل.
الآن تخوض إسرائيل، ومن خلفها أميركا، حربا وجودية جنونية مع المقاومة، وذلك بهدف إعادة رسم توازن القوى في المنطقة على ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر؛ وهما يعلمان جيدا أن المعركة الدائرة حاليا هي معركة صفرية، إما أن تفوز بها إسرائيل أو أن تخسرها، وهي معركة سوف تحدد مستقبل المنطقة لعقود قادمة؛ فإذا انتصرت تل أبيب وواشنطن في مواجهة المقاومة الفلسطينية، فإن ذلك يعني بداية انكسار لإيران ومحورها ونفوذها في المنطقة، وذلك لصالح إسرائيل التي لن تتوقف شهيتها عند حدود غزة، بل سوف تفكر بالتوسع شمالاً للتخلص من تهديد (حزب الله) في لبنان، والفصائل الفلسطينية في سوريا، وربما تصل إلى حدود العراق وإيران واليمن في مرحلة لاحقة، ووقتئذ سوف تخرج من الحرب كقوة إقليمية مهيمنة في المنطقة لن يستطع أحد بعد ذلك الوقوف في وجهها؛ أما إذا انتصرت المقاومة بصمودها وعدم تراجعها، وإفشال مخططات إسرائيل وأميركا في القضاء عليها، فإن هذا يعني ميلاد شرق أوسط جديد، لا تحتل فيه إسرائيل أية مرتبة متفوقة على جيرانها، وستتراجع هيبتها وقوتها أمام شعبها وأمام العالم، وذلك باعتبارها غير قادرة على حماية نفسها وشعبها، الذي قد يفكر بعضه في الرحيل من فلسطين باعتبارها ليست مكانا آمنا له.
لذلك، فإنه من الصعوبة بمكان تخيّل أن تعود المنطقة لما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر الماضي، ذلك أن ما جرى في صبيحة ذلك اليوم كان بمثابة زلزال سياسي وإستراتيجي، أطاح بالعديد من الأمور التي كان يعتبرها البعض مسلمّات لا يمكن الاقتراب منها أو مناقشتها أو مساءلتها.

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق