شريعة الغاب!
بقلم: أدهم شرقاوي
| 30 مارس, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم شرقاوي
| 30 مارس, 2024
شريعة الغاب!
لمّا تمَّ للإسكندر المقدوني فتحُ البلاد، أمر بالقبض على لصّ من لصوص البحر، ولمّا جيء به بين يديه، سأله: بأيّ حق تسرق مال الغير؟ فقال له: أنا أسرق بسفينة صغيرة فيسمّونني لصاً، وأنت تسرق بأسطول كبير فيسمونك فاتحاً!
هذا هو شأن البشرية دوماً.. أن تُمجّد الأقوياء وتجد الأعذار لأفعالهم، وإن لم تجد لهم أعذاراً اختلقتْ لهم أعذاراً، وإن عجزتْ عن هذا وذاك أشاحتْ نظرها عن جرائمهم، وفعَّلتْ خدمة: لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم!
هذا العالم منحطٌّ بشكل مقرف لم يكن عليه في أي حقبة من عمر البشرية على ظهر هذا الكوكب البائس!
لا أحد يُنكر أن العالم اليوم متمدّن بشكل مذهل، وأنه تطوّر في اختراعاته المادية في القرن الأخير أكثر مما تتطور خلال مئات القرون الماضية! ولكنه عالم متخلف تنقصه الحضارة! فالمدنية شيء والحضارة شيء آخر، الحضارة قيم وأفكار ومبادئ، ويمكن أن يكون الإنسان متخلفاً وهو يقود سيارة فيراري، أو يأكل بالشوكة والسّكين في مطعم في باريس! يمكن للمرء أن يكون جحشاً خالصاً وإن كان في دار الأوبرا ببدلة أنيقة!
في هذا العالم يمكن للاحتلال أن يُسوّي المستشفى المعمداني بالأرض، ويُحيل في ثانية خمسمئة إنسان إلى مئة ألف قطعة بشرية، ثم يُخبرنا أنه سيقوم بتحقيق شفاف حول ملابسات القضية، ثم يتبيّن له في هذا التحقيق “الشيفون” أننا نحن من قتلنا أنفسنا، ويُغلق ملف القضية!
في هذا العالم يمكن أن يُجرجَر الاحتلال إلى محكمة العدل الدولية، ويُدان بارتكاب جرائم حرب، ويتمنون عليه أن يكون لطيفاً في القتل، وأنّ معه شهراً واحداً ليُحسِّن سلوكه الهمجي، وإلا سوف يزعلون منه، ويخاصموه، ويُقللون هباتهم له من الأسلحة التي يستخدمها بذات السلوك الذي كانت لأجله المحكمة!
في هذا العالم يمكن لمجلس الأمن أن يجتمع، ويتبنى مشروع قرار بإدانة الاحتلال بجرائم الحرب، إدانة فقط، إدانة لا تمنع قتلاً ولا تحمي ضحيّة، مجرّد حبر على ورق في جلسة من زود الفضاوة! ولكن أمريكا تستخدم حق النقض (الفيتو)، وتقول للعالم كله: شكراً لاجتماعكم، هذا الأمر لن يتمَّ، انصرفوا إلى بيوتكم!
في هذا العالم، يجتمع مجلس الأمن مرّة أخرى، تُقرر أمريكا أن تشدَّ أذن طفلها المدلل لأن الأمر صار محرجاً لها داخلياً ويتعلق بصناديق الاقتراع، لا تستخدم أمريكا الفيتو هذه المرّة، ويصدر القرار بوقف إطلاق النار، الأُسرة البشرية اتفقت بالإجماع، العائلة الإنسانيّة أصدرتْ قراراً، ولكن الاحتلال قال لهم: انقعوه واشربوا ماءه!
هذا العالم الأهبل جداً يريد أن يقنعك أنّ من أغلق المعبر بأمر مجلس الحرب في تل أبيب بإمكانه أن يقوم بإنزال جويّ للمساعدات من رأسه وشهامته! يريدون منك أن تُصدّق أنّ من لا يمون على معبره وهو في أرضه وتحت وصايته وإداراته عُرفاً وقانوناً وحقاً، يمكنه أن يمون ويقوم بإنزال دون رضى مجلس الحرب في أرض غيره! مسرحيّات هزليّة، وتمثيليات فارغة!
شيء واحد يدعو للعَجب، شيء واحد يدعو للفخر: كل هذا يحدث والمقاومة ما زالت واقفة على قدميها تقاتل! ثم يأتيك معتوه ويُشكّك فيها، أعطِني سبباً واحداً جعلها تصمد كل هذا الوقت، في مثل هذا التكالب وهذه الظروف، غير أنها لله، وما كان لله يبقى! أعطِني سبباً غير هذا، سبباً واحداً فقط! لا تحاول فإنك لن تجد، إمبراطوريات ما كان لها أن تصمد أمام كل هذا، ولكنها مقاومة لله، وإنّ وقوفها أطول من أعمار من ينتظرون سقوطها!
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
بارك الله فيك أستاذي القدير،
“مقاومتنا لله،وما كان للهِ يبقى!” مَن كان الله معه لا مَلَّ ولا قَلَّ ولا ضَلَّ ولا ذُلَّ، ومَن كان الله معه فمَن عليه؟!
سدَّد الله رمي مجاهدينا الأبرار وثبَّتهم ونصرهم نصراً عزيزاً مبيناً على الصهاينة وكل مَن والاهم وكل قوى الشر والإرهاب والطغيان في هذا العالم المنافق المقزِّز…
النصر قادم بإذن الله تعالى فقط نحتاج للصبر وقوة العزيمة