
شعوبنا العربية حساسة.. لماذا؟
بقلم: خالد صافي
| 14 يونيو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: خالد صافي
| 14 يونيو, 2024
شعوبنا العربية حساسة.. لماذا؟
سهام الرزايا
بمجرد أن تنشر على مواقع التواصل دعوة للمقاطعة، أو طلبًا للخروج للتظاهر في الميادين، أو رجاءً بالجلوس في البيوت إضرابًا للاحتجاج على تخاذل الأنظمة في ظل الإبادة، التي يتعرض لها أهل غزة منذ أكثر من ثمانية أشهر؛ تنهال عليك السهام من الرزايا والمحاسيب والمناديب، واللجان والذباب والوكلاء، وأعوان الظلمة وسحرة الإعلام وعلماء السلطان، تتهمك بحزمة متكاملة من الجرائم، تشمل تدمير الاقتصاد وإشاعة الفوضى، والسعي لخراب البلاد والانقلاب على نظام الحكم.
أنت كفلسطيني – في عرف الأنظمة- ليس مسموحًا لك أن تخاطب بقية الشعوب، ولا أن تتحدث عن مأساتك، ولا أن تطلب منها يد العون، ولا أن تتدخل في شؤون البلاد الأخرى – على زعمهم-، ولا يحق لك إيقاظها من غفلتها، ولا تلويث أسماعها بحديث غابر عن معاني البطولة، وأحلام المجد التليد.. إياك أن تحدّث الأجيال عن رجال في غزة، صنعوا بطولاتهم بعزة في ساحات الجهاد والفداء، اترك الناس هَملاً، إنا لن نوقظهم أبدًا ما داموا لنا تبعًا، فاذهب أنت ومقاومتك وقاتلا إنا هاهنا قاعدون.
شيفرة غزة
لماذا تستفز غزةُ من حولها، وتثير الاضطرابات في البلاد المسالمة الهادئة المطمئنة المجاورة لها؟ هل المقاطعة الركن السادس من أركان الإسلام ونحن لا ندري؟ هل يتوجب علينا جميعًا الدفاع عن فلسطين؟ متى أصبحت فلسطين محور الكون؟ هل نمضي وراء أولئك الأشقياء الذين دمروا بلادهم لنعيث الفساد في بلادنا من بعدهم؟ جيشنا إنما وُجد لحماية بلادنا وليس للدفاع عن بلد آخر، واقتصادنا أمانة معقودة بناصية كل كلمة ننشرها؛ لذا ترانا نتوخى الحذر قبل التفوه بها..
هذه تعليقات من آلاف ربما مرت عليك أثناء حديثك عن غزة على شبكات التواصل، ولا تدري كم صرفت الأنظمة على الإعلام والوكلاء واللجان، لتبث تلك السموم في عمود الأمة الفقري، لتنخر فيه وتقوض بنيانه، وتجعله هشًا سهل الانهيار.
عذرًا يا سادة، لا نملك ترف الوقت للإجابة على تُرهات لاكها الشيطان، غزة لن تنتصر طالما أن الأمة غير مهيأة للنصر، هذه هي الشيفرة التي تفك لك رموز المعادلة، وتجيب كل ما سبق من أسئلة، ولو جمعتَ كل ما نُشر من وعن غزة منذ بدء حرب الإبادة في كلمة واحدة فستكون: استنهاض الأمة.
أسوار بلادي
نجح الاستعمار في تقسيم أمتنا إلى بلاد متجاورة، وسوّروها بحدود متناحرة، وأغلق أبوابها أمام كل قناة خير تربطهم بغزة الشهيدة، إياك أن تظن أن بلدك ناجٍ، جرب أن تفتح صفحة من الصراحة مع نفسك، وأن تسأل وتجيب بينك وبين نفسك (كي لا تسمعك الجدران) بشفافية على أبواب الخير التي تستنهض غزةُ بها الأمة، وتراها سبيلاً لمساندتها ونجدتها، والضمير هنا لا يعود على غزة، صدقني، من حقك أن تسأل: هل هذا يحدث في بلدي حقًا؟ إذن دعني أصحبك في جولة على الأسوار التي تحاصر بلدك:
– الدعاء
أبواب الدعم والإسناد لأهل غزة متعددة، ولكن معظم من تقابلهم في المساحات وعلى المنصات من أمتنا يؤثرون اختيار الإجابة الأسهل: “لا نملك إلا الدعاء”! قلت: الدعاء؟
ولكن، هل يدعو خطيب الجمعة في مسجدكم لأهل غزة ضد الاحتلال؟ ولو وقف رجل أمام المصلين ودعا جهرًا لأهل غزة ونصرتهم، وذكر في سجل دعائه السخط على إسرائيل وأمريكا وكل من تعاون معهم، أسيقول الناس خلفه “آمين” أم يولّوا مدبرين؟ هل الدعاء مسموح في إعلام بلدك والإذاعة المدرسية والأسواق وخطب الجمع على الاحتلال باسمه، وعلى المطبعين معه والمثبطين لإخوانهم والمرجفين في المدينة؟ أم إنكم عدتم في بلادكم إلى زمن الدعوة السرية؟
– الكلمة
مالي أراك تهمس إذا مر في حديثك اسم أحد رجال المقاومة أو تنظيماتها؟ لماذا تنظر حولك وتختصر كلماتك عندما تسألني عن أسماء الصواريخ وأنواعها؟ وكيف تعتبر نفسك تصدح بكلمة الحق ورأسك منخفض وعينك زائغة؟ لماذا تعتبر أن دعم المقاومة على صفحتك خطر على تجارتك، وأن إعلانك الوقوف إلى جانب المظلومين إدانة تستوجب السجن؟
لا تلق بالاً لكل ما تقول، ولكنك حريص حذِر ودقيق عندما تتحدث عن المحاصرين في غزة، كي تحافظ على إقامتك وسفرك وحلك وترحالك وعملك ورضا مسؤولك، كي لا تزعج أصحاب المعالي والفخامة والسمو.. والمجال الوحيد للحديث بحرية هو الحديث بهوية وهمية.
نعم، لقد تأكد لدينا بعد مائة عام من العزلة أن الشعوب وصلت إلى مرحلة التدجين بنجاح، وجلست في أعشاشها قانعة بمصيرها خانعة عن طيب خاطر، والغريب أن من بينها من جنّد نفسه لقتال من يثور على خنوعها.
– التظاهر
ماذا عن الخروج إلى الميادين؟ هل يمكنك الدعوة لذلك صراحة عبر حسابك على أيٍّ من مواقع التواصل؟ نعم الخروج في تظاهر سلمي حضاري في يوم الإجازة الرسمية، لأجل لفت أنظار العالم والأنظمة فيه إلى الإبادة التي يعيشها أكثر من مليوني إنسان محاصر ومظلوم في غزة، التظاهر المكفول لك بالقانون.. تقول إنه من الصعب أن يقف أكثر من خمسة أفراد في مكان واحد لخمس دقائق متواصلة دون أن يسألهم مخبر عن سبب تجمعهم؟ ومنعوا الجماهير كذلك من حضور مباريات كرة القدم في بلدك خوفًا من التظاهر؟ ولكن لماذا صدقتهم عندما قالوا لك إن التظاهر مقصود به رأس الحكم؟ وكيف اقتنعت أن الحديث عن غزة في الشارع يعني إسقاط النظام في بلدك؟ من ذا الذي شحن شعوبنا العربية بهذا الشعور بالعجز والضعف وقلة الحيلة؟ كيف رضيت بموقع المتفرج، بينما الشعوب الغربية لم تتوقف عن الانتفاض في الشوارع والميادين؟!
– المال
هب أنك تريد أن تتبرع بمالك للوقوف إلى جانب إخوانك، هل ستسمح لك السلطات في بلدك بإرسال المال بشكل رسمي للمقاومة؟ مالي أراك فاغر الثغر مشدوه العينين؟ ألم تتوقع مثل هذا السؤال؟ أم إنه من عظائم الأمور التي من الخطر الحديث عنها أو حتى قراءتها على صفحات الإنترنت؟
لحساسية موقفك أقول: دعك من المقاومة التي عملوا على شيطنتها لسنين، وهاهم اليوم يتآمرون مع الاحتلال للقضاء عليها، ماذا عن دعم إخوانك المحاصرين في غزة، وإغاثتهم من الموت جوعًا، هل تجرؤ على التصريح أو التلميح بإرسال المال لهم نقدًا أو عبر مؤسسة خيرية موثوقة؟ ماذا عن كتابة “تبرع لأهل غزة” في خانة الوصف للحوالة المالية؟ كيف سيكون رد فعل المخابرات في بلدك لو كررت ذات الفعل أكثر من مرة خلال الشهر؟ ولو أن أهل الحي طلبوا منك أن تجمع المال لترسله نيابة عنهم.. أكنت ستقبل؟ أم إنك تؤثر أن تنجو برقبتك من سؤال مخبر وغفير؟
الحديث عن المال صعب، هم جعلوه كذلك وأنت عشت الدور الذي رسموه لك كاملاً، أنت تؤمن في قرارة نفسك أن كل قرش تصرفه، للدولة عين عليه، وبمزاجها تغض الطرف عما تشاء، وتحاسبك عما تشاء في الوقت الذي تشاء، وعليك أن تحسن التصرف في مالك بحكمة.. يمكنك أن تنثره فوق رأس غانية تتمايل، ولكن إياك أن ترسله لشراء حليب لطفل يتلوى جوعًا في غزة!
احجز مكانك
رغم الظلام الحالك، مازالت الأبواب مشرعة لو أنكم دخلتموها بحقها، نصرتم غزة وأهلها، فالدعاء سهم والكلمة صدقة، والتظاهر حق والمال جهاد، وكل أولئك كان عنه مسؤولاً.. انزع عنك ربقة التخاذل، ولا تقف مع مثبّط ولا متفرج، ولا مفرط ولا مناصر عاجز.
عهد الخذلان
حرب الإبادة ومعاناة النزوح والتهجير، ودموع الضحايا وطوابير الحياةـ ونداء الصغار وآلام الثكالى وقهر الرجال؛ كل ذلك لم يتوقف يومًا! في غزة لا تتشابه الأيام، ولا تتوقف رحى الأحزان عن زيارة أشباه البيوت، وقطف البراعم الصغيرة من أحضان الأمهات في ريعان ألقها، لم يعد الموت بقنابل الاحتلال وحده يحصد أروح المحاصَرين؛ فالجوع رابضٌ بالباب يتربص، والقهر يفتك عِزة الأكابر.. وأعظم من هذا وذاك خذلان الحبيب، وتواطؤ القريب.

استشاري إعلام وتسويق رقمي
4 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
معك حق في جوانب عديدة أخ خالد، بيد أن الأمور تختلف من بلد إلى ٱخر حسب طبيعة النظام السياسي وعلاقته بالكيان… في الجزائر، كنظام سياسي لدينا حرية مطلقة في التعبير عن غزة وإساءة وجه الكيان، لكن التظاهر ممنوع يقال بسبب مامرت به الجزائر، المساجد متاحة للدعاء طبعا تبعا للولاية التي أقطنها.. لكن ما يدور في الكواليس لا أعلمه، ولا أظن أن فيه نظام سياسي عربي يجرؤ وجها لوجه يعادي الولايات المتحدة الأمريكية لعيون غزة، هذه حقيقة على قبحهها لكنها كذلك.
التبرع بالأموال، بشكل طبيعي يتم ذلك لكن لو للمقاومة الله اعلم…
نافلة القول، نحن نعيش أحلك العصور بأنظمة عاجزة أن تحرك جنديا واحدا خارج حدودها، أي نعم الجيوش وجدت لقتال شعوبها أولا، وقتال جيرانها ثانيا، لكن أن تنصر شعبا وتدخل في حرب لأجله هذه صارت حلما بعيد المنال، والضعفاء والمستسلمين أمثالنا يقولون أن الدعاء هو السبيل لكننا نسينا أن الدعاء له قواعد.
ولكن الأنظمة ستكتب للتاريخ شيئًا مختلفًا تقرأه الأجيال القادمة فتلعن غزة وتشيطن مقاومتها وتبرئ ساحة الزعماء والحكام وتكيل لهم المديح والسعي لإنقاذ المظلومين
لابد من طرق الافكار و استنهاض الوعي لتفيق الامة كلها ..
لان البديل ان تؤكل بلاد الامه بلدا تلو الاخر .
جزاك الله خيرا وكتب أجرك على كل حرف وكلمة ، حسبنا الله ونعم الوكيل إلى اين وصل حال المسلمين والعرب .