شوربة ماغي فرح لـ 2024

بواسطة | يناير 10, 2024

بواسطة | يناير 10, 2024

شوربة ماغي فرح لـ 2024

شهيرة بين البيوت كـ “مشروع شوربة”، تكمن شهرة ماجي مع ارتباطها بتنجيم الأبراج والتنبؤات. في هذا المقال، سنلقي نظرة على آرائها ونفحص صحة توقعاتها.

حقيقة وخيال في عالم ماغي فرح – تحليل وتقدير

شوربة ماجي معروفة لدى معظم البيوت بأنها في واقع الأمر “مشروع شوربة”، وتستخدم فقط لإضافة نكهة للطعام، وهي مثقلة بالملح الذي يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم الشرياني، وبالمقابل هناك شوربة ماغي فرح التي يتم تسويقها مع نهاية كل عام تقويمي، والتي أترك للقارئ الحكم على صلاحيتها أو مضارها (الصحيح أن نقول عام تقويمي، أو غريغوري نسبة للبابا غريغوريوس الثالث عشر، الذي قام بإلغاء التقويم اليولياني الذي أجازه يوليوس قيصر، ومن المؤكد أن المسيح عليه السلام لم يولد قبل 2023 سنة، ومن ثم فإن الحديث عن سنة ميلادية ناجم عن كسل فكري).

وإذا لم تسمع بماغي فرح، فاكتب اسمها في أي محرك بحث على الإنترنت، وقد تحسّ بعدها بأنك غير مثقف أو غير مواكب، لأنك ستجد ذكرها في مئات المواقع، وإذا كنت ذا جَلَدٍ وقرأت ما هو مكتوب قرين اسمها فستهتف “الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني”، فهذه السيدة عرّافة تمارس التنجيم بقراءة حركة الفلك، كما تزعم ويزعم رصفاؤها، وإذا قرأت الترهات التي توردها لمواليد مختلف الأبراج، فبالمصري “راح يطير برج من نافوخك” أي ستعتقد أن بك بعض المَسّ؛ أما عن الحالة العقلية للسيدة ماغي فإنها في تقديري في تمام العافية، فهي تستغل حالة السذاجة والغباء الوبائي المنتشرَين في بعض الأوساط، لتعمل لنفسها – بالمصري أيضا- “قيمة وسِيمة”.

انظر – حفظك الله- في قول ماغي عن حظوظ مواليد برج الحمل لعام 2024، الذي نعيش في مطالع الشهر الأول منه، وطالما أن هناك أكثر من 11 شهراً متبقية من السنة، وتزعم ماغي أنها تعلم ماذا سيحيق بالناس خلالها، فهي تعطي نفسها حق الرجم بالغيب! هي تقول: “خلال عام 2024 مولود الحمل مليء بالطاقة والنشاط، ولديه القدرة على إيجاد الطريقة للتخلص من أي مظاهر غير صحية، وقد تقوم بإجراء فحص عامّ أَو معالجة قضية صحية، والأنظمة التنفسية والعصبية عندك  ضعيفة”.. أليس هذا من قبيل قول قارئات الفنجان والكف: “عمرك طويل، وأجلك قصير”؟. فالشخص الحملاني – على ذمة ماغي- مليء بالطاقة، ولكنه يعاني من خلل في الجهازين العصبي والتنفسي، ومع هذا فإنه “قد يقوم” بالخضوع لفحص عام ومعالجة حالته الصحية، و”قد” هو حرف تحقيق وتشكيك! ثم تبشر الحملاويين بغزوات عاطفية بالقول إن لديهم “طاقة كبيرة تستثمر في مجال العاطفة المُتحفزة للغرام والحب”. خذ في الاعتبار أن مواليد برج الحمل مئات الملايين، ومن ثم فهم في نظر ماغي نسخ كربونية، بعضهم من بعض جسمانيا ونفسيا وعاطفيا وماديا.

أما مولود برج الثور، فـ”لديه فرص عمل، وسيحقق النجاح في مجال العمل”! كيف يكون هذا؟ فمن لديه فرصة عمل ليس كمن عنده عمل سلفا، ومن ثم فتحقيق النجاح في “فرصة العمل” أمر يسبب الخبل، خاصة وأنها تقول له إن أمامه فرص سفر كبيرة خلال 2024، دون أن تطمئنه عما إذا كانت الكواكب ستجعله يهتبل تلك الفرص، ثم تمضي ناصحة مولود برج الثور بالتركيز على أهمية المعلومات والاتصالات (وكأنما لا تثريب على مواليد أبراج الأسد والدلو والحوت والعذراء وغيرها إذا أهملوا أمر المعلومات وقطعوا الاتصالات بالآخرين)! ثم تتوالى البشريات: “قد تُشارك في نشاطات ثقافية، أو خطابية وتنجح بها نجاحاً باهراً”. ولكن كيف أنجح في هذا المضمار وأنا قد أشارك وقد لا أشارك في الفعاليات ذات الصلة؟ ثم تواصل ماغي القدقدة: قد تحصل على مكافأة لعملك، أو تدخل في استثمار مهم جداً، أو تتلقى دعماً من العائلة (وقد لا يحدث كل ذلك، فأين التكهن والتنبؤ هنا؟).

لإعطاء تخاريفها هذه بعض الصدقية عمدت ماغي إلى شيء قريب من لغة “شخارِم بخارِم سلامة الزير سالم” التي ينطق بها السحرة والحواة لإضفاء بعض الغموض على أنفسهم و”حركاتهم”، فتقول: “إن عام 2024 سيشهد عصر الدلو الذي يؤثر إيجابا على أربعة أبراج فلكية وهم، برج الثور، وبرج الأسد، وبرج العقرب، والدلو نفسه، حيث تشكل هذه الأبراج الأربعة نقاطا على هيئة مربع متصل ببعضه البعض”، ثم تنثر المزيد من غبار البهار: “هناك أبراج أخرى سترتاح من تأثير كوكب بلوتو، وهم برج الجدي، وبرج الميزان، وبرج الحمل، وبرج السرطان، وسيلاحظ مواليد هذه الأبراج بعض الارتياح من معاكسات بلوتو في أبراجهم”. ما هذا؟ كيف يرتاح الإنسان السوي للمعاكسات؟ ولماذا يستهدف بلوتو فئة معينة من الناس دون غيرهم؟

قبل سنوات ليست بالبعيدة واجه الماغي فرحيون (قارئو الحظوظ بالفلك) الأمريكان الكثير من الغمز واللمز والاستخفاف، فقرروا عقد مؤتمر جامع تداعوا له في مدينة شيكاغو، وقبل أربع وعشرين ساعة من اليوم المحدد للمؤتمر، هبت عواصف ثلجية عارمة وكاسحة على معظم ولايات الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وتوقفت حركة الطائرات والقطارات والسيارات، وعجز مندوبو معظم الولايات عن الوصول إلى شيكاغو للمشاركة في المؤتمر، فكانت القاضية لصدقية العرافين والمنجمين: لا تحسنون قراءة طوالعكم، ولا تحسنون التكهن حتى بحالة الطقس، فكيف لكم أن تتكهنوا بمصائر الناس على مدى شهور طوال؟!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...