
صمت الدولة الفاجع في الثقافة
بقلم: إبراهيم عبد المجيد
| 20 يونيو, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: إبراهيم عبد المجيد
| 20 يونيو, 2023
صمت الدولة الفاجع في الثقافة
يسألني كثير من الصحفيين عن أحوالنا الثقافية في مصر، وكثيرا ما أتجنب الإجابة، لا حذرا من شيء، لكن لكثرة ما كتبنا وقلة الاستجابة.
شرحنا للقراء وشرحنا للدولة، والقراء لا يملكون إلا الصمت، لكن صمت الدولة فاجع؛ فما هو عملها إن لم يكنالقضاء على المشكلات الكبرى والاستماع إلى الآراء؟. والاستجابة لا تخص وزارة الثقافة فقط، لكن تخص نظام الحكم نفسه.. أسعار الكتب صارت مرتفعة جدا بسبب ارتفاع سعر الورق الذي تجاوز سعر الطن منه 70.000 جنيه، وكان قبل ذلك في حدود 16.000 جنيه، ما جعل الكتاب الذي يصل إلى 160 صفحة، يفوق سعره 100 جنيه، وقد يصل إلى 150؛ وينتقد بعض القراء دور النشر بسبب هذا الارتفاع، ولا يعرفون أن ما يحدد سعر الكتاب ليس سعر الورق نفسه، رغم ارتفاعه، ولا ما يعود على المؤلف الذي لا يتجاوز نصيبه 15%، ولا حتى مكافأة مصمم الكتاب، ولا من رسم غلافه، لكن عملية البيع نفسها.
فالموزعون في المكتبات يتقاضون مابين 30% و50% من سعر الكتاب؛ وطبعا، لن أحدثك عن عمل دار النشر نفسها، وتكلفة مكانها وأجور العاملن فيها. لذلك تقوم دور النشر بمضاعفة السعر الابتدائي، أي سعر التكلفة، أربع مرات، أو على الأقل ثلاث مرات، تنقسم بينها وبين موزعي الكتب أو بائعيها. فالكتاب الذي يكلف 50 جنيها يكون سعره 150 أو 200، يفوز الموزّع بثلثها أو نصفها ويفوز الناشر بمثله؛ وعادة، لا ينفد الكتاب في يوم واحد، فيكون مايفوز به الناشر قليلا، إلا ما حمل أحد الأسماء لبعض المؤلفين. شرحنا للقراء ذلك فصمتوا، لكن ما معنى سكوت الدولة؟!.
نحن نحتاج أن تعرف الدولة أن الأدب والإبداع مدخل كبير لحب البلاد وزيارتها، كما هو الحال بشأن الآثار المصرية القديمة مثلا..
الحل الوحيد هو أن ترفع الدولة يدها عن فرض ضرائب على الورق ومواد الطباعة. ساعتها سينخفض سعر الورق وأدوات الطباعة كثيرا. لقد وصلنا الآن للأسف إلى أن سعر الكتاب الذي يقع في 500 صفحة يصل إلى 400 جنيه، وهذا أمر مجهد جدا للقارئ. طبعا، وجد كثير من القراء الحل في القراءة من الإنترنت في مواقع رسمية غير مزيفة مثل ” أبجد “، لكن هناك أيضا مواقع مزيفة تسرق الأعمال، وهذه أيضا لا تتحرك الدولة ضدها؛ وهذا أثّر سلبا على دور النشر وقلل مبيعاتها، فارتفعت أسعار الكتب.. موقع مثل”أبجد” يختلف، لأنه يدفع للناشر نسبة من اشتراكات القراء أو من قراءاتهم، ويخبره بذلك دائما؛ والناشر بدوره يعطي المؤلف نسبته مما يعود عليه في الموعد السنوي المحدد للمحاسبة.
يوما ما كان لدينا مشروع لمكتبة الأسرة، وكان ينشر من الكتاب مابين 10.000 و30.000 نسخة، وكان سعر الكتاب زهيدا جدا لا يزيد للكتاب الكبير عن ثلاثة جنيهات؛ فهل كانت وزارة الثقافة تتحمل وحدها دعم الكتاب؟. أبدا لم يحدث، لأنها بميزانيتها لا تستطيع، لكنها كانت تُشرك معها وزارات أخرى، مثل وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، ووزارة الشباب.. لماذا كانوا يشتركون؟. ليس لأن المشروع كان تحت رعاية السيدة سوزان مبارك فقط، لكن لأن كل هذه الوزارات كانت تأخذ من الهيئة العامة للكتاب أكثر من 1000 نسخة تضعها في مكتباتها، وما أكثر مكتبات وزارة الشباب في نواديها!. وطبعا، ما أكثر مكتبات وزارتي التعليم والتعليم العالي!. قد لا تستطيع وزارة الثقافة التعاون وحدها مع هذه الوزارات الآن، لكن مجلس الوزراء يستطيع أن يناقش الأمر معها إذا كانت الثقافة شيئا واردا في أعماله؛ والأمر سهل أن تعود هذه الوزارات لدعم مكتبة الأسرة، التي لم تعد تطبع أكثر من 3000 نسخة ويمكن أن تكون 5000 على الأكثر، وبسعر ليس عاليا طبعا، لكنه ليس كما كان يوما كسعر فنجان قهوة أو شاي.
كان هذا أحد الأسئلة التي لا إجابة عليها أبدا لكثرة ما أجبنا عن الأسئلة، ولا حل أو أمل..
السؤال الثاني الذي لا أثيره كثيرا من باب اليأس: لماذا يقبل المصريون من الكتّاب على الجوائز العربية؟. والإجابة واضحة جدا، وهي: لقيمتها المادية من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن بعض الجوائز، مثل البوكر أو كتارا، تتيح ترجمة الكتاب إلى لغة أجنبية. الجوائز المصرية ليست سيئة قياسا إلى مستوى المعيشة، ويتقدم إليها الكثيرون أو يتم ترشيحهم إليها، لكن هذه الجوائز تفتقد خاصية الترجمة التي تتمتع بها الجوائز العربية.. هل هذا أمر صعب؟. ليس صعبا أبدا، فكل ما يحتاجه هو تخصيص مبلغ لدفع حقوق المترجمين من العربية إلى لغة أجنبية، وأي دار نشر عالمية ستوافق على ترجمة الكتاب مادام قد توفر لها أجر المترجم.. حقوق المؤلف دائما مؤجلة لأنها من المبيعات، تزيد أو تقل معها. هل مصر غير قادرة على ذلك؟. مصر تستطيع لو كان للثقافة معنى، فالعالم لا يعرف عنا إلا السياسة والإرهاب. طيب، ألا توجد ترجمات للأدب المصري في العالم؟. توجد طبعا، ولكن ليس بكثافة أعداد الكُتَّاب ولا الأعمال القيمة، ولا تصل نسبتها إلى 1% من الإنتاج؛ ومصر لديها أجيال مبدعة من الكُتاب، يفوز منهم كل عام واحد أو اثنين بالترجمة إلى لغة أخرى لأنه فاز بجائزة عربية.
نحن نحتاج أن تعرف الدولة أن الأدب والإبداع مدخل كبير لحب البلاد وزيارتها، كما هو الحال بشأن الآثار المصرية القديمة مثلا.. هل يأتي السياح لمعرفة تاريخ أحمس أو رمسيس أو مينا أوخوفو أو غيرهم؟. أو حتى عمرو بن العاص أو سيف الدين قطز أو صلاح الدين الأيوبي أو الناصر قلاوون أو غيرهم؟. هذا أمر سهل متوفر في الكتب، لكنهم يأتون ليشاهدوا الإنجازات الثقافية من معابد وقصور وأسبلة وتماثيل ورسومات ونقوشات على الحوائط، وكل أشكال الفنون القديمة التي حُفظت بالذاكرة عبر التاريخ. لو على تاريخ الحكام لن يأتي أحد لأن الكثيرين كانوا ظلمة، لكن هؤلاء الظلمة استعانوا بالفن للخلود، والفن صار جاذبا للسياحة التي تريد البلاد إنعاشها، أو التي تشكل مصدرا كبيرا للدخل. لكن للأسف، يبدو أن الحكم في بلادنا توقف عند القديم ولا يعرف شيئا عن الجديد.. إنهم لم يحاولوا مرة أن يقيموا معرضا للفنون التشكيلية المعاصرة مثلا في أوروبا، ولدينا فنانون عظماء لهم إنتاجهم الرائع. فمتى تعرف الدولة أن رسالة الثقافة في العالم أعظم من رسالة السياسة والاتفاقات التجارية، التي يراد بها غالبا كف نظر العالم عن أخطاء الحكم!.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق