
صمود غزة.. ورسالة الأدب المقاوم
بقلم: أحمد مولود أكاه
| 22 مايو, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أحمد مولود أكاه
| 22 مايو, 2023
صمود غزة.. ورسالة الأدب المقاوم
تفيض تلك الكلمات، التي بثها سميح القاسم إلى صديقه محمود درويش ذات رسالة، بمدى الارتباط الحقيقي بين الفن والوطن: “صديقي العزيز، إننا نرسم بحبر الروح وبدم القصيدة سهما واضحا -أرجو أن يكون واضحا- يؤشر إلى الاتجاه السليم نحو.. زيتونتنا وزهرة برقوقنا اللاذعة”، لا ضياع إذن للطريق نحو العودة، ولا انفكاك من الحلم، ما دامت الحال هذه، وما بقي للكلمات إشراقها على درب البطولات ومسار الأمل المنشود.
في كل مرة تطفو فيها الأحداث بأخبار غزة على السطح، يأخذ الجرح الفلسطيني مدى جديدا، متزودا من أسئلة اليوم والأمس، ومخزون الأدب المتجدد بقصة الأرض والإنسان في فلسطين؛ ذلك الأدب الذي سار بين منعرجات ظلال الزيتون، وبيوت الشهداء، وأسراب الحمام، فوق قبة القدس، صانعا من عناصر المشهد حقيقة الفن، الذي أخذ اسم “أدب المقاومة”.
في هذا السياق، ومن عقر أرض فلسطين أيضا، نبتت تلك التسمية تحدوها الأهازيج، عندما صاغ غسان كنفاني عنوان “أدب المقاومة في فلسطين المحتلة” اسما لأحد كتبه.
لا يلتفت الأدب المنصهر مع الأرض إلى شيء، فهو مع المكان قريبا وبعيدا، وإذا ما كان المكان تلال فلسطين المحتلة وأرجاء مدنها، فإن روح الانتماء أصيلة، وبسعة خريطة دول الإسلام.
وفي هذا الخضم الاستثنائي، لا ينغرس حضور هذا المنتوج الأدبي في رمال ربوعه المكلومة فحسب، فالأرض ذاتها تغدو مغروسة في عمق هذا الأدب، ويصور ذلك بدقة وبتقنية عالية من بعد شاعر اليمن، حين يقول عن الأرض الفلسطينية:
هذه الأرض درجنا فوقها وتحدّينا بها أعدى العوادي
وغرسناها سلاحا وفدى ونصبنا عزمنا في كلّ وادِ
وكتبنا بالدّما تاريخنا ودما قوم الهدى أسنى مداد
ولا يمكن القيام بهذه المهام إلا من طرف “رجال في الشمس”، كما عند كنفاني؛ وبما أن هذه الأرض ومدائنها المسلوبة ذات رمزية خاصة، فهي بمثابة شمس مضيئة، لذا كان عنوان “باب الشمس” لإلياس خوري بوابة للعبور إلى حقيقة هذه المقاربة.
لا يلتفت الأدب المنصهر مع الأرض إلى شيء، فهو مع المكان قريبا وبعيدا، وإذا ما كان المكان تلال فلسطين المحتلة وأرجاء مدنها، فإن روح الانتماء أصيلة، وبسعة خريطة دول الإسلام. مِن هنا لمّا وقف أديب وفيلسوف الإسلام، محمد إقبال، في بلاد فلسطين تمثَّل من الأدب العربي في حق هذا البلد منشدا:
ولما نزلنا منزلاً طَلَّه الندى أنيقا وبستانا من النور حانيا
أجدَّ لنا طيب المكان وحسنه مُنى فتمنينا فكنتَ الأمانيا
ما زالت حلقات الهم الفلسطيني موصولة تترى، وعمر لم يظهر في القدس بعدُ، على وفق مفردات نجيب الكيلاني.. والأمنيات المهداة إلى “تلك المشارف والبطاح” ما زالت صدى لقول الجواهري:
فلسطين، سلام الله يسري على تلك المشارِف والبطاح
رأيتُكِ من خِلال الفجر يلقي على خُضْر الربى أحلى وشاح
مضمّنا ذلك حكمته:
وتاريخ الشعوب إذا تبنّى دمَ الأحرار لا يمحوه ماح
إنه ما تغالبه المدن الفلسطينية، وتتأبى مدينة غزة تجاهه؛ لذا يفسر محمود درويش حال غزة من هذه الزاوية: “لأن القيم في غزة تختلف.. تختلف.. تختلف.. “.
وفي مقدمة تاريخ الشعوب، أدبها المنافح عنها.. قصائدها المتماهية مع محطات فصول تاريخها، لتغير الواقع إلى شكل أفضل عبر نماذج الأدب؛ سواء سلكت منهج (راشيل) لنزار قباني، أو التراجيديا المرسومة بوجع حروف فدوى طوقان، أو عكست تساؤلات ونداءات ذلك الشاعر الصادح، الملقب بزيتونة فلسطين:
فلسطين الجريحة كيف أحيا بعيدا عن سهولك والهضاب
وكم يتمنى ألا تكون فلسطين في رجع الجواب المنتظر كدار النابغة الذبياني: “عيّت جوابا وما بالربع من أحد” .
إنه ما تغالبه المدن الفلسطينية، وتتأبى مدينة غزة تجاهه؛ لذا يفسر محمود درويش حال غزة من هذه الزاوية: “لأن القيم في غزة تختلف.. تختلف.. تختلف.. “. وتلك هي الميزة الفارقة بالضبط في نظر أدب المقاومة، الذي تطل أشعاره من أروقة هذه الفكرة؛ فقديما، مع بواكير لقطات الجرح الفلسطين قال علال الفاسي شاعر المغرب:
هل كان يملك أرضنا بلفور حت ى يستبيح مقايضات الصفقة
وجزم أعشى صنعاء (البردوني) بأن الخيبة المحكوم بها على قرار بلفور، هي تماما مثل: (خيبة التجّار في سوق الكساد)
لذا، ليس من الغريب من هذا المنطلق أن يتحدث الشاعر تميم البرغوثي عن إعلان الحمام لدولة في الفضاء بين رصاصتين، في قصيدته “في القدس”، فقدرة الأرض أقوى أن تعبر عن نفسها، ولو بأي صورة، والفن والحقيقة أبقى.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق