
“طوفان الأقصى”… يحطّم أساطير إسرائيل!
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 9 أكتوبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 9 أكتوبر, 2023
“طوفان الأقصى”… يحطّم أساطير إسرائيل!
روّجت إسرائيل لعدد من الأساطير التي تصورها على أنها الدولة الأقوى، وصاحبة الديمقراطية الوحيدة في الإقليم، ومحتكرة السلاح النووي في المنطقة؛ ولطالما مجَّدت تلك الأساطير براعة إسرائيل بالتصنيع العسكري والتكنولوجيا والأمن السيبراني، وبرامج التجسس والتنصت التي تسوِّقها وتصدرها لدول العالم… كل تلك الأساطير حطَّمتها عملية “طوفان الأقصى” وحوَّلتها إلى سراب، في عملية يشبهها البعض بـ”11 سبتمبر إسرائيل”! ووصفها نتنياهو باليوم الأسود.
أعلنت إسرائيل حالة الحرب للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر 1973، وأقرت حالة الطوارئ في اليوم الثاني من عملية “السيوف الحديدية” الإسرائيلية، التي جاءت ردا على عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها كتائب عزالدين القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية” “حماس” وانضمت لها حركة الجهاد الإسلامي، ما شكَّل صدمة مباغتة ضد غطرسة وتمادي حكومة نتنياهو السادسة، وهي الأكثر تطرفاً وعنصرية وفاشية، بأحزاب دينية تفرض أجندتها المتطرفة لنسف حقوق الفلسطينيين وتجريدهم من حقوقهم كرامتهم، وحرمانهم من ممارسة عباداتهم، وهي تتمادى في الاعتداء على الأقصى، وتقتحم مدن ومخيمات الضفة الغربية وتعيث فساداً وتدميراً وسفكاً للدماء؛ فكان أن جاء الرد الطبيعي على تلك الجرائم بعملية نوعية صادمة مُستحقَّة.
ذُهل النظام الإسرائيلي بجرأة هجوم حماس في إطلاق آلاف الصواريخ، واقتحامها ونقل المعركة لداخل المستوطنات المحتلة وغير الشرعية في غلاف وجوار غزة وبعمق 40 كلم، في سابقة نوعية في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي؛ ما دفع النظام الحاكم في إسربئيل، بدءاً من رئيس الدولة ورئيس الوزراء، وامتدادا إلى وزرائه المصدومين بعملية حماس الجريئة في الرد على جرائم حكومة أقصى اليمين المتطرف بحق الفلسطينيين في القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية وغزة، والساعية للإفراج عن آلاف الأسرى في سجون الاحتلال؛ ومن يزرع الريح يحصد الطوفان.
عملية “طوفان الأقصى” ستُدرَّس في مناهج التدريس في الكليات العسكرية، وستأخذ مكاناً لائقاً في كتب تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي؛ فإنه لأول مرة يُلحِق تنظيم عسكري مسلح (ليس دولة) هذه الضربة النوعية الإستراتيجية المؤلمة، برغم كونه تحت الاحتلال والحصار منذ عام 2007، ما أربك دولة كبرى بقدراتها العسكرية والاستخباراتية والأمنية وأمنها السيبراني الذي تصدره للعالم للتنصت والتجسس والاختراقات والقرصنة الالكترونية.
فإذا بإسرائيل تفشل عسكرياً واستخباراتيا وأمنياً وحتى نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ اخترقته الصواريخ التي أطلقتها كتائب عزالدين القسام والتي طالت تل ابيب ومطار بن غوريون والقدس.
لكن الضربة الموجعة كانت في اليوم الثاني من عملية طوفان القدس، بحجم الخسائر التي مُنيت بها إسرائيل رداً على جرائم حربها، وقد كان بشكل صادم وغير مسبوق.. اعترفت إسرائيل بمقتل ما لا يقل عن 700 إسرائيلي في يومين، بينهم حوالي 70 عسكرياً وشرطياً، بعضهم ضباط برتب عالية وأحدهم قائد لواء، مع إصابة أكثر من 2200 شخص، إصابات بعضهم خطرة وحرجة؛ وهناك أكثر من 100 أسير ومفقود لدى حماس، لكن “حماس” لم تعلن أعداد الأسرى الذين أخذتهم من المستوطنات ونقلتهم إلى غزة، وهم يعيشون الآن كحال الغزيين، ما فع نتنياهو للانتقام والتشفي وتطبيق سياسة الأرض المحروقة!
لأول مرة في تاريخ الحروب الإسرائيلية تُخاض حرب “طوفان الأقصى” داخل كيان الاحتلال لا خارجه، وتهان إسرائيل علناً وتفقد بوصلتها، وتتكبد خسائر عسكرية ومدنية تجاوزت أعدادها تعداد ضحايا وشهداء وإصابات الطرف العربي (الفلسطينيين). وقد قتلت إسرائيل أكثر من 423 مدنيا بريئا بقصف غير مسبوق على قطاع غزة، وسبق عملية طوفان الأقصى قتل إسرائيل حوالي 250 فلسطينياً منذ مطلع العام.
جاء التهديد بمسح غزة وتعقُّب وتدمير حماس، وشنت آلة القتل الإسرائيلية غارات وقصفاً محموماً على غزة، سعياً للانتقام والتشفي من جرأة العملية الفلسطينية بقيادة كتائب “عزالدين القسام”، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي جاءت بقصف صاروخي بآلاف الصواريخ التي طالت تل أبيب والقدس وغلاف غزة والجنوب بقطر يتجاوز 80 كلم، رافقه اجتياح بري لجميع المستوطنات براً وبحراً وبطائرات شراعية، ففاجؤوا بشكل مباغت القوات الإسرائيلية في يوم عطلة دينية مهمة وفي الاحتفال بـ”عيد العُرش” عند اليهود.
وفي تقدير للموقف لإنجازات عملية طوفان الأقصى يمكننا رصد التحولات المهمة التالية:
– قدرة فصيل فلسطيني، هو ليس جيشاً، على إحداث زلزال هز صلف وغرور الكيان الأقوى، ما أدى لتآكل قدرة ردع إسرائيل وفرض توزان الرعب، وإلجاء إسرائيل لدفع ثمن أي عدوان مستقبلي على المسجد الأقصى.
– فرض مقايضة السجناء.
– تغيير قواعد اللعبة بفرض واقع جديد للصراع العربي-الإسرائيلي، وكسر هيبة إسرائيل بتغيير المعطيات القائمة والستتيك
– وسقوط استراتيجية القلعة!
وقد بدأ العد التنازلي لانهيار حكومة نتنياهو، ولذلك لن يكون ما بعد 7 أكتوبر 2023 كما قبله.
يؤكد إسماعيل هنيه رئيس المكتب السياسي لحماس، أن جميع اتفاقيات التطبيع لن تنهي الصراع مع إسرائيل؛ لذلك ستفرمل عملية طوفان الأقصى أي مفاوضات وأي محاولات لتطبيع قادم، وخاصة مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل برعاية أميركية مقابل مكاسب للفلسطينيين، لن تحقق بالضرورة دولة لهم، كما تنص مبادرة السلام العربية التي أساسها مبادرة سعودية، وعلى الأرجح مع وعد العودة للمفاوضات بشأن مستقبل دولة فلسطينية، وهو ما ترفضه الحكومات اليمينية المتطرفة!
كرّست عملية طوفان الأقصى نهاية نجاح التطبيع بتجاهل الحق الفلسطيني، وأكدت أنه لا حل ولا استقرار في المنطقة بدون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يأخذ بالاعتبار حقوق الفلسطينيين، دون تهميش لهم كما كان نهج إدارة ترامب في الاتفاق الإبراهيمي والتطبيع بين الإمارات والبحرين والسودان والمغرب عام 2020 مع إسرائيل، الذي تجاهل الطرف الفلسطيني كلياً؛ وهو النهج الذي تكرره إدارة بايدن من خلال الاصطفاف والدعم الكامل لإسرائيل، وتكرار تأكيده لدعمها، معتجاهل حقوق الفلسطينيين.
وبرغم غياب الإجماع العربي، يتميز موقف دولتي الكويت وقطر الأكثر انتقاداً لإسرائيل، والذي يحمِّلها مسؤولية التصعيد وتفجير الأحداث الأخيرة التي جاءت حسب بيان الخارجية الكويتية: “نتيجة استمرار الانتهاكات والاعتداءات السافرة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. وتقف وتساند الكويت الشعب الفلسطيني الشقيق”. كما حمل تأكيد أمير دولة قطر: إدانة “انتهاكات إسرائيل للشعب الفلسطيني وأراضيه ومقدساته التي تقوض التوصل إلى عادل للقضية الفلسطينية”.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق