عندما يكسل العقل
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 25 يونيو, 2023
مقالات مشابهة
-
“انفجار جمجمة” على الحدود المصرية الليبية!
في روايته البديعة "انفجار جمجمة"، رسم الأديب...
-
نموذج البطل
بعضُ الحوادث لا يُمكن أنْ تجتازَها بسهولة، تظلّ...
-
العالم الفكري للروائي عبد الرحمن منيف
الرمز في الشخصيات والزمان والمكان توثيق تاريخي...
-
فرية “النامي” وعملية غليلوت
الفرية التي جاء بها مشعل النامي على نساء غزة،...
-
هاريس ضدّ ترمب: ماذا أرى في الكرة البلورية؟
يتذكّر بوب وودورد Bob Woodword، الكاتب الصحفي...
-
مع مذكرات وزير إعلام عبد الناصر
تذكرت أنني اشتريت نسخة من مذكرات محمد فايق، وزير...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 25 يونيو, 2023
عندما يكسل العقل
لا تخلو محاضراتي من أسئلة العموميات والشموليات والكليات التي لا أحبها، مثل: هل الدعوة الوهابية على باطل؟. هل الدولة الفاطمية دولة خيّرة؟. هل العثمانيون قبوريون مشركون؟. هل العرب هم خير الأمم؟. هل الأعاجم عالة على الدين؟. هل الأمويون عنصريون؟. هل تحب القهوة الشقراء؟.. إلى آخر تلك الأسئلة التي لا توجد لها إجابة واحدة منفردة، وتحتاج إجاباتها إلى شيء من التفصيل، بينما يرغب منك السائل أن تجيبه فقط بـ (نعم) أو (لا).
هذه الظاهرة هي، كما قال أحد المفكرين العرب، ظاهرة (كسل العقل)، ويعني ذلك أن العقل البشري لا يحب الألوان الرمادية التي تكون بين السواد والبياض، ولا أن يجتمع الموجب والسالب في الكيان الواحد، فيعيش متقلبا حائرا، إنما يريد أن يكون الأمر واضحا بيِّنا وأن يتخذ موقفا واحدا؛ وهذا جميل إن أراد الإنسان أن يتعامل مع المنطقيات التي لا تقبل وجود الموجب والسالب في آن معا، كما في مسألة: هل يحتوي الماء على شيء غير الهيدروجين والأوكسجين؟.. هذا أمر واضح لا يقبل رمادية الإجابة.
أما الأسئلة التي تتعلق بإطلاق أحكام نهائية بالشر أو الخير لدولة، أو كيان، أو تنظيم، أو رأي بشري، أو أفراد.. فإنها تثير أمورا لا نستطيع الحكم عليها بصورة مطلقة، فالدولة الشريرة قد تكون خيّرة في جانب ما، والانسان الخيّر قد يكون شريرا ومقصرا في جانب من جوانب حياته.
لا كمال في حياتنا الدنيا، وليس لشيء في هذا الوجود كمال مطلق وحكم مطلق، وحتى الشيطان أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم موقف صدق مع عداوته، فقال في شأنه للصحابي: (صدقك وهو كذوب).
فالواجب علينا عندما نحكم على أمر ما كفكرة، أو دولة، أو تيار، أو أفراد.. أن نأخذ بكل التفاصيل، وأن نضع الميزان حسب جهدنا واجتهادنا ونذكر المزايا والعيوب، امتثالا لقول الرب عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) [المائدة: 8]. فنقول لمن أحسن أحسنت في كذا، ولمن أخطأ أخطأت في كذا، ونجعل كفة الحكم تميل مع ما مالت إليه حقيقة الأمر، حتى نكون أكثر إنصافا وعدلا.. إلاّ في القهوة الشقراء، فحكمي فيها واضح جليّ لا يحتاج تفصيلا، فلا تسألني عن تلكمُ الشقراء يا حمد.
أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
معضلة الإعلام عن غزة بين الحياة والموت
منذ طوفان الأقصى، ومواقع التواصل تحتفي بأخبار إبداعات أهل غزة، ومبادراتهم التي تنهض وسط الإبادة والحصار، وتطرق جدران الخزان لتبعث برسائل التحدي، بهدف إظهار تمردهم على الواقع الصعب الذي فرضه الاحتلال، وإعطاء الأمل للعالم في أن هذه الثلة الصابرة المحاصَرة المرابطة قادرة...
“انفجار جمجمة” على الحدود المصرية الليبية!
في روايته البديعة "انفجار جمجمة"، رسم الأديب النوبي الراحل "إدريس علي" صورة قلمية مدهشة لبطل الرواية "بلال"، الذي تداخلت شخصيته واختلطت سيرته بشخصية وسيرة "إدريس" نفسه. "بلال" باختصار إنسان مر بظروف قاسية في حياته.. قادم من الجنوب إلى القاهرة بثقافة "التهميش"، أحب...
نموذج البطل
بعضُ الحوادث لا يُمكن أنْ تجتازَها بسهولة، تظلّ طعنةً في القلب، وحربةً نافِذةً في الرّوح، ومع أنّ الدّموع قد تجفّ، والأيّام قد تمرّ، والعهود تتقادَم، إلاّ أنّ جرحًا ما يظلّ طريًّا نديًّا مهما غَبَرَتْ عليه السّنون. كيفَ تُنسَى وتلك الصُّورة الأُسطوريّة لرحيلك عصيّةٌ...
0 تعليق