غرناطة في عصر بني الأحمر
بقلم: سامي كمال الدين
| 16 يناير, 2024
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: سامي كمال الدين
| 16 يناير, 2024
غرناطة في عصر بني الأحمر
تحاكي غرناطة في ذاكرتنا حقبة فريدة من التاريخ الإسلامي، حيث ازدهرت الحضارة والفنون. هذه المدينة الإسبانية شهدت فترة رائعة في العصور الوسطى، وخاصةً في عهد بني الأحمر. سنستعرض حياة هذه الأسرة الرائدة في غرناطة من خلال كتاب “الحياة الاجتماعية في غرناطة في عصر دولة بني الأحمر” للدكتور أحمد ثاني الدوسري.
رحلة في زمن المسلمين وتألق الأندلس
تبقى الأندلس مرحلة مختلفة من مراحل التاريخ الإسلامي يدور حولها الجدل، ونشتم نحن من عبقها رائحة أناس منّا، عاشوا هناك وخلفوا حضارة نباهي بها الأمم، كما تبقى غرناطة – آخر معقل للمسلمين في شبه الجزيرة الأيبيرية- علامة من علامات الدهشة والألم!
حملت غرناطة راية الجهاد على يد أسرة بني الأحمر، التي استطاعت إطالة عمر ديار الإسلام هناك لأكثر من قرنين من الزمن، على الرغم من الظروف العصيبة التي عاشتها، إلا أن ما أتيح لها من ظروف المعايشة المشتركة بين عناصر سكانها المتعددة جعلها مستودعًا للقدرات العسكرية والمهارات العلمية والأدبية والخبرات الفنية.. لذا توهجت الهندسة المعمارية، وتطورت العلوم، سواء منها علوم الدين أو علوم التاريخ أو الطب والشعر والأدب؛ كما أن غرناطة أصبحت مركز إشعاع حضارى وثقافي، حج إليها مشاهير العلماء والفقهاء والمتصوفين؛ ولم تكن المرأة الغرناطية بمعزل عن هذا كله، حيث تجاوزت دورها الطبيعي، وساهمت في كل المجالات، وأبانت كفاءتها الأدبية والعلمية.. لكن الأيام لم تمهل هذه المملكة لمزيد من الاستمرار والتنعم، فالنصارى الإسبان كانوا دائمًا متربصين لإفناء الإسلام، فأنهكوا قواها، وذهبت إلى مصيرها المحتوم ومصرعها المبكي عام 897 هـ/ 1492م، فكان سقوطها إيذانًا بإنهيار صرح الأمة الإسلامية هناك .
من هذا المنطلق يتناول الدكتور أحمد ثاني الدوسري حياة أسرة بني الأحمر في غرناطة، في كتابه “الحياة الاجتماعية في غرناطة في عصر دولة بني الأحمر”، الصادر عن “إصدارات المجمع الثقافي– أبوظبي”. وهذا المبحث يعد رسالة الدكتوراه للدوسري من جامعة محمد الخامس في المغرب، وكان قد حصل على الليسانس في الآداب من جامعة بيروت، وله العديد من الأبحاث والمقالات في التاريخ الأندلسي .
قسم المؤلف كتابه إلى ثلاثة أبواب، كان أولها عن غرناطة ونشأتها وعن بني الأحمر وأصلهم وعن عبد الله الغالب والزعامات الأندلسية المجاورة، ثم تعرض لسكان غرناطة من العرب والبربر والمولدين والمستعربين واليهود؛ وجاء الباب الثاني عن العمران النصري وخصائصه، حيث تناول العمارة الدينينة والبدائع الزخرفية لقصر الحمراء .
العمارة الإسلامية وقصر الحمراء
يُعتبر قصر الحمراء فخراً للعمارة الإسلامية التي أبقت عليها حوادث الزمن، وأروع ما انتفعت به العين من الصروح الأثرية، لدقة صنعه، وجمال تعبيره، وصدق مكوناته، وأصالة فنَّه؛ فقد أوحت مشاهده لكثير من الفلاسفة والكتاب والشعراء بأروع التأملات في الأدب الخالد، وأثارت رؤيته خيال الموسيقيين والمصورين والفنانين.
يتفق غالبية مؤرخي الحمراء أن اسم هذا القصر في نهاية القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) كان يُطلق على حصن صغير، فرّ إليه العرب أثناء الفتن التي شبت في عهد الأمير عبد الله الأموي، يقع على الضفة اليسرى لنهر حدرة على هضبة السبيكة، كانت مساحته صغيرة، لكن مباني القصر امتدّت على الهضبة كلها أيّام بني نصر؛ ولما دخل ابن الأحمر النصري غرناطة في رمضان 635هـ/ 1238م، اتخذ هذه القصبة مركزاً له وبنى فيها قصره، وجعلها قاعدة ملكه؛ فما وافت السنة التالية 636هـ (1239م)، حتى اختلف المبنى عن الحصن القديم في أغراضه وسعته وفخامته، فغدا أكثر من حصن، بل غدا مدينة ملوكية كاملة.
تأكّد ذلك بقول ابن الخطيب: إنه أمر بإقامة البناء والعمل على إتمامه بسرعة، ولم يغب عن ذهنه توفير الماء اللازم لقصره، حيث أمر بإنشاء سد على نهر حدرة ليؤخذ منه الماء مباشرة للحصن بواسطة سواقٍ؛ وقد اختلفت آراء عدد من المؤرخين حول أصل تسمية القصر بـ”الحمراء”، فمنهم من رأى أن الاسم راجع إلى احمرار أبراجه الشاهقة، أو إلى لون الآجرّ الذي بُنيت به أسواره، أو لون التربة الحمراء التي شيد عليها القصر، بل ومنهم من رأى أن التسمية حديثة وأنها من صنع الإسبان الذين أطلقوا عليه اسم”Alhambra” .
ومنذ أن اتُّخذ هذا الحصن قاعدة لملوك بني نصر، شيدوا عليه مجموعة من الأبراج المنيعة، كالبرج الكبير المسمى برج الطليعة “Torre de Lavela” ، وبرج التكريم “Torre de homenage”؛ وفي أواخر القرن السابع الهجري أتم محمد الثانى المعروف بالفقيه الحصن والقصر الملكي وجزءاً من أسوار الحمراء، بينما بنى محمد الثالث المسجد الجامع بالقصر. وقد بلغت عمليات البناء والتشييد ذروتها في عهد السلطان يوسف الأول وابنه محمد الخامس؛ أما الأول فقد نُسب إليه بناس السور المحيط بالحمراء بأبراجه وأبوابه، كباب الشريعة، وباب العدل، وقصر البرطل، وبرج الأسيرة، وبرج الشرفات أو الأسنة، وبرج مخدع الملكة وقصر الريحان، وبرج قمارش، وقصر السلطان، والحمامات السلطانية؛ بينما أتم السلطان الثاني ما قد أُنشئ في عصر أبيه، كما أنشأ مجموعة قصر السباع، وقاعة الملوك أو العدل، وقاعة بني سراج وقاعة الأختين. ولا تزال غالبيتها قائمة إلى اليوم شاهدة على ما زخرت به الحضارة الإسلامية في إسبانيا في العصور الوسطى .
قصر جنة العريف ” Geniralife”:
يقع شرق قصبة الحمراء على ربوة عالية، ويشرف على صروح الحمراء؛ شُيِّد أواخر القرن السابع الهجري، وتجدّد على يد السلطان أبي الوليد إسماعيل (713هـ/1314م – 725هـ/1325م) عام 1321م. يتدرج بستان هذا القصر على ثلاث مناطق، كل واحدة فوق أخرى ببضعة أمتار، تتوسطه بحيرة تحفُّ جدرانَها نافورات الماء، يتفجر الماء منها على شكل أقواس.. اتخذه ملوك بني نصر مصيفًا ومتنزهًا لهم، يرتادونه للاتصال بالطبيعة.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق