فوائد ودروس معجزة “الإسراء والمعراج”

بواسطة | فبراير 9, 2024

بواسطة | فبراير 9, 2024

فوائد ودروس معجزة “الإسراء والمعراج”

مقال يستكشف أهمية رحلة الإسراء والمعراج للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، حيث زار بيت المقدس ورحل إلى السماء.
يسلط المقال الضوء على الفوائد الروحية والدينية لهذا الحدث العظيم، مع تحليل دروسه الخالدة للمسلمين في الحاضر والمستقبل.

رحلة الإسراء والمعراج – الحدث العظيم ودروسه الخالدة

رحلة الإسراء والمعراج من المعجزات الكبرى لنبي الرحمة وخاتم النبيين والمرسلين محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد اطلع فيها على مشاهد عظيمة؛ من الذهاب إلى بيت المقدس “الإسراء”، والعروج إلى السماء “المعراج”، ورؤية الأنبياء، والمرسلين، والملائكة، والسَّموات، والجنَّة، والنار، ونماذج من النعيم والعذاب؛ قال تعالى: ﴿سبحان الَّذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الَّذي باركْنا حوله لنريه مِن آياتنا إنَّه هو السَّميع البصير﴾ [الإسراء: 1].

وإن من أهم فوائد حادثة الإسراء والمعراج ودروسها:

  • كان إسراء النبي (صلى الله عليه وسلم)، بالروح والجسد “يقظةً” إلى بيت المقدس؛ وعلى هذا جماهير السلف والخلف، ولا يُعوَّل على من قال: إن الإسراء كان بروحه، وأنه رؤيا منام؛ إذ لو كان الإسراء مناماً؛ لما كانت فيه آية، ولا معجزة، ولما استبعده الكفار، ولا كذَّبوه؛ إذ مثل هذا من المنامات لا يُنكر، ثم إن في قوله تعالى: ﴿سبحان الَّذي أسرى بعبده﴾، والمقصود بعبده: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكلمة «بعبده» تشمل روحه، وجسده [المستفاد من قصص القران للدعوة والدعاة، 2/91].
  • أهمية الصلاة، وعظيم منزلتها: وقد ثبت في السُّنّة النبوية: أن الصلاة فُرضت على الأمة الإسلامية في ليلة عروجه (صلى الله عليه وسلم) إلى السَّموات، وفي هذا كما قال ابن كثير: «اعتناءٌ عظيم بشرف الصلاة، وعظمتها»، فعلى الدُّعاة أن يؤكّدوا على أهمية الصلاة، والمحافظة عليها، وأن يذكروا في ما يذكرون من أهميتها ومنزلتها كونَها فُرضت في ليلة المعراج، وأنها من آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم  قبل موته.
  • كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قبل هذه الرحلة مُقْدِماً على مرحلة جديدة، مرحلة الهجرة، والانطلاق لبناء الدولة؛ ويريد اللهُ تعالى لِلَّبِنات الأولى في البناء أن تكون سليمة قوية، متراصّة متماسكة، فجعل الله هذا الاختبار والتمحيص؛ ليُخلِّص الصف من الضعاف المتردّدين، والذين في قلوبهم مرض، ويُثبِّت المؤمنين الأقوياء والخلَّص؛ الذين لمسوا عياناً صدق نبيّهم بعد أن لمسوه تصديقاً، وشهدوا مدى كرامته على ربه، فأيّ حظّ  يحوطهم، وأيّ سعدٍ يغمرهم، وهم حول هذا النبي المصطفى، وقد آمنوا به، وقدّموا حياتهم فداء له، ولدينهم؟! كم يترسخ الإيمان في قلوبهم أمام هذا الحدث الذي تم بعد وعثاء الطائف؟! وبعد دخول مكة في جوار، وبعد أذى الصبيان، والسفهاء؟!. [الشِّفا بتعريف حقوق المصطفى،1/108].
  • إن شجاعة النبي (صلى الله عليه وسلم) العالية، تتجسد في مواجهته للمشركين بأمر تنكره عقولهم، ولا تدركه في أول الأمر تصوراتهم، ولم يمنعه من الجهر به الخوف من مواجهتهم، وتلقّي نكيرهم، واستهزائهم، فضرب بذلك صلى الله عليه وسلم لأمَّته أروع الأمثلة في الجهر بالحق أمام أهل الباطل، وإن تحزّبوا ضد الحق، وجنّدوا لحربه كل ما في وسعهم.
  • أظهرت حادثة الإسراء والمعراج إيمان أبي بكر الصدّيق (رضي الله عنه) القويَّ في هذا الحدث الجلل؛ فعندما أخبره الكفار، قال بلسان الواثق: لئن كان قال ذلك؛ لقد صدق! ثم قال: إني لأصدّقه في ما هو أبعد من ذلك، أصدّقه بخبر السماء في غدوة أو روحة. وبهذا استحق لقب الصدّيق، وهذا منتهى الفقه واليقين، حيث وازن بين هذا الخبر، ونزول الوحي من السماء، فبيّن لهم: أنه إذا كان غريباً على الإنسان العاديّ، فإنه في غاية الإمكان بالنسبة للنبي (صلى الله عليه وسلم).
  • إنّ شُرْب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللَّبن حين خُيِّر بينه وبين الخمر، وبشارة جبريل عليه السلام: «هُديتَ للفطرة»، تؤكد أنّ هذا الإسلام دين الفطرة البشرية، التي ينسجم معها؛ فالذي خلق الفطرة البشرية خلق لها هذا الدين، الذي يلبّي نوازعها واحتياجاتها، ويحقق طموحاتها، ويكبح جماحها: ﴿فَأَقِم وجهك للدِّين حنيفًا فِطْرةَ اللَّه الَّتي فطَر النَّاس عليها لا تبديل لِخلْق اللَّهِ ذلك الدِّين القَيِّم ولكنَّ أكثر النَّاس لا يعلمون ﴾ [الروم: 30] .
  • إن الربط بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام وراءه حِكَمٌ، ودلالات، وفوائد؛ منها:
  1. أهمية المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين؛ إذ أصبح مسرى رسولهم صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السَّموات العُلى، وكان لا يزال قبلتهم الأولى طيلة الفترة المكّيَّة، وهذا توجيه وإرشاد للمسلمين بأن يحبوا المسجد الأقصى، وفلسطين؛ لأنها مباركة ومقدَّسةٌ
  2. الربط يُشعر المسلمين بمسؤوليتهم نحو المسجد الأقصى، بمسؤولية تحرير المسجد الأقصى من أوضار الشِّرك، وعقيدة التثليث، كما هي أيضاً مسؤوليتهم في تحرير المسجد الحرام من أوضار الشِّرك، وعبادة الأصنام.
  3. الربط يُشعر بأن التهديد للمسجد الأقصى، هو تهديد للمسجد الحرام وأهله، وأن النيْل من المسجد الأقصى، توطئة للنيْل من المسجد الحرام؛ فالمسجد الأقصى بوابة الطّريق إلى المسجد الحرام، وزوال المسجد الأقصى من أيدي المسلمين، ووقوعه في أيدي اليهود، يعني أن المسجد الحرام والحجاز قد تهدَّد الأمن فيهما، واتجهت أنظار الأعداء إليهما لاحتلالهما.
  • إدراك الصحابة لأهمية المسجد الأقصى: أدرك الصحابة (رضي الله عنهم) مسؤوليتهم نحو المسجد الأقصى، وهو يقع أسيراً تحت حكم الرومان، فحرَّروه في عهد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه؛ وظلَّ ينعم بالأمن والأمان، حتى عاث الصليبيون فساداً فيه بعد خمسة قرون، من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومكثوا ما يعادل قرناً يعيثون فساداً، فحرَّره المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي؛ وها هو ذا يقع تحت الاحتلال اليهودي..

وبالتالي، فالطريق إلى تخليصه إنما هو بالجهاد في سبيل الله، على المنهج الذي رسمه الهدي النبوي، وسار عليه الصحابة الكرام (رضي الله عنهم).

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...