
في أسباب الشغف العربي بالديمقراطية التركية.. تجربة على مقاسنا!
بقلم: سعدية مفرح
| 1 يونيو, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: سعدية مفرح
| 1 يونيو, 2023
في أسباب الشغف العربي بالديمقراطية التركية.. تجربة على مقاسنا!
واضح تماما أن مقاس الديمقراطية التركية على مقاس العرب.. وإلا فما الذي يجعل العرب منشغلون بتجربة الانتخابات التركية إلى هذا الحد الكبير؟.
ما الذي يجذبهم إلى انتخابات تحظى دول أخرى كثيرة حول العالم بصيغ أفضل منها؟.
لماذا انتخابات تركيا تحديدا تذكر العرب بوضعهم المأساوي، على صعيد الحريات ومبدأ تداول السلطة، في حين تمر عليهم انتخابات عالمية أخرى مرور الكرام، فلا يكادون يهتمون بها إلا اهتمام الفضول؟.
وما الذي يجعل معظم الأنظمة العربية تنظر لتلك التجربة التركية بقلق ملحوظ، وحذر شديد تتمنى معهما لو أنها غير موجودة، أو لو أنها تستطيع منع شعوبها من مراقبتها؟.
وعلى سبيل تقريب الصورة؛ تابع العرب تفاصيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي جرت في تركيا منذ منتصف الشهر المنصرم (مايو 2023)، وقبلها تابعوا كل ما يتعلق بالحياة السياسية في تركيا، بما في ذلك الانقلاب العسكري الفاشل (في يوليو 2016)، بشغف ملحوظ.و رغم اجتهاد وسائل الإعلام العربية الرسمية وشبه الرسمية بنقل الممارسات الديمقراطية العالمية إلى الجمهور العربي بموضوعية قدر المستطاع، سياسيا وإعلاميا وأخلاقيا، إلا أن هذا الاجتهاد يتحول إلى مؤامرة حقيقية على الديمقراطية وكل ممارستها عندما يتعلق الأمر بدول قريبة من الواقع العربي، أو تشترك معه بكثير من المشتركات التاريخية والاجتماعية والثقافية والدينية.
حدث هذا دائما مع الانتخابات التركية تحديدا، خاصة وأن الشعوب العربية تولي تلك الانتخابات اهتماما خاصا، ما جعل كثيرين يعتبرون الأمر مبالغا فيه؛ فالعرب يتابعون الانتخابات التركية، والعملية الديمقراطية التركية برمتها عن كثب منذ سنوات عديدة، ويكادون يعرفون تفاصيل الواقع السياسي التركي أكثر من كثير من الأتراك أنفسهم.
ولا بد أن أسبابا معينة تكمن وراء هذا الاهتمام المثير الذي عبرت عنه تدوينات وتغريدات العرب، قبيل وأثناء وبعد الانتخابات التركية الأخيرة، بشكل ملحوظ أثار حتى استغراب الأتراك.
الدين وعلاقته بالسياسة سبب آخر للاهتمام العربي بالانتخابات التركية والعمليات الديمقراطية المماثلة، فتركيا دولة ذات أغلبية مسلمة، ونظامها السياسي يستند إلى العلمانية، وهذا التعاضد الفريد بين الدين في نسخته الإسلامية والسياسة لفت انتباه كثير من الشعوب العربية
سياق تاريخي
يمكن تتبع السياق التاريخي لهذه الظاهرة بالعودة إلى الإمبراطورية العثمانية، التي كانت قوة هائلة في الوطن العربي، وكان العديد من الدول العربية تحت حكمها لقرون عديدة. وهو ما جعل تركيا الحديثة، وريثة الإمبراطورية العثمانية، تحظى باهتمام خاص بين امتعاض وإعجاب من الشعوب العربية، وفقا لتوجهاتهم الفكرية وخلفياتهم الثقافية.
ويبدو أن الدين وعلاقته بالسياسة سبب آخر للاهتمام العربي بالانتخابات التركية والعمليات الديمقراطية المماثلة، فتركيا دولة ذات أغلبية مسلمة، ونظامها السياسي يستند إلى العلمانية، وهذا التعاضد الفريد بين الدين في نسخته الإسلامية والسياسة لفت انتباه كثير من الشعوب العربية، التي كانت تعيش حيرة موروثة حول كيفية تطبيق نظام علماني في دولة ذات أغلبية مسلمة بحرية ونجاح، ولا تناقض كما كان يروج دعاة العلمانية المبكرة في الوطن العربي!.
ورغم أن هناك دولا إسلامية أخرى، مثل أندونيسيا وماليزيا، تبنت بنسب متفاوتة المنهج الديمقراطي للحكم بشكله العلماني، فإنها لم تحظ بذات الاهتمام من قبل الجمهور العربي، خاصة وأنها تبدو بعيدة نسبيا عن محيط الخريطة الجغرافية العربية، ولا تتقاطع مع العرب إلا بالعنصر الديني!.
ومن الأسباب الأخرى التي يمكن أخذها بعين الاعتبار، ونحن نرصد اهتمام العرب الجوعى للديمقراطية بالمائدة التركية العامرة بمفردات الأحزاب وتداول السلطة والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، حقيقة تمتع حزب العدالة والتنمية، الحاكم الحالي في تركيا، بهوية إسلامية قوية، خاصة وأنه يحكم تركيا منذ عام 2002، ما أحدث تأثيره الكبير على النظام السياسي في البلاد. وهو ما جعل كثيرين من العرب يعتقدون أنه يمكنهم التعلم من تجربة تركيا وتطبيق مبادئ مماثلة في بلدانهم، عكس ما تروجه معظم أنظمتهم السياسية بكل مناسبة، وربما من غير مناسبة.
الروابط الاقتصادية والثقافية المميزة والمتجددة، بين تركيا والوطن العربي، ساهمت أيضا في جعلها ذات أهمية واهتمام للشعب العربي.
مصالح إقليمية
من الأسباب الأخرى التي يمكن النظر إليها بعين الاعتبار للشغف العربي بالديمقراطية التركية، وضع تركيا كقوة إقليمية تلعب دورا كبيرا في الشرق الأوسط، ولا سيما في سوريا، حيث شاركت في الصراع منذ عام 2011، وهذا أضاف المزيد من الوقود للشغف العربي بتجربتها الديمقراطية، وهو ما يمكن إضافته إلى موقفها الملتبس قليلا من القضية الفلسطينية؛ حيث ما زالت تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وهي في الوقت نفسه تقف إلى جانب الفلسطينيين بنضالهم المستمر ضد هذا الكيان بكل قوة، وقد عبرت عن ذلك التضامن بأشكال كثيرة تجاوزت مجرد الخطابات، ولكنها لم تصل الى حدود قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني!.
علاوة على ذلك، فإن الروابط الاقتصادية والثقافية المميزة والمتجددة، بين تركيا والوطن العربي، ساهمت أيضا في جعلها ذات أهمية واهتمام للشعب العربي. فهناك العديد من الدول العربية التي لها علاقات تجارية واستثمارية كبيرة مع تركيا، بغض النظر عن مستوى العلاقات السياسية بينهما.
وتتمتع وسائل الإعلام والمنتجات الثقافية والفنية التركية، مثل المسلسلات التلفزيونية والموسيقى والأغاني، بشعبية كبيرة لدى الجمهور العربي، وخصوصا في العقدين الأخيرين؛ وهذه شجعت بدورها رواج السياحة التركية لدى الشعوب العربية عموما، والخليجية خصوصا، حتى أصبح التعارف بين الشعبين العربي والتركي تعارفا مباشرا، وهذا أدى إلى شعور بالألفة والتقارب بين البلدين، ما يمكن أن يفسر جزئيا سبب اهتمام العرب بالسياسة التركية.
مقابل عقود من الاستبداد وعدم الاستقرار السياسي في كثير من البلدان العربية، يراقب الجميع تحول تركيا بنجاح إلى الديمقراطية الخالصة، وقدرتها على إحداث توازن فريد من نوعه بين العلمانية والقيم الإسلامية
طموحات حالمة
وأخيرا، لا بد من الاعتراف بأن الاهتمام العربي بالانتخابات التركية والعمليات الديمقراطية المماثلة يعود أساسا، إلى طموحات الشعوب العربية الحالمة بكل ما يتعلق بالديمقراطية والإصلاح السياسي، وخصوصا بعد حقبة الربيع العربي وما تلاها من تداعيات شملت الوطن العربي كله تقريبا.
فمقابل عقود من الاستبداد وعدم الاستقرار السياسي في كثير من البلدان العربية، يراقب الجميع تحول تركيا بنجاح إلى الديمقراطية الخالصة، وقدرتها على إحداث توازن فريد من نوعه بين العلمانية والقيم الإسلامية، وهو ما يمكن أن يشكل نموذجا حيا وواقعيا للدول العربية الإسلامية التي تسعى شعوبها إلى الإصلاح السياسي، ويصيب دفوعات الأنظمة الحاكمة بأن الديمقراطية تتعارض مع الإسلام بمقتل حقيقي، ما يحرج تلك الأنظمة أمام شعوبها وأمام العالم كله؛ فهنا تجربة ناجحة تقول إن الإسلام ليس عائقا أمام الديمقراطية، وإن الدين يمكن أن يتساوق مع خيارات الشعوب الحرة بمن يحكمها، وتؤكد أن الشعوب العربية التي تشترك مع الشعب التركي بكثير من المنطلقات، جاهزة مثله، للممارسة الديمقراطية الحقيقية وأنها يمكن أن تُنجح صيغتها الخاصة بها كما أنجح الشعب التركي صيغته.
ثم إن ثقافة تركيا الحديثة التي تتمتع بصحافة حرة نسبيا مقارنة لها بصحافة معظم البلدان العربية، ومجتمع مدني نابض بالحياة، ونظام سياسي حيوي قائم على تعدد حزبي، ووجود معارضة قوية كادت أن تفوز بالانتخابات الأخيرة إلا قليلا، ألهمت الشعوب العربية بصورة للحلم الذي يمكن أن يحتذى به حاضرا ومستقبلا.
وعلينا أخيرا أن نتذكر بأن تركيا أصبحت واقعا حقيقيا في مناخ العرب الشعبي السياسي منذ ما بعد أحداث الربيع العربي، إذ أصبحت وجهة شعبية للناشطين والسياسيين والمثقفين العرب المطاردين من قبل حكوماتهم، كما لعبت تركيا دورا في التوسط في الصراعات في العالم العربي، مثل الصراعات المستمرة في سوريا وليبيا، والأزمة السياسية التي ألمت ببعض دول الخليج 2017. وقد زاد التدخل النشط في هذه الصراعات من أهمية تركيا واهتمام الشعوب العربية بها، فيما يشبه الشغف المنطقي بعيدا عن فكرة الهوس القابل للانحلال والذوبان، وقريبا من الإعجاب المؤدي الى الحلم باستعارة التجربة أو استلهامها بنسخة، أو نسخ محلية خاصة.. ولم لا؟!.

مستشارة ثقافية من الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق