كرة القدم ليست مجرد كرة قدم
بقلم: نديم شنر
| 12 يونيو, 2023
مقالات مشابهة
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
-
“سيد اللعبة”.. قصة هنري كيسنجر ودوره في الشرق الأوسط (1)
عندما كنت أحضّر حلقة وثائقية من برنامج مذكرات عن...
-
11 سبتمبر.. هل استوعبت أمريكا الدرس؟
بعد مرور أكثر من عقدين على أحداث 11 سبتمبر 2001،...
-
أبناء الله وأحباؤه
يروى أن رجلاً كان لديه خاتم الحكمة، فقرر إذ مرض...
-
الظلم الغربي في دعم العدوان على غزّة
في القرآن الكريم، وردت الإشارة إلى العدوان سبعاً...
مقالات منوعة
بقلم: نديم شنر
| 12 يونيو, 2023
كرة القدم ليست مجرد كرة قدم
حضر رئيس الجمهورية التركية، الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة إلى رؤساء وزراء بلدان أخرى، المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا. وفي المباراة المذهلة بين مانشستر سيتي وإنتر، في نهائي دوري أبطال أوروبا، هزم الفريقُ الإنجليزي المنتخبَ الإيطالي بنتيجة 1 إلى 0، ووصل إلى الكأس.
إن هناك قولا مأثورا معروفا، وكتابا يحمل ذات العنوان: “كرة القدم ليست مجرد كرة قدم”، وهذا المعنى يتبادر إلى الذهن الآن؛ فصحيح أن الظاهر كان فوز الفريق الإنجليزي بمباراة مانشستر سيتي – إنتر، غير أنَّ الفائز الحقيقي كان السلام.
دعمت الإمارات نظام حفتر الانقلابي في ليبيا، وحاولت الإطاحة بحكومة الدبيبة الشرعية، وتسببت في إطالة أمد الحرب الأهلية من خلال تقديم مئات الملايين من الدولارات لشراء الأسلحة
نعم، ربما يكون من السابق لأوانه استخدام كلمة “سلام”، لكن إطار الصورة يوحي بما أريد قوله بشكل أفضل. وفي تلك الصورة، شوهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة معا. وعلاوة على ذلك، امتدت أيدي آل نهيان والدبيبة، التي كانت مشدودة ذات مرة كأنما تتبادل اللكمات، إلى بعضها البعض من أجل السلام مع ابتسامات دافئة على وجهيهما.
فمنذ فترة دعمت الإمارات نظام حفتر الانقلابي في ليبيا، وحاولت الإطاحة بحكومة الدبيبة الشرعية، وتسببت في إطالة أمد الحرب الأهلية من خلال تقديم مئات الملايين من الدولارات لشراء الأسلحة؛ أما تركيا فقد دعمت الحكومة الليبية الشرعية، وأنقذت المنطقة من بيئة صراع استمر لسنوات، ووضعت أسس السلام الذي تحقق اليوم من خلال قلب كل الخطط رأسا على عقب.
وكما عملت تركيا لسنوات طويلة على إخماد الحرب من خلال الوقوف إلى جانب الحكومة الليبية بقوتها العسكرية، فإنها تضع الآن أسس السلام بتأثير القوة الدبلوماسية التي تستخدمها بفعالية؛ فإسهام تركيا في حل المشكلات العالمية تُظهره “قوتها الناعمة” كما أظهرته “قوتها الصلبة”. وتركيا ستصبح لاعبا مهما ومركز قوة، ليس في حل المشكلات الإقليمية فقط، ولكن العالمية أيضا؛ ومثال ذلك ما كان قبل أسبوعين؛ إذ رأى العالم كله بأم عينه الإستراتيجية والقوة التركية حين جمعت بين رئيس الوزراء الأرميني باشينيان والرئيس الأذربيجاني علييف؛ وقد التقيا في مراسم تنصيب الرئيس أردوغان أيضا.
العالم لا يتحدث فقط عن الحوار بين الإمارات وليبيا، أو بين أرمينيا وأذربيجان، ولكن أيضاً عن دور تركيا البناء في حل المشكلات العالقة بين كل طرفين؛ وهذا يخالف بشكل كلي سياسات المصالح الذاتية أحادية الجانب، التي تنتهجها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الأوروبية، المعروفة عبر التاريخ بسعيها لدعم مصالحها الخاصة من خلال إثارة الصراعات في جميع أنحاء العالم.
مثل هذه المسؤوليات المهمة تفرضها على تركيا وقائع التاريخ، وتؤكدها الفرص الجيوسياسية التي أتيحت لها في هذه الفترة. وإن من غير الممكن أبدا أن تتخذ تركيا النهج الانتهازي والأناني الذي يسير فيه الغرب منذ قرون.
تم التأكيد على أن تركيا مستعدة لتقديم جميع أنواع الدعم لجميع الجهود الرامية إلى ضمان السلام والاستقرار في السودان، متابعة لما فعلته حتى الآن.
وكان البيان الذي صدر بعد اجتماع مجلس الأمن القومي الأسبوع الماضي، الذي ترأسه الرئيس رجب طيب أردوغان، من خرائط الطريق التي تؤكد ذلك. فقد تضمن البيان الصحفي آنذاك الإعلان بأن تركيا الآن تضع الأمن الدولي، كما الأمن الداخلي، على جدول أعمالها.
ويشرح المقال الأول من البيان الصحفي ما يعنيه القرن التركي، إذ ينص على: “يذكر أن التحديات التي واجهتها جمهورية تركيا في القرن الماضي قد عززت أسس دولتنا، وشحذت إيمان أمتنا بالديمقراطية وتصميمها على النضال من أجل الاستقلال والمستقبل. وتم التأكيد على أنه في الفترة الجديدة، التي تشكل بداية القرن التركي، سيستمر اتخاذ خطوات لضمان الأمن والسلام والازدهار في بلدنا بنفس التصميم”.
ويحتوي البيان الصحفي لمجلس الأمن القومي على بيانات تشير إلى الدور الذي ستلعبه تركيا في حل المشكلات العالمية، بعد التركيز على محاربة المنظمات الإرهابية. وانطلاقا من حقيقة أهمية الدور التركي في التعامل مع العديد من القضايا، فقد “دفع الدور الذي لعبته تركيا إلى تحويل معطيات اجتماع مجلس الأمن القومي لجمهورية تركيا، والذي تضمن عناوين تتعلق بسوريا وكوسوفو والسودان وروسيا وأوكرانيا وأذربيجان وأرمينيا، إلى جدول أعمال منظمة الأمم المتحدة”.
وكانت البنود في البيان الصحفي كفيلة بإيضاح دور تركيا السلمي في القضايا العالمية. ومما جاء فيها: “إن الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، مع إقامة سلام واستقرار دائمين، سيكون ممكنا من خلال تطهيرها من المنظمات الإرهابية”. ولفت البيان الانتباه إلى أهمية التعاون الدولي، الذي سيساهم في الجهود المبذولة لمساعدة السوريين الفارين من الصراع على العودة إلى وطنهم، طواعية وبشكل آمن وبكرامة، لمواصلة حياتهم في سلام وازدهار.
وتم التأكيد على أهمية الدعم الذي تقدمه تركيا للمنطقة، بينما كانت عمليات الحوار والتشاور مستمرة لمنع تحول التوتر المتزايد في كوسوفو إلى أزمة يمكن أن تخل بالتوازنات الدقيقة في المنطقة.
تعرف تركيا جيداً أنه “لن يكون هناك فائز في الحرب، ولن يكون هناك خاسر في السلام”.
وأكد البيان على خطورة آثار الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، والتي تزيد من المخاطر على المنطقة، وذكر أن تركيا ستواصل المساهمة في الجهود المبذولة لإنهاء الصراع وبدء مفاوضات السلام وضمان الأمن الغذائي العالمي.
وتم الإعراب عن الارتياح بخصوص التقدم المحرز في عملية الحوار بين أذربيجان وأرمينيا، وأُشير إلى أن الحل العادل سيكون الأساس لإقامة سلام دائم في القوقاز، وسيقدم مساهمات كبيرة في الاستقرار العالمي.
كذلك تم التأكيد على أن تركيا مستعدة لتقديم جميع أنواع الدعم لجميع الجهود الرامية إلى ضمان السلام والاستقرار في السودان، متابعة لما فعلته حتى الآن.
تعرف تركيا جيداً أنه “لن يكون هناك فائز في الحرب، ولن يكون هناك خاسر في السلام”. ولكنها تعلم أيضا أن أولئك الذين يجدون مصالحهم في الحرب لا في السلام، والذين يجرّون العالم إلى صراع يعود عليهم بمئات المليارات من الدولارات ثمنا للأسلحة التي يبيعونها، سيفعلون كل شيء لتعطيل مناخ السلام هذا؛ والحل الوحيد ضد ذلك هو أن تجتمع كل الأطراف التي تتمثل مصالحها في السلام وتتضامن. فلا توجد طريقة أخرى لتعطيل “خطط الهيمنة الجديدة”، للدول الغربية التي تستغل الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا منذ قرون.
وبالعودة إلى البداية.. نعم، فاز الفريق الإنجليزي بالمباراة في إسطنبول، لكن الفائز الحقيقي سيكون الأيدي التي تمتد إلى السلام.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في تاريخها السياسي والاجتماعي، تمثل في سقوطها بيد العسكرة الإمبراطورية البيزنطية في القرن الرابع الهجري، وجاء في إطار الصراع السياسي والعسكري المستمر بين الإمبراطورية البيزنطية والدولة الحمدانية العربية، التي كانت تسيطر على...
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض الانصياع للقانون الأدبي لتكون حرة طليقة لايحكمها شيء.. وتحكم هي بمزاجها ما حولها.. تأطيرها في قانون متفق عليه لتخرج من كونها حكما مزاجيا، وتدخل عالم التدرج الوظيفي الإبداعي الذي نستطيع أن نتعامل معه ونقبل منه الحكم على...
هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها؟
مع تزايد الدعوات في واشنطن لكي تتولى أوروبا مسؤولية دفاعها وأمنها، ترتجف بروكسل خوفًا من النتائج.. إن التحول في الكيفية التي ينظر بها كل من جانبي الأطلسي إلى موقف الآخر من شأنه أن يوفر الدفعة التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي لكي يصبح حليفًا أقل اعتمادًا على الولايات...
0 تعليق