كيفية تفادي صناعة الموظف المتمرد في بيئة العمل: استراتيجيات وأفكار

بواسطة | ديسمبر 31, 2023

بواسطة | ديسمبر 31, 2023

كيفية تفادي صناعة الموظف المتمرد في بيئة العمل: استراتيجيات وأفكار

تعد قضية التعامل مع الموظفين المتمردين أمرًا جوهريًا يشغل بال كل قائد أو مدير في أي مؤسسة. يسعى القادة دائمًا لتحقيق التميز في الأداء وضمان الانسجام بين الموظفين. يتناول هذا المقال أهمية فهم تلك الديناميات ويقدم بعض الاستراتيجيات لتجنب صناعة الموظف المتمرد والحفاظ على بيئة عمل صحية.

فهم التمرد الوظيفي

من القضايا الجوهرية التي يفكر فيها كل قيادي في مؤسسته -أو أي مدير في إدارته- بشأن التعامل مع الموظفين، أن يجعلهم أتباعًا مخلصين، مطيعين لأوامره، ولا يخالفونه في شيء من شأنه أن يوتر العلاقة بينه وبينهم ويحولهم إلى موظفين متمردين؛ فلطالما كان الموظف المتمرد هاجسا في ذهنية القياديين، الذين يسعون دائما للحد من التمرد الوظيفي في بيئة أعمالهم وفي زمن قيادتهم .

ونعني بالتمرد الوظيفي في هذه المقالة عدمَ الانصياع إلى اللوائح والنظم الموجودة في أروقة العمل والوصف الوظيفي المعتمد في المؤسسات؛ ونعني به أيضا التعاملَ السيئَ مع الإدارة ومع القيادة الحالية، ما يخلق جواً مشحوناً من الكراهية والبغضاء بينهم، وبالتالي يساهم في هدم منظومة العمل وتعطل الأهداف. وفي ما يلي بعض من أدوات صناعة ما يسمى بـ (الموظف المتمرد) .

أدوات صناعة الموظف المتمرد واستراتيجيات التفادي

لصناعة الموظف المتمرد، على المديرين القيام بتوسيع حالات سوء الفهم بينهم وبين الآخرين من الموظفين، وأن يسعوا عن طريق الأوامر غير المفهومة لإرباكهم.. بمعنى آخر، أن تُناقض أقوالُ المديرين الأفعال التي يقومون بها، وأن لا يكونوا صادقين في ما يقولون وأن لا يفوا بوعودهم حتى النهاية.

لصناعة الموظف المتمرد، يجب إرغام جميع الموظفين على أن تكون آراؤهم موحدة في كل شيء، دون ترك سبيل لبحبوحة الاختلاف التي هي سنة الله في البشر، ويُقرُّ العقل وجودها بينهم؛ فالخلافات في وجهات النظر، وتبادل وتنوع الآراء، ذلك يساهم في إضفاء صبغة من الديناميكية الإدارية الفعالة، والابتكار في بيئة العمل؛ وكلما حاولت أيها المدير منعها فإنك ستخلق بيئة ملائمة لصناعة الموظف المتمرد، بل حاول ادعاء أن الصواب دائماً بجانبك، وأنهم – أي الآخرين- يقبعون على جهالة مريرة في العمل، وأن يكون رأيك هو العامل الأول في أداء المهام بشكل صحيح.

لصناعة الموظف المتمرد، ننصحكم أيها المديرون بالسعي دائماً للصدام مع الآخرين لمجرد الخلاف معهم فأنتم الأعلون وهم الأدنون.

لصناعة الموظف المتمرد، خذها قاعدة أيها المدير لك دوماً.. الذوات البشرية مفطورة على طلب الاحترام منها وإليها، فكلما قل الاحترام بينك وبينهم وكان الخطاب الاحتقاري الاستنقاصي هو الدراج في خطاباتك مع الموظفين، فذلك سيخلق لا محالة موظفاً متمرداً، فقلة الاحترام تهدم منظومة بيئة الأعمال، وتجعل العاملين والموظفين يشعرون بأنهم في زمن العبودية في القرون الوسطى، وتثور ثائرتهم للقيام بنوع من التمرد والثورة الوظيفية في بيئة أعمالهم، للتخلص من هذه النظرة التي يحملها المديرون تجاههم.

لصناعة الموظف المتمرد، لا تجعل هناك إطاراً واضحاً لعملية صنع القرار، وتجنب إصدار تفويض رسمي بالصلاحيات عند الحاجة، وامنع الموظفين من تحصيل فوائد التفويض الذي يخلق لهم الخبرة العملية، التي يحتاجونها لتنمية مهاراتهم، ولا تقم بتشجيع الموظفين لفعل الممارسات المحبَّذة في التعاون وبناء الفريق الفعال، بل حاول زعزعة ثقتهم فيما بينهم، بل وهدمها، ولا تسعَ لتطبيق آليات التطوير القيادي، واجعل الموظفين دائماً في قصور معرفي لمهارات القيادة.. أما عن إدارة المواهب والجدارات والكفاءات التي لديك، فلا تكن وسيلة لبروزهم، بل وسيلة لخمولهم وتعطيل مهاراتهم، لتصل إلى صناعة الموظف المتمرد .

وأيضا لصناعة الموظف المتمرد.. لا تقم بحل المشكلات العالقة، واجعلها شماعة لاتهام الموظفين بالقصور، واجعلها وسيلة لنجاتك من المسؤولين الكبار في حال المحاسبة النهائية، إذ تضع وزرها على ظهورهم؛ فنشوب الخلاف والخلافات شيء حتمي في بعض الأحيان، فاستغل ذلك في إبقاء الخلاف السلبي قائما، والمشاكل متعثرة في حلولها .

تلك ممارسات سلبية، وهناك كثير جداً غيرها لمن أراد صناعة الموظف المتمرد، وأنا أعلم يقيناً وأجزم أنه لا يوجد أحد عاقل يسعى لصناعة الموظف المتمرد ولا لإيجاده في بيئة عمله.. لكن الحقيقة أن بعضاً مما ذكرته في هذه المقالة يقوم به البعض، وهو لا يعلم أنه أداة لصنع التمرد وأخلاقياته في الموظفين، ونجده بعد المكاشفة والمصارحة قائما بتلك الأمور – بعلم أو بغير علم- ثم يندب حظه الإداري؛ فلا يلومنَّ إلا نفسه.

د. جاسم الجزاع

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...