كيف يمكن لحملة الاغتيالات الإسرائيلية ضد حماس أن تأتي بنتائج عكسية؟
بقلم: مدونة العرب
| 4 مارس, 2024
مقالات مشابهة
-
كيف يمكن لحملة الاغتيالات الإسرائيلية ضد حماس أن تأتي بنتائج عكسية؟
الاغتيالات تشكل مخاطر دبلوماسية وأمنية لم تُخفِ...
-
لماذا لا تستطيع أوروبا توحيد قدراتها العسكرية؟
تواجه القارة عقبات متعددة في طريقها إلى...
-
لماذا لن تنجح خطة “دولة فلسطينية منزوعة السلاح”؟
هناك سوابق لدول ناجحة غير مسلحة، لكن لا شيء منها...
-
كيف يمكن لحرب غزة أن تشكل السياسة العالمية في عام 2024؟
الحرب في غزة أثرت على السياسات العالمية. تناولت...
مقالات منوعة
بقلم: مدونة العرب
| 4 مارس, 2024
كيف يمكن لحملة الاغتيالات الإسرائيلية ضد حماس أن تأتي بنتائج عكسية؟
الاغتيالات تشكل مخاطر دبلوماسية وأمنية
لم تُخفِ إسرائيل نيتها مطاردة قادة حماس خارج غزة ردًا على هجوم الحركة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023؛ وقال رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي شين بيت، رونين بار، في تسجيلات نُشرت في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2023، إن إسرائيل ستقتل قادة حماس “في كل مكان، في غزة، في الضفة الغربية، في لبنان، في تركيا، في قطر، في كل مكان”.
والواقع أن الحملة الإسرائيلية جارية بالفعل؛ ففي الثاني من يناير/ كانون الثاني، أدت غارة إسرائيلية بطائرة بدون طيار في بيروت إلى مقتل صالح العاروري، نائب الزعيم السياسي لحركة حماس، ومسؤول الاتصال الأبرز مع حزب الله اللبناني.
ربما لا توجد دولة أخرى تتمتع بمستوى من الخبرة والمهارة في تنفيذ الاغتيالات مثل إسرائيل. وفي مواجهة الهجمات الإرهابية، والحروب، والتهديدات الوجودية عبر تاريخها، ردت إسرائيل مرارًا وتكرارًا على تحدياتها الجيوسياسية بحملات الاغتيالات.
ومع ذلك، تكشف تجربة إسرائيل أيضًا عن المخاطر والقيود الاستراتيجية العديدة لهذا النهج.. وبينما تلاحق إسرائيل قادة حماس في جميع أنحاء العالم في الأشهر والسنوات المقبلة، يجب على صناع القرار في إسرائيل أن يزنوا بعناية الفوائد والمخاطر المحتملة لحملتهم، وأن يدركوا أنه حتى سلسلة ناجحة من الاغتيالات لقادة حماس، لن تزيل التهديدات التي تواجهها إسرائيل، ولن توفر لها الأمن على المدى الطويل.
الفوائد
تستطيع إسرائيل أن تستفيد بطرق عديدة من الجهود العالمية الرامية إلى اغتيال زعماء حماس. ومن خلال كشف حملتها للعلن، من المحتمل أن تكون إسرائيل قد عطلت بالفعل العمل اليومي للحركة مع محاولة قادتها تقليص صور ظهورهم، وسوف يعمل إسماعيل هنية ويحيى السنوار وغيرهما من كبار قادة حماس على تأمين أكثر من مجرد التوجيه الاستراتيجي الأساسي، لأنهم يتجنبون الاتصالات الإلكترونية، ويبقون في حالة تنقل، ويتجنبون الاجتماعات والتجمعات الأخرى.
عندما تقوم إسرائيل بتنفيذ اغتيالات، فإن فقدان القادة – خاصة القادة السياسيين والعملياتيين- سيؤدي إلى تدهور المعرفة والخبرة والقيادة، التي تعتبر بالغة الأهمية لعمل الحركة؛ وبالإضافة إلى الخسائر التي منيت بها حماس نتيجة للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، فإن سلسلة ناجحة من الاغتيالات من شأنها أن تقلل مؤقتًا من التهديد بشن هجمات مستقبلية من جانب حماس، وذلك من خلال القضاء على القادة الإيديولوجيين والعملياتيين للحركة. ومن الممكن أيضًا أن يتم ردع القادة الجدد الذين يظهرون داخل حماس في أعقاب مثل هذه الحملة عن شن هجمات ضد إسرائيل خوفًا من استهدافهم شخصيًا.
كما أن حملة الاغتيالات من شأنها أن ترفع الروح المعنوية العامة في إسرائيل، إذ يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا هائلة بسبب إخفاقات حكومته التي سبقت يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ومن المرجح أن يخفف استهداف أولئك الذين يقفون وراء الهجوم بعض الضغوط السياسية الداخلية، ويساهم في استعادة ثقة الجمهور في الاستخبارات والجيش الإسرائيلي؛ بل إن حملة اغتيالات ناجحة على نطاق واسع قد تجعل احتمالات وقف إطلاق النار في غزة أكثر قبولًا للشعب الإسرائيلي.
المخاطر
وسعيًا لتحقيق هذه الفوائد، بدأت إسرائيل حملة الاغتيالات ضد قادة حماس، ومع ذلك فإن مثل هذه الحملة محفوفة بالمخاطر؛ ويتركز قادة حماس الذين يعيشون خارج الأراضي الفلسطينية في المقام الأول في لبنان وسوريا، على الرغم من أن العديد من كبار شخصياتها يعيشون في قطر وتركيا.. إن محاولات قتل قادة حماس في أي من هذين البلدين الأخيرين تحمل في طياتها مخاطر دبلوماسية كبيرة.
ومن شأن المحاولات الفاشلة أو الاغتيالات المكتشفة أن تقوض بشدة العلاقات الإسرائيلية مع قطر وتركيا، ويمكن أن تزيد من الدعم الدبلوماسي أو المالي من أي من البلدين لحماس. وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول 2023، حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن إسرائيل “ستدفع ثمنًا باهظًا للغاية” إذا حاولت اغتيال أعضاء من حركة حماس في بلاده؛ وعلى مدى الأسابيع التسعة التالية، ألقت الشرطة التركية القبض على أكثر من 40 شخصًا، يشتبه في تجسسهم لصالح وكالة الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد”.
وبحسب ما ورد، تدرك إسرائيل تمامًا هذه المخاطر، وقد أعرب مسؤولون سابقون عن شكوكهم في أن تحاول إسرائيل تنفيذ اغتيالات في البلدين، بسبب علاقاتهما العسكرية مع الناتو، والعلاقات الاقتصادية مع الغرب ومع إسرائيل نفسها.
ومع ذلك، نفذت إسرائيل اغتيالات في 17 دولة على الأقل حول العالم على مر السنين، وفي كثير من الحالات حدث ذلك رغم احتمال حدوث تداعيات دبلوماسية. ويمكن لإسرائيل أيضًا أن تحاول التحايل على المخاطر الدبلوماسية بطريقتين؛ أولاهما الانتظار حتى يغادر قادة حماس تركيا وقطر إلى بلدان أخرى حيث يكون رد الفعل الدبلوماسي السلبي أقل.. ولكن مع ذلك، ونظرًا لإدراكهم للتهديدات الموجهة ضدهم، فمن المحتمل جدًا أن يتجنب قادة حماس السفر الدولي إلى المناطق التي يمكن استهدافهم فيها بسهولة أكبر.
الخيار الثاني أمام إسرائيل هو محاولة تنفيذ عمليات اغتيال ذات طابع أخف، وهي التي تخفي تورط إسرائيل من خلال جعل الوفاة تبدو طبيعية أو مصادفة. في الماضي، حاولت إسرائيل تنفيذ عمليات قتل “مبهمة التوقيع” عن طريق توصيل السم ببطء إلى الهدف عن طريق معجون الأسنان، وعن طريق تفجير سيارة بطريقة تجعلها تبدو كما لو أن الهدف كان ينقل متفجرات.. تتطلب مثل هذه العمليات تخطيطًا دقيقًا، وتنفيذًا لا تشوبه شائبة من أجل إخفاء تورط إسرائيل بنجاح.
ولكن عندما تفشل النتائج ذات التوقيع المبهم، فقد تكون العواقب الدبلوماسية كارثية. في عام 1997، باءت محاولة إسرائيل لاغتيال زعيم حماس خالد مشعل في الأردن، باستخدام رذاذ سام مخبأ كرذاذ من الصودا الغازية بالفشل.. تم القبض على اثنين من عملاء الموساد ولجأ ستة آخرون إلى السفارة الإسرائيلية في عمان. ولتأمين إطلاق سراح عملائها، قدمت إسرائيل الترياق لإنقاذ حياة مشعل وأطلقت سراح مؤسس حماس، الشيخ أحمد ياسين، إلى جانب العديد من السجناء الفلسطينيين الآخرين.
من الناحية الواقعية، نظرًا لأن إسرائيل كشفت علنًا عن حملة الاغتيالات ردًا على هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، فإن وفاة أي زعيم من حماس في المستقبل سوف يثير اتهامات فورية ضد إسرائيل، بغض النظر عن تورطها الفعلي؛ ونتيجة لهذا فإنه حتى عمليات القتل البسيطة، التي تنجح في إخفاء دور إسرائيل، لن تحميها من التداعيات الدبلوماسية.
كما أن اغتيال زعماء حماس يهدد أيضًا بعرقلة المفاوضات بشأن الرهائن؛ وبحسب ما ورد فإن هذا القلق قد خفف من الدعوات الأولية من بعض المسؤولين الإسرائيليين لشن حملة اغتيالات عدوانية مباشرة بعد هجوم 7 أكتوبر، وبما أنه يعتقد أن أكثر من 100 رهينة لا يزالون في الأسر، فإن هذا القلق لا يزال قائمًا.
وبالإضافة إلى المخاطر الدبلوماسية، فإن الاغتيالات الإسرائيلية لقادة حماس قد تؤدي إلى تكثيف الهجمات الانتقامية من جانب الجماعات المتحالفة مع حماس، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن؛ وعلى الرغم من أن حزب الله لم ينتقم على الفور لمقتل العاروري في لبنان، فإنه لا يزال بإمكانه الرد بطرق أخرى، بما في ذلك مهاجمة أهداف إسرائيلية أو يهودية في أماكن أخرى حول العالم، كما فعل في الماضي. وبدلاً من ردعهم بحملة اغتيالات إسرائيلية، فإن قادة حماس وحزب الله وغيرهما من الجماعات قد يلهمون في نهاية المطاف ارتكاب المزيد من أعمال العنف.
من الصعب أيضًا تنفيذ عمليات الاغتيال بجميع أنواعها من الناحية التكتيكية، فهي تشكل مخاطر متأصلة على العملاء والمارة؛ وتتمتع إسرائيل بخبرة واسعة وقدرات متطورة في تنفيذ الاغتيالات، ومع أنه سيتم تعزيز المعلومات السابقة لديها بالمعلومات الاستخبارية عن حماس التي تجمعها خلال عملياتها العسكرية في غزة، فإن عمليات الاغتيال يمكن أن تنحرف بسبب متغيرات غير متوقعة أو لا يمكن السيطرة عليها، ما يعرض حياة الأبرياء للخطر.
وأخيراً، فإن مخاطر حملة الاغتيالات تمتد إلى ما هو أبعد من التداعيات الحركية والدبلوماسية، وقد تأتي جهود إسرائيل بنتائج عكسية من خلال ظهور شخصيات أكثر تطرفًا وسيناريوهات أكثر خطورة. على سبيل المثال، أدى اغتيال أحمد ياسين، مؤسس حماس، في عام 2004، فعليًا إلى إزالة جميع القيود التي وضعها على علاقة الحركة بإيران، ما أدى في نهاية المطاف إلى رفع مستوى التهديدات لإسرائيل.
القيود
في نهاية المطاف، فحتى حملة الاغتيالات الناجحة لا يمكنها أن تقضي بشكل معقول على التهديد طويل الأمد، المتمثل في العنف الفلسطيني ضد إسرائيل. إن جهاز الاغتيالات الإسرائيلي بارع من الناحية التكتيكية لدرجة أن القادة الإسرائيليين كثيرًا ما يخطئون في اعتباره أداة استراتيجية. وفي الواقع، فإن حملات الاغتيالات – بغض النظر عن مدى اتساعها وفعاليتها – لم تحلّ أبدًا مشاكل إسرائيل مع الفلسطينيين ولن تحلها أبدًا.
خلال الانتفاضة الثانية، نفذت إسرائيل حملة القتل المستهدف الأكثر شمولاً في تاريخها، حيث نفذت ما يقرب من 1000 عملية اغتيال بين عامي 2000 و2005؛ وفقًا للصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رونين بيرجمان، فقد أهلكت حملتها قيادة حماس، فضلًا عن فصائل داخل فتح والجهاد الإسلامي الفلسطيني، ووضعت حداً لموجة من الهجمات الانتحارية ضد إسرائيل.
ولكن مع ذلك نجت هذه المجموعات، فقد تمكنت حماس من إعادة تجميع صفوفها سياسيًا وعسكريًا والسيطرة على غزة في عام 2007؛ وتثبت الجولات اللاحقة من القتال بين إسرائيل وحماس، والهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أنه حتى حملة الاغتيالات الإسرائيلية الأكثر نجاحًا أدت في النهاية إلى تفاقم مشكلة النضال الفلسطيني.
واليوم، يعزم القادة الإسرائيليون مرة أخرى على مطاردة حركة حماس حتى إبادتها.. وفي الواقع، قد تنتقم إسرائيل من العديد من قادة حماس بسبب دورهم في هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول. وفي أفضل السيناريوهات، من وجهة نظر إسرائيل، فإن العمليات الناجحة سوف تؤدي إلى مقتل العديد من قادة حماس مع تجنب المخاطر الدبلوماسية والتصعيدية العديدة؛ وبالتزامن مع حملتها البرية في غزة، فإن عمليات القتل المستهدف سوف تنقذ أرواحًا إسرائيلية لا حصر لها، من خلال الحد من التهديد الذي تشكله الجماعة لعدة سنوات.. ولكن – في الاتجاه المعاكس- ليس من الصعب تصور سيناريوهات أسوأ بكثير، حين تفشل إسرائيل في تجنب المزالق التكتيكية والدبلوماسية والتصعيدية، ما يؤدي إلى أزمات مختلفة.
ولكن في أي سيناريو، يتعين على القادة الإسرائيليين أن يدركوا الحدود الاستراتيجية لحملتهم؛ فالقوة وحدها – بما في ذلك الاغتيالات- لا تستطيع حل التهديد بالعنف الفلسطيني. ويتعين على قادة إسرائيل أن يقاوموا الرغبة في الاعتماد على قدرتهم على ارتكاب الاغتيالات، كبديل عن اتخاذ خيارات سياسية صعبة، تتعامل مع الجذور الأساسية التي تحرك العنف والتطرف.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق