لا رمضان في غزة هاشم
بقلم: هديل رشاد
| 11 مارس, 2024
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 11 مارس, 2024
لا رمضان في غزة هاشم
شهادات النازحين من غزة تكشف مأساة الحرب والحصار. رمضان يأتي وسط أزمة إنسانية متفاقمة ونقص في الغذاء والرعاية الصحية. النداءات للمساعدة تتزايد وسط تصاعد أعداد الوفيات بسبب سوء التغذية.
رمضان في غزة – بين الحرمان والأمل
وصفت إحدى النازحات الفلسطينيات من جباليا إلى رفح بجنوب قطاع غزة رمضان بالحزين، متابِعةً قولها للصحفي
“إنني وقريباتي نجتمع قبل رمضان لنستعد للشهر الكريم بتزيين منازلنا بفوانيس رمضان، كتقليد متبع لإدخال البهجة والسرور على أطفالنا، وخاصة من سيبدؤون أولى خطواتهم نحو أداء هذه الفريضة، إلا أنَّ الحرب في هذا العام ابتلعت أطفالي وقريباتي، وأطفأت نور عيني بغيابهم بين شهيد وفقيد.”
هذه واحدة من بين عشرات آلاف الشهادات، التي يتقطع لها نياط القلب ألماً على سكان قطاع غزة، ومن نزحوا قسراً من شمالها إلى جنوبها تاركين خلفهم ذكريات بعمر الوطن. فرمضان يصطحب معه البهجة بكلياتها، إلا أنَّ الأمر ليس بهذه الكيفية عند أهلنا في قطاع غزة، ورمضان يطل عليهم وسط حرب ضروس ابتلعت رمضان بصورته المعتادة، وإن لم تجرده من رمزيته التي عادة ما يستقبل بها سكان قطاع غزة رمضان، فبادر العديد من الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة بما جادت به أنفسهم لعرض بعض المنتجات الخاصة بزينة رمضان، وشرع الأهالي النازحون في تزيين الخيام كمن يشعل شمعة وسط ظلام حالك، رغبة في إسعاد من تبقى من الأطفال، في ظل غياب شبه كامل لمختلف مظاهر الحياة، بسبب الحصار التام على قطاع غزة، وحرمانه من الغذاء والماء والدواء ومصادر الطاقة، حيث إنَّ أكثر من 500 ألف شخص في غزة على شفا المجاعة، والأطفال يموتون جوعاً.
وتشكل أرقام الوفيات بسبب سوء التغذية في قطاع غزة علامة تحذيرية مقلقة، تجعلنا نستحضر المجاعة التي ألمَّت بالصومال عام 2011، سيما وأنَّ الأمن الغذائي قبل الحرب الدائرة رحاها منذ قرابة الخمسة أشهر لم يكن سيئا – حسب الأمم المتحدة-، إذ حذرت الأمم المتحدة الجمعة الماضية من أنَّ المجاعة في قطاع غزة أصبحت شبه حتمية ما لم يتغير شيء. ورسمياً كشف كريستيان ليندماير، الناطق باسم منظمة الصحة العالمية، عن وفاة عشرات الأطفال بسبب سوء التغذية، بالاستناد إلى معلومات أعلنتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، باعتبارها المسيطرة على قطاع غزة، مؤكدا أنَّ الأرقام أقل من الأرقام الفعلية، وجاء حديثه متزامناً مع مطالبات مارتن غريفيث، منسق الإغاثة في الأمم المتحدة، بتوفير نقاط دخول وطرق إمداد إضافية، وحمايةٍ أفضل لقوافل المساعدات الإنسانية.
إلا أنَّ إسرائيل مع كل مطالبة لتخفيف القيود على معبر رفح، لإيصال المساعدات والمواد الإغاثية الأساسية، تزيد من غطرستها وتعنتها كنرجسي يتلذذ بتعذيب ضحيته، في ظل استمرار قلة حيلة الشقيقة الكبرى مصر، التي نهشت قلوبنا وأرواحنا قبل أن تنهش قلوب وأرواح الغزيين الذين ما يزالون يُعولون على دورها الذي أفَلَ باكراً في هذه الحرب، ودور الأردن الحاضر الغائب، والذي أوصلته حيلته لإلقاء المساعدات جواً، فإما ابتلعها اليم، أو أصبحت مصيدة يستخدمها جيش الاحتلال لقنص الفلسطينيين، الذين أصبحت أرواحهم الطاهرة قرابين للحصول على رغيف خبز لهم ولأطفالهم، في حين لا تزال صادرات الأردن تدخل إلى أراضينا المحتلة بأيسر الطرق، متعذرين بالمعاهدات التي بين الطرفين، دون أن تحاسَب إسرائيل بالحُجة نفسها على خرقها المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني الملزم لجميع أطراف النزاع المسلح، وارتكابها جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، واتباع سياسة التجويع كعقاب جماعي لشعب أعزل، ذنبه الوحيد أنه أراد ويريد أن يعيش حراً على أرضه المغتصبة منذ 76 عاماً.
وهنا أسألكم كما سألت نفسي مع حجم الكارثة التي يحياها أخوتنا في قطاع غزة.. هل سيقبل الله صيامنا؟ هل سيقبل الله دعواتنا في جوف الليل ونحن نتضرع له جلَّ وعلا بطلب العفو والمغفرة؟ هذه الأسئلة طرحتها حقيقة على نفسي، ليس تشكيكاً برحمة الله – لا سمح الله- بل خوفا من عاقبة تقصيرنا وخذلاننا لأهلنا في قطاع غزة، وهم الذين يموتون جوعا بسبب سوء التغذية، بينما موائد البعض تفيض بها الأطعمة عن الحاجة، فينتهي بها المطاف في حاويات القمامة! لذا علينا ونحن نعد موائد الإفطار أن نتذكر أن هناك من يصوم لكن إفطاره ليس مضمونا، فإما أن يستشهد قنصا أو يموت جوعاً.. وعليكم بتنفيذ وصية أحد شباب غزة بعدم تصوير موائدكم، فهناك من يموت وآخر أمنياته رشفة ماء نظيفة أو كسرة خبز بلا عفن.
قبل أن أختم المقالة أشير إلى ما أعلنته قناة الجزيرة نقلا عن مراسلها في قطاع غزة، عن ارتفاع عدد الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية إلى 17 طفلاً في مستشفى كمال عدوان وحده، كما توفيت شابة بسبب الجفاف وسوء التغذية صباح السبت بمستشفى كمال عدوان شمالي القطاع؛ وبذلك يرتفع عدد ضحايا سوء التغذية والجفاف في قطاع غزة إلى 25 شهيداً، وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أعلنت استشهاد 3 أطفال في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة نتيجة سوء التغذية والجفاف.
خـتاما
نسأل الله أن يمن على أخوتنا في فلسطين وفي السودان بالسلام والأمن، وأن يجعل رمضان للبلدين فاتحة خير لهدنة من الحرب التي لا تبقي ولا تذر، حتى تنعم شعوبهما بالأمان تحت سقف الحرية.
3 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
مقال موفق يا أستاذه هديل
بارك الله كلماتك الصادقة و كتب فرجاً قريبا لأهلنا في غزة و السودان
نفس السؤال طرحته على نفسي ، و صدّقا أخجل من نفسي و أنا أقف بين بدي الله للصلاة أو للدعاء ، أخجل حتى من مظاهر الفرح و من تعدد أصناف الطعام على سفرتنا ، بأي حجة سنواجه ربنا عندما نُسأل عن اخوتنا في القطاع .
لك الله ياغزة و يا شعب غزة .. أسأل الله الفرج القريب العاجل … لكل مظلوم و مستضعف على هذه الأرض.