لماذا أدعو “حماس” إلى تبني حل الدولة الواحدة للشعبين؟
بقلم: محمود عبد الهادي
| 13 فبراير, 2024
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: محمود عبد الهادي
| 13 فبراير, 2024
لماذا أدعو “حماس” إلى تبني حل الدولة الواحدة للشعبين؟
يستعرض المقال الدعوة وتاريخها إلى حل الدولة الواحدة لفلسطين، مع التركيز على تبني حركة حماس لهذا الحل.
حيث يوضح المقال المواقف والعوامل التي تجعل حماس مرتبطة بحل الدولتين، مشيرًا إلى تحدياتها الشرعية والسياسية في ضوء الأحداث الحالية.
كما يقدم تحليلاً لموقف الحركة والتحديات التي تواجهها في مسعاها لتحقيق الهدف المطلوب.
حركة حماس والمطالبة بحل الدولة الواحدة في فلسطين
لم يقتنع محدّثي كثيراً بالأسباب الرئيسة التي سقتها له لأبين له سبب دعوتي إلى حل الدولة الواحدة للشعبين الفلسطيني واليهودي على أرض فلسطين، بل بدا لي وكأنه يعتبرها تخلياً عن طريق المقاومة والجهاد، وتخلّياً عن آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني، أو على الأقل مضيعة للوقت وجرياً وراء سراب منتشر في صحراء قاحلة في يوم قائظ. ثم التفت إليَّ وسألني بانفعال حول أسباب مطالبتي حركة “حماس” بالذات أن تتبنى هذا الحل، الذي يتعارض في ظاهره مع ثوابتها الدينية والفكرية والسياسية، فوجدتها فرصة قد تساعدني على إقناع محدّثي بموضوعية وصوابيّة هذا الحل، حتى وإن بدا لنا بعيد المنال.
إن حركة حماس، بانزلاقها نحو حل الدولتين تفقد الفرصة التاريخية لإحياء حل الدولة الواحدة، الذي لم يعد يتبنّاه أحد من القوى السياسية الفلسطينية، وتقتصر الدعوة إليه على مجموعات متفرقة من الكتاب والمفكرين والمنظمات، وهذه ستظل معدومة التأثير، ما لم تتقدم جهة سياسية لإحياء هذا الحل من جديد.
لست أول من بدأ المطالبة بحل الدولة الواحدة للشعبين الفلسطيني واليهودي، فهو طرح قديم يعود إلى بدايات وعد بلفور الذي نص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ثم أعادت بريطانيا التأكيد عليه في أعقاب الثورة العربية في ما يعرف بالكتاب الأبيض، وتبناه الحزب الشيوعي الفلسطيني عندما دعا سنة ١٩٤٤م إلى دولة ديمقراطية مستقلة واحدة، يعيش فيها اليهود على قدم المساواة مع الفلسطينيين. وبعد هزيمة العرب في يونيو/ حزيران ١٩٦٧م؛ تبنت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حل الدولة الواحدة لجميع مواطنيها. وبعد انطلاقها في ١٩٦٩م، دعت حركة “فتح” إلى الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة للشعبين الفلسطيني واليهودي، واستمر تبنيها لهذا الطرح حتى عام ١٩٧٤م،
عندما قدمت طرحاً جديداً باسم “برنامج النقاط العشر“، يدعو إلى إنشاء سلطة وطنية على أي قطعة محررة من أرض فلسطين، والعمل على إنشاء دولة علمانية ديمقراطية ثنائية القومية في فلسطين، يتساوى فيها مواطنو الشعبين أمام الدستور والقانون؛ وهو الطرح الذي كان أساساً لمشروع أوسلو. ولم تلبث أن تأسست عدة هيئات فلسطينية ويهودية تطالب بحل الدولة الواحدة للشعبين حتى يومنا هذا.
ولكن، لماذا على حماس أن تتبنى هذا الحل الآن دون غيرها؟ لماذا لا تتبناه حركة “فتح” أو السلطة الفلسطينية أو المجلس الوطني الفلسطيني أو منظمة التحرير الفلسطينية؟ الإجابة تكمن في النقاط الرئيسة التالية:
- أن حركة فتح تم تحذيرها (أميركياً) من مغبة الاستمرار في تبنّي حل الدولة الواحدة، وأن عليها أن تتوقف عن ذلك، وعليه قامت بطرح برنامج النقاط العشر.
- أن حركة فتح قادت عملية الوصول إلى اتفاق أوسلو مع الطرف الإسرائيلي، وهو الاتفاق القائم على حل الدولتين، وهي ملتزمة إسرائيلياً ودولياً بالمبادئ التي قام عليها هذا الاتفاق، وقد انخرطت حركة فتح بشكل كامل في تنفيذ اتفاق أوسلو، وما ترتب عليه من هياكل ومؤسسات السلطة الفلسطينية، وعلاقاتها مع الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي.
- أن السلطة الفلسطينية هي ثمرة اتفاق أوسلو، ورقبتها معلقة سياسياً واقتصادياً وأمنياً بحبل الاحتلال الصهيوني منذ تأسيسها، ولا تستطيع الخروج عن بنود اتفاق أوسلو، لأن ذلك يعني حلّها تلقائياً.
“
إن منظمة التحرير والمجلس الوطني وحركة فتح والسلطة الفلسطينية لا يستطيعون تبنّي حل الدولة الواحدة، لأنهم ملتزمون أمام الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي باتفاق أوسلو القائم على حل الدولتين.
“ - أن ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني تم تعديله وفقاً لاتفاق أوسلو، ولا يمكن معه تبنّي حلول أخرى، لأنها تعني أيضاً إلغاء اتفاق أوسلو، وحلّ السلطة الفلسطينية، وتجريد قادتها من كافة الامتيازات التي يتمتعون بها.
- النقاط الأربعة السابقة لا تنطبق على حركة حماس، لأنها ليست عضوا في منظمة التحرير ولا في المجلس الوطني الفلسطيني، ولا في اتفاق أوسلو، ولا تنطبق عليها الالتزامات الإسرائيلية والدولية وفق ما جاء في اتفاق أوسلو.
- أن حركة حماس بدأت تنزلق مرغمة، رويداً رويداً، باتجاه حل الدولتين، وهو الحل المستحيل؛ وإن خرج من المستحيل إلى الممكن فإنه لن يحقق للشعب الفلسطيني آماله وتطلعاته التي قدّم في سبيلها من التضحيات ما تعجز عنه الجبال.
- أن حركة حماس، بانزلاقها نحو حل الدولتين تفقد الفرصة التاريخية لإحياء حل الدولة الواحدة، الذي لم يعد يتبنّاه أحد من القوى السياسية الفلسطينية، وتقتصر الدعوة إليه على مجموعات متفرقة من الكتاب والمفكرين والمنظمات والهيئات المدنية، وهذه ستظل معدومة التأثير ما لم تتقدم جهة سياسية وتعمل على إحياء هذا الحل من جديد.
- أن حماس بحاجة ماسّة إلى تقديم طرح سياسي متكامل قابل للتنفيذ في مدى زمني محدد، ويمكن قبوله دولياً، وقادر على تحقيق أهدافها، لتضع أقدامها على أرض سياسية صلبة، دون أن تكون محاصرةً إقليمياً ودولياً بحل الدولتين كخيار وحيد، وهو الخدعة الكبرى التي يتم تسويقها على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ٨٠ عاماً.
وطبعاً، ما ينطبق على حركة حماس ينطبق على حركة الجهاد الإسلامي.
صمت محدّثي قليلاً، وهو ينظر إليَّ بقدر من الارتياب والقلق، ثم بادرني مسرعاً قائلاً إن حماس، رغم وجاهة هذه المبررات، لا يمكنها القبول بحل الدولة الواحدة، لأنه لا يتناسب مع المرحلة الراهنة التي تمر بها الحركة بعد (طوفان الأقصى)، ولا مع المبادئ الشرعية والفكرية والسياسية التي تتبنّاها.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق