لماذا تعتبر الانتخابات في تركيا الأهم في العالم؟

بواسطة | أبريل 24, 2023

بواسطة | أبريل 24, 2023

لماذا تعتبر الانتخابات في تركيا الأهم في العالم؟

تحولت الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو 2023، والتي ستجرى في تركيا في شكل استفتاء على حكم رجب طيب أردوغان المستمر منذ 21 عاما، إلى تصويت سيحدد مصير العالم بأسره تقريبا.
كما تم استخدام العنوان الرئيس “أهم انتخابات في العالم في عام 2023” في صحيفة واشنطن بوست، وفي العديد من وسائل الإعلام الغربية.
وعند النظر إلى التقارير في وسائل الإعلام الغربية، يبدو العالم كله ينتظر بفارغ الصبر نتائج الانتخابات في 14 مايو.

بغض النظر عمن ينتخب في أمريكا، فإن سياسته تجاه روسيا والصين والعراق وإيران وسوريا وآسيا وأوروبا وأفريقيا والجغرافيا العربية لن تتغير.

أهم من الانتخابات الأمريكية
إن المقالات والأخبار والتعليقات المكتوبة في وسائل الإعلام العالمية حول هذه الانتخابات في تركيا هي أكثر بكثير من تلك التي تناولت الانتخابات التي ستجرى في الولايات المتحدة في عام 2024. حيث لا يتساءل العالم عما إذا كان أي من بايدن أو ترامب سيصبح رئيسا للولايات المتحدة؛ ولكن الأصدقاء والأعداء -على حد سواء- يتساءلون عما إذا كان أردوغان سيعاد انتخابه.
وبغض النظر عمن ينتخب في أمريكا، فإن سياسته تجاه روسيا والصين والعراق وإيران وسوريا وآسيا وأوروبا وأفريقيا والجغرافيا العربية لن تتغير. لكن خسارة رجب طيب أردوغان في تركيا في 14 مايو سيكون لها عواقب، لن تؤثر فقط على الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن أيضا على روسيا وأوكرانيا والعراق وسوريا والدول العربية والدول الأفريقية والعالم بأسره، بما في ذلك الصين.
وقد شهدت تركيا تحولا كبيرا بعد محاولة الانقلاب العسكري في 15 يوليو 2016 من قبل أعضاء منظمة فتح الله الإرهابية، التي تدعمها حكومة الولايات المتحدة؛ وبعدها أصبحت الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان قوة إقليمية، فهي تحارب بشكل فعال التنظيمين الإرهابيين: حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن الإرهابية من جهة، وتضع مصالح تركيا الوطنية أولا في كل مجال من جهة أخرى. وبالتالي أصبحت لا تتجنب صراعا علنيا أو سريا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتعطل كل الألعاب التي تحاول هذه الدول تأسيسها، خاصة في البلقان وأفريقيا والقوقاز والشرق الأوسط.
ولم تقطع تركيا أبدا علاقاتها المتبادلة مع دول الناتو التي تدعم المنظمات الإرهابية، والتي تربطها بها علاقات متحالفة، لكنها لم تنس أبدا هذه الخيانة.

بعد شهر واحد من محاولة الانقلاب العسكري في 15 يوليو 2016، تسببت العملية الناجحة للقوات المسلحة التركية ضد حزب الاتحاد الديموقراطي السوري وحزب العمال الكردستاني في سوريا في ذعر كبير، وعُطلت خطط الولايات المتحدة للمنطقة.

موقف بايدن
صرح “جو بايدن” بشأن محاولة الانقلاب العسكري، في حديثه مع محرري صحيفة “نيويورك تايمز” في عام 2019، عندما كان مرشحا رئاسيا، أنهم سيجعلون رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، يدفع الثمن. لكنهم هذه المرة سيفعلون ذلك من خلال دعم المعارضة في تركيا، وليس عن طريق “الانقلاب”. كما أدلى جو بايدن بعد توليه منصبه كرئيس للولايات المتحدة في عام 2020، بتصريحات معادية لتركيا وأردوغان خلال عملية الترشح.
وبعد شهر واحد من محاولة الانقلاب العسكري في 15 يوليو 2016، تسببت العملية الناجحة للقوات المسلحة التركية ضد حزب الاتحاد الديموقراطي السوري وحزب العمال الكردستاني في سوريا في ذعر كبير، وعُطلت خطط الولايات المتحدة للمنطقة. وفي كل مرة كان الرئيس الأمريكي بايدن يذكر فيها الرئيس التركي أردوغان خلال عملية ترشيحه، كان يَعِدُ دائما “بجعله يدفع الثمن”، بطريقة غير محدودة ومغرورة.
وإن الدعاوى القضائية غير العادلة وغير القانونية المرفوعة ضد تركيا في الولايات المتحدة، وقرارات العقوبات ضد السياسيين، والحظر والعقوبات في مجال الدفاع على الرغم من كون تركيا عضوا في الناتو، بالإضافة إلى القيود الاقتصادية والإزالة غير القانونية لتركيا من مشروع F35؛ كلها كانت خطوات تهدف إلى “جعل تركيا تدفع الثمن”.

سياسة تركيا في ليبيا، وفي حرب كاراباخ، ووقوفها بجانب إخوانها في الشرق الأوسط، أدى إلى تعطيل سياسات الاستغلال الغربية التي استمرت قرنا من الزمان.

تغييرات جديدة
بعد شهر من توليه منصبه كرئيس للولايات المتحدة، حضر جو بايدن مؤتمر ميونيخ للأمن، معلناً أنَّ “عصر الهيمنة الإمبريالية الجديدة” قد بدأ. وبعدها بدأت الحرب الروسية الأوكرانية، حيث دعمت فيها الولايات المتحدة أوكرانيا بغرض تلقين روسيا درسا، وأدى ذلك إلى آثار كبيرة على العالم كله. ولكن تركيا، من خلال “سياسة التوازن” التي اتّبعتها، حمت مصالحها الوطنية في صراع البلدين المجاورين لها بحرا وبرا، كما ساعدت في تحويل آثار الحرب من أزمة جوع عالمية إلى دعم عالمي مع “ممر الحبوب”.
إن سياسة تركيا في ليبيا، وفي حرب كاراباخ، ووقوفها بجانب إخوانها في الشرق الأوسط، أدى إلى تعطيل سياسات الاستغلال الغربية التي استمرت قرنا من الزمان. وهذا هو السبب في أن هذه الانتخابات هي “أهم انتخابات في العالم في عام 2023″؛ ليس فقط لتركيا بل للدول الاستعمارية الإمبريالية الغربية أيضاً.
وبسبب عدم ارتياحهم لسياسة تركيا الخارجية، قاموا بدعم المعارضة، وبذلك تم إنشاء “الطاولة السداسية”؛ حيث تخطط الأحزاب الستة للإطاحة بأردوغان وتغيير السياسة الخارجية لتركيا بأكملها. فعلى حد تعبير زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، المرشح الرئاسي لطاولة الأحزاب الستة، فإنهم يهدفون إلى “تغيير 180 درجة” في السياسة الخارجية. وأحد مخططاتهم، بجانب إزاحة أردوغان من السلطة، هو إنهاء الحرب ضد الإرهاب في سوريا والعراق، وهي رغبة الولايات المتحدة ومنظمة حزب العمال الكردستاني- وحدات حماية الشعب الإرهابية، التي تدعمها.
وتشمل هذه التغييرات، التي تمثّل رغبة الولايات المتحدة، الانحياز إلى أوكرانيا ضد روسيا في الحرب الروسية الأوكرانية، وفرض عقوبات على روسيا، بالإضافة إلى منع استخدام صواريخ S400 المشتراة من روسيا لأغراض دفاعية.
ومن بين موضوعات النقاش إنهاء العلاقات البناءة المتبادلة، التي طورتها تركيا مع دول الشرق الأوسط وأفريقيا في السنوات الأخيرة، وتغيير سياسة تركيا في ليبيا وسياستها تجاه أذربيجان، والانسحاب من حقوقها في شرق البحر الأبيض المتوسط، وحتى وقف استثماراتها في مجال الصناعات الدفاعية التي مكنت تركيا من أن تصبح قوة إقليمية.
وهذه هي الديناميكيات الخارجية لانتخابات 14 مايو، وهناك أيضا ديناميكيات داخل تركيا. فهناك من يقوم بحسابات القوة بمجموع الأصوات في تركيا، مثل تحالف الأمة، إلا أن الأمة التركية لها أولويات تجعل من غير الممكن أخذ مثل هذه الحسابات بعين الاعتبار.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...