لماذا قتلت إسرائيل أكثر من ٤٠ ألف إنسان في غزة؟
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 31 مايو, 2024
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 31 مايو, 2024
لماذا قتلت إسرائيل أكثر من ٤٠ ألف إنسان في غزة؟
قتْل المدنيين الآمنين في غزة، قصف المستشفيات، اقتحام غرف العناية المركزة وحاضنات الأطفال، قتل الأجنة في المختبرات، القصف المباشر للمدنيين بالمسيرات مع نشر تسجيلات لهذه الأفعال، تصريحات القادة الإسرائيليين وسيناتورات الكونغرس والبنتاغون حول قتل المزيد من الفلسطينيين، وصولاً إلى المطالبة بإلقاء قنبلة نووية عليهم، واعتراف الأمم المتحدة بالأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.. كل ذلك هو جزء من “الهاسبارا” أو الدعاية والبروباغاندا الإعلامية والدبلوماسية لهذه الحرب.
إسرائيل لا يهمها اليوم إلا ترسيخ صورة القوة والبطش التي رسمتها في ذهن العالم بشكل عام، والتعبئة التي تستهدف بها جمهورها بشكل خاص؛ هذه الصورة بدأت تتحطم شيئاً فشيئاً بعد السابع من أكتوبر.
للإجابة عن السؤال: لماذا قتلت إسرائيل هذا العدد الهائل من المدنيين خلال ثمانية أشهر؟ يجب أن نعود إلى خطاب إسحاق رابين إبان الانتفاضة في العام ١٩٨٧، عندما سألته المذيعة: “كيف تقتلون يومياً كل هذا العدد من الأطفال؟”، ليجيبها ببرود: “لا تضخمي الموضوع! يموت يومياً أكثر من هذا العدد في كثير من الدول العربية بحوادث سير.” كما يجب أن نعود إلى الصورة التي أرسلتها البعثات الإعلامية إلى الغرب، عندما أرادوا الترويج لفكرة الوطن القومي بدعوى نظرية “أرض بلا شعب”، الأرض الخالية إلا من بعض العرب المتخلفين، الذين يعيشون في مستنقعات الجهل ويقتل بعضهم بعضا! لتبدأ بعدها سلسلة المجازر وحروب الإبادة الجماعية، من مجزرة دير ياسين والطنطورة وصولاً إلى مجازر غزة المستمرة حتى اليوم.. كل هذا يتلخص في لعبة بروباغاندا إعلامية، هدفها “ترخيص” هذه الدماء التي لا يدافع عنها أحد.
قبل أن ترتكب إسرائيل كل هذه المجازر، أجبرت كل الحكومات العربية على الوقوف معها، أو التزام الحياد تجاه حمّامات الدم! وما كانت جولات بلينكن المكوكية على الدول العربية، وضغطه على جامعة رؤسائها منذ السابع من أكتوبر، إلا جزءاً من هذه السياسة، ناهيك عما سبق ذلك من محاولات جر هذه البلاد نحو التطبيع.
منذ العام ١٩٤٨ يحاول الاحتلال ترسيخ “سُموّيّة” دماء اليهود مقابل ترخيص دماء الفلسطينيين! قد يغضب القارئ من هذا القول، وبعضنا سيقول إن هذه الدماء هي الأطهر والأثمن.. نعم هي كذلك، ولكن هل يُترجَم هذا على أرض الواقع؟ لا! إذ ما يرسخه الاحتلال هو السردية التي ستؤثر على سيكولوجيا الجماهير. أليس غريباً أن إسرائيل لم تحقق أي إنجاز حتى اليوم إلا حمّام الدماء؟ هذا ما تكرره المقاومة الفلسطينية في كل خطاب، وما يؤكده ضباط إسرائيليون.
حتى أنت أيها القارئ، ألم تشعر أن الأم الغزية – مثلاً- هي صلبة للغاية، وعممت هذا المفهوم على كل نساء غزة؟ ألم تفاجئك أصوات النحيب هذه المرّة، وحين سمعت “ابني حلو وشعره كيرلي” و”أولادي ماتوا بلا أكل”؟ ألم تعمم قبل ذلك؟ وكأن الأمهات في غزة ربحوا أبناءهم في اليانصيب!
وفي الجانب الآخر، لماذا تعظّم إسرائيل الهولوكوست على مدار عقود؟ لماذا جعلت معاداة الساميّة جريمة يعاقب عليها القانون في كل دول الغرب؟ حتى بعد السابع من أكتوبر، أنشأت إسرائيل غرفة إعلامية حربية كتلك التي كانت موجودة في بريطانيا أيام الحرب العالمية الثانية، بهدف مكافحة النازية بالإعلام، في إشارة غير مباشرة إلى أن اليهود اليوم يتعرضون لحملة تشبه تلك التي تعرضوا لها على يد هتلر! حتى نتانياهو قالها علانية: “نحن اليوم نعيش الهولوكوست مرة ثانية”. أكثر من ذلك، إشاعات قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء كانت جزءاً من تعظيم الهاسبارا الإسرائيلية للدماء الساميّة! المليارات حول العالم أدانوا عملية السابع من أكتوبر، ومن بينهم كثير من العرب والفلسطينيين! لماذا؟ الجواب ببساطة: العقل الجمعي لا يتحمل مجزرة تجاه البشر أينما كانوا، ما لم يسترخص دماءهم! رغم أنهم لم يروا طفلاً واحداً بلا رأس!
أكثر من ذلك، وبعيداً عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ألم يقف العالم على قدم واحدة من أجل الطفل ريان في المغرب لخمسة أيام، على سبيل المثال؟ هل تعلم عزيزي القارئ أن أكثر من ١٢ ألف إنسان، غالبيتهم من الأطفال، هم في غياهب الأنقاض ولا رافعات تخرجهم؟ هل تذكر مشاعرك يوم انفجار بيروت؟ زلزال الشمال السوري وتركيا؟ هذه أمثلة من منطقتنا، ولن نقارنها بمواقف الغرب وأمريكا مما حدث في أوكرانيا، ولا بمواقفهم تجاه أصغر الإساءات أو الاعتداءات التي تحصل في بلادهم! هل تعلم أن إسرائيل قتلت منذ العام ١٩٤٨ أكثر من ١٣٥ ألف إنسان فلسطيني؟ أي ما يقارِن المليون نسمة لو كان تعداد سكان فلسطين بتعداد الجزائر أيام الثورة.
إذًا، لنصارح أنفسنا أولاً.. هل نجحت الهاسبارا الإسرائيلية في ترخيص الدماء الفلسطينية في ضمائرنا وضمير العالم كله عبر إسرافها في القتل؟. المشروع الإسرائيلي منذ اليوم الأول يحكمنا بالدعاية والإعلام والحروب النفسية، هذه البروباغاندا التي أسست لسيكولوجيا عالمية.
السؤال هنا: إلى متى ستستمر إسرائيل بالقتل؟ إلى متى ستنجح في ترخيص دماء الفلسطينيين؟ وهل ستنجح هذه الاستراتيجية وحدها في المحافظة على صورتها التي عملت من أجلها لعقود، خصوصاً بوجود منصات التواصل الاجتماعي اليوم، وفي ظل الفجوة الحاصلة بين الأجيال؟ هذه الأجيال التي لم تعاصر الهولوكوست وتعاصر إبادة جماعية في هذه البقعة الجغرافية من العالم؟
18 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
والله ما هانت دماء آبائنا وأمهاتنا وإخوتنا وأخواتنا وأطفالنا وشبابنا وشيوخنا، والله ما هانت هذه الدماء وهذه الأرواح الزكية الطاهرة، وإن مَن هانت عليه دماء إخوته فسيذيقه الله من نفس الكأس، وسيتجرَّع الذل والمهانة وعذاب الخزي في الدنيا والآخرة…
اللهم احقن دماء مجاهدينا وأهلنا الأبرار الأطهار، وعجِّل لهم بفرجك ونصرك العزيز المبين، وعجِّل ببطشك الشديد لعدونا وعدوهم وعدو كل المسلمين، ومَن والاهم وناصرهم ودعمهم يا أكرم الأكرمين يا أرحم الراحمين يا قوي يا عزيز يا متين.
لن يضيع الله كل هذه التضحيات والقرابين التي تقدِّمها إليه راضية صابرة أرض الله غزة العزة الطاهرة…وإن غداً لناظره قريب بإذن الله.
اخي الكريم بارك الله فيك العيب فينا وليس في أهل فلسطين اهل غزة وفلسطين هم ضحية مؤمراة كونية قبل وصول الخنازير والقردة للأرض المباركة التي شردهم الله منها يتيهون في الأرض أربعين سنة بعد قتلهم الأنبياء وكفرهم بايات الله ولكن الاستعمار البريطاني والأمريكي والفرنسي والالماني والهندي الحاقد والذي عشعش وباص وفقص في بلاد الاسلام نفث حقده وسمومه على أهل فلسطين يستولي هو على الأرض وليكون شوكة في حلق العرب والإسلام والمسلمين ولكن الاستعمار الصهيوني نسي ان القرآن الكريم حفظه الله وبه يحيى الأمة الإسلامية ويعيد المسلمين لدينهم وجهادهم فنقول لهم قتلانا شهداء في الجنة وقتلاهم في النار وسيتم تطهير فلسطين منهم من النهر للبحر رغم انوفهم والعزة للاسلام
نعم بالتاكيد
جزاك الله خيراً أستاذ أدهم، وأكرمك الله ووالديك وعوَّضك في الدنيا والآخرة عن كل مشاعر القهر والظلم والألم.
مقالة رائعة جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك ولطف المولى بأهل غزة ونصرهم النصر الذي وعد إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
ما نقيم به موقف الام الغزية ورجال غزة وابطالها وأطفالها لم يكن يوما استهانة بمشاعرهم أو أمومة الأمهات وطفولة الأطفال ولكنه والله مشاعر الغبطة على اصطفاء الله لهؤااء المرابطين من اصغر رضيع إلى أكبر مسن في هذه البلاد المباركة .
يا أخي الفاضل والله مهما حفظنا كتاب الله وصلينا وصومتنا وتنقلنا بين عبادات وفعال خير نظل نحتقر أنفسنا امام صمود وقوة أطفال غزة .
فهم النموذج الفريد الذي عجزنا حتى عن تقديم نسخ مقلدة منه.
دائما ما أضع نفسي كأم مكان أمهات غزة وأتخيل كيف حال إيماني وصلاتي وقرآني كيف هو ثباتي ويقيني ؟؟! وتكون الإجابة دائما دموع تنهمر ودعوات تصعد لرب الأكون بالثبات والخلف لكل أهل الرباط.
مقال مهم جدا ولك جزيل الشكر والتقدير استاذ أدهم 💚
ابشرك أن سبعة عشرة قلبت واتقلب كل الموازين وإسرائيل ومن يدعمها عربا وعجما للزوال قريبا بإذن الله
نص قيم وتحليل واقعي مقنع لكن ثق دكتور أدهم انه مهما روحوا وكرسوا لنعرة السامية لم ولن يفلحوا في تكريس شعور الشرفاء الذين لم تخل منهم الأمة ولن بتقديس الدم الفلسطيني ومزيد التضامن معهم….والان امام هذا الكم من القتل انقلبت المعادلة بان هؤلاء اللصوص احط انواع البشر هم ومن والأهم قولا وفعلا وحتى صمتل….الام الزاوية مكانتها رفيعة عند الله فكيف بنا نحن البشر…
شو ما كانت الضغوطات على العرب ما بطلعلهم يكونوا على حياد ، بئس القوم قومنا
نسأل الله أن يجازيك خير الجزاء على كتاباتك التوعوية
تحليل منطقى وواقعى , المشكله أننا غالبا ماننساق دون أن ندرى بمشاعرنا الفطريه للتناغم مع مخططاتهم الشيطانيه دون تفكير عميق , دون وضع مسافه من الشك والريبه فى التعامل مع كل مايدور حولنا
حد يعطيني أقل من عشرة أسماء في كل عربي عبر التاريخ تسبب لغزة و فلسطين باحتلال نجس كهذا؟
انطوني أسماءهم فلأنشرنها بين الصالحين ليكثفوا من دعواتهم على الميت منهم نارا يعرض عليها غدوة و عشيا و عقارب جهنم تأتيه فيقبره
والحي منهم أن يتعذب عذابا ما تعذبه بشر في الدارين
اعطوني أسماء حقا
ماهانت الدماء
بل إن دماؤهم هي دماؤنا وسنساءل عنهم يوم القيامة.
لكن حكمة الله بتمحيص المسلمين والعرب ليروا ويعرفوا الأحداث والمواقف ويعرفوا الصالح من الطالح فحين يحين الوقت تنتظم الصفوف ويختار كل واحد فينا مكانه مع غزة أو مع إسرائيل حينها لأعذر لأحد
والله ثم والله أنا القلب ليحزن والعين لتدمع والكن ليس في يد حيل الا الدعاء اللهم أجعل السكينة في قلوبهم وثبت القدم المجهدين وسدد رامهم ونصرهم نصرا وفرج قريب عاجلا عاجلا يا الله
احسنت والله لدماء اهلنا في غزة العزة والكرامة ستكون لعنة علي كل الصهاينة
مهما فعلوا
النصر للإسلام النصر للمقاومه
علينا أن نعبد الله كما أمرنا وهو ينصرنا كما وعدنا