
مآلات الحرب على غزة بعد تفجر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية
بقلم: الدكتور صالح النعامي
| 19 أبريل, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: الدكتور صالح النعامي
| 19 أبريل, 2024
مآلات الحرب على غزة بعد تفجر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية
استشراف تأثير تفجر أول مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران وإسرائيل على مستقبل الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة عملية معقدة؛ لأن المواجهة مع إيران قد تفرز عوامل ستترك تأثيرات متناقضة على دافعية الاحتلال لمواصلة حربه على غزة؛ فقد خلط تفجر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية الأوراق، وأثر على مكونات البيئة التي شنت إسرائيل على وقعها حربها على قطاع غزة.
وقبل الخوض في استشراف السيناريوهات التي يمكن أن تنتهي إليها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، علينا استحضار الأهداف الثلاثة الرئيسة، التي وضعتها إسرائيل لحربها على غزة، والمتمثلة في: تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس، والإطاحة بحكمها في قطاع غزة، واستعادة الأسرى الذين أسرتهم كتائب “عز الدين القسام” أثناء تنفيذ عملية “طوفان الأقصى”.
وفي ظل الظروف الحالية، فإن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية يمكن أن تقود إلى واحد من ثلاثة سيناريوهات، قد يمثل أحدها مستقبل حرب الاحتلال على غزة.
السيناريو الأول: استمرار الحرب بوتيرتها الحالية
لقد تفجرت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية بعد ستة أشهر من بدء جيش الاحتلال حربه على قطاع غزة؛ وفي وقت كان فيه رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وأركان حكومته يحاولون إقناع الولايات المتحدة والقوى الغربية بمنحهم مظلة دولية، تسمح بشن عملية عسكرية برية في مدينة “رفح”، على اعتبار أن هذه الخطوة تعد معيارا لتحقيق هدف تدمير القدرات العسكرية للحركة؛ فضلا عن ذلك فإن إسرائيل تدعي أن احتلال المدينة يعد متطلبا ضروريا لمعالجة خطر تهريب السلاح والوسائل القتالية إلى القطاع. في الوقت ذاته يدعي جيش الاحتلال أن حركة حماس تحتفظ بعدد من الأسرى في منطقة رفح.
ونظريّا، يمكن أن يوفر تفجر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية بيئة تسمح لإسرائيل بشن عمليتها البرية في رفح في ظل دعم أمريكي وغربي؛ فبعض النخب المقربة من نتنياهو ترى وجوب استغلال رغبة الولايات المتحدة بعدم تنفيذ إسرائيل ردّاً قويّاً ضد إيران، والتوصل إلى صفقة بشأن مستقبل العملية العسكرية في رفح. وحسب هذه النخب فإنه يمكن لإسرائيل أن تلتزم أمام إدارة الرئيس جون بايدن بالاكتفاء بعمل عسكري محدود ومضبوط ضد إيران، لا يفضي إلى اندلاع حرب إقليمية شاملة، مقابل منح الولايات المتحدة حكومة بنيامين نتنياهو مظلة دولية لتنفيذ العملية العسكرية في رفح.
لكن تحقق هذا السيناريو يعترضه العديد من العوائق، حيث إنه لا يمكن ضمان ألا يفضي الرد الإسرائيلي “المحدود” ضد إيران إلى تفجر مواجهة شاملة، في ظل التهديدات التي تطلقها طهران بالرد بشكل كبير على أي عمل عسكري إسرائيلي.
إلى جانب ذلك، هناك في تل أبيب من يرى أن أهمية العملية في رفح قد تراجعت كثيرا، تحديدا بعد اندلاع المواجهة مع إيران؛ وصار الأَولى – حسب هؤلاء- الاستعداد لتبعات المواجهة مع إيران وحزب الله، وليس مواصلة التورط في الحرب على غزة. وحسب هذا المنطق، فإن الاستنفار لمواجهة خطر الترسانة الصاروخية لإيران وحزب الله يفرض على إسرائيل تقليص الاهتمام بالحرب على غزة، وعدم إهدار الموارد العسكرية والسياسية من أجل تنفيذ عملية في رفح.
ليس هذا فحسب، بل هناك قيادات رسمية إسرائيلية باتت تشكك علنا في قدرة الاحتلال على تحقيق أهدافه من الحرب على غزة، فقد انتقد الوزير جادي إيزنكوت، عضو مجلس الحرب في إسرائيل، فشل جيش الاحتلال وعجزه عن تحقيق أهداف الحرب؛ حيث نقلت صحيفة “معاريف” عن إيزنكوت قوله: “إسرائيل تستخدم قدرات عسكرية كبيرة جدا ضد حماس على مدى نصف عام، إلا أنها تفشل تقريبا في الوصول إلى الأماكن التي يتواجد فيها الرهائن الإسرائيليون”.
السيناريو الثاني: تجميد العمليات العسكرية في غزة دون التوصل إلى صفقة مع حماس
في حال أسفر الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني عن إشعال مواجهة إقليمية شاملة، فسيفرض هذا السيناريو على إسرائيل تجنيد كل مواردها العسكرية لمحاولة تحقيق إنجازات في هذه المواجهة، ما يستدعي منها تجميد عملياتها العسكرية في غزة، وتقليص عدد جنودها المتمركزين في القطاع، وتوجيه قواها البشرية إلى الجبهات الأخرى، وتحديدا الجبهة الشمالية. ومن الواضح أن هذا الواقع سيقلص أيضا من قدرة إسرائيل على مواصلة توظيف جهود دبلوماسية للتوصل إلى صفقة مع حركة حماس، تضمن الإفراج عن أسراها لدى الحركة.
السيناريو الثالث: صفقة شاملة تنهي الحرب على غزة والمواجهة مع إيران
من الواضح أن تحقق السيناريو الثاني، وتفجر مواجهة إقليمية شاملة، يمكن أن يفضي إلى تهديد خطير لمصالح القوى الدولية، وتحديدا الولايات المتحدة ودول المنطقة؛ إذ يمكن لإيران أن تستهدف في إطار هذه المواجهة المرافق النفطية في الخليج، ما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة، وهو ما يمثل تهديداً لفرص فوز الرئيس جون بايدن في الانتخابات الرئاسية بعد سبعة أشهر. كذلك فإن إقدام الولايات المتحدة على مهاجمة إيران لتأمين إسرائيل يمكن أن يقود إلى استهداف القوات الأمريكية في المنطقة على نطاق واسع، وهو ما سيهدد أيضاً فرص بايدن بالفوز.
في الوقت ذاته، فإن اندلاع مواجهة إقليمية سيقود إلى تكبد العمق الإسرائيلي أضراراً هائلة وغير مسبوقة، تحديدا بفعل الترسانة الصاروخية التي يحوزها حزب الله؛ مع العلم أن الحرب على غزة قادت إلى مواجهة بمستوى منخفض مع حزب الله، دفعت عشرات الآلاف من المستوطنين إلى النزوح عن المستوطنات الواقعة شمال الكيان الصهيوني.
من هنا، فإن هذا الواقع قد يدفع الأطراف ذات العلاقة لمحاولة نزع فتيل المواجهة وتطويقها، سيما وأن إيران قد أعلنت أنها أبلغت إدارة بايدن رغبتها بإنهاء المواجهة مع إسرائيل.
نظريا، وعند استحضار مصالح الأطراف ذات العلاقة بالحرب على غزة والمواجهة مع إيران، يبدو السيناريو الثالث هو السيناريو الأكثر واقعية؛ لكن – مع ذلك- يصعب الجزم بترجيح أي من السيناريوهات الثلاثة. فقد تفشل إسرائيل أو إيران أو كلتاهما في تقدير توجهات الطرف الآخر، ما يقلص من فرص التوافق على وضع نهاية لهذه المواجهة؛ كما أنه لا يمكن تجاهل الاعتبارات الشخصية لنتنياهو، حيث يدل سلوكه منذ السابع من أكتوبر الماضي على أنه معني بمواصلة الحرب، انطلاقا من قناعته بأن نهايتها يمكن أن تمهد لإسدال الستار على مستقبله السياسي وطرده من الحكم، ما سيوفر بيئة داخلية تسمح باستكمال محاكمته في قضايا الفساد التي يواجهها.

مؤلف عدة كتب حول الصراع.. دكتوراة في العلوم السياسية
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
الحمد لله على سلامة الدكتور، وبشركم الله بخير، فقد انقطعت عنا أخباره بعد يوم أو يومين من بداية الطوفان.
اختفى حسابه على اتويتر وانقطع عن اليوتيوب وحتى قناة الجزيرة لم تستضفه، حتى خشيت أن يكون قد أصابه مكروه