ماذا ترك لتسيبي ليفني؟!

بواسطة | فبراير 18, 2024

بواسطة | فبراير 18, 2024

ماذا ترك لتسيبي ليفني؟!

تتناول هذه المقالة تصريحات وزيري الخارجية المصري والإسرائيلية، وتأثيرها على العلاقات الإقليمية.

حيث يتحدث الوزير المصري عن حركة حماس بتصريحات مثيرة للجدل، بينما تثير عودة وزيرة الخارجية الإسرائيلية استياءًا.
ما هي خلفيات هذه التصريحات؟

تصريحات دبلوماسية مثيرة للجدل – التصريحات الأخيرة لوزيري الخارجية المصري والإسرائيلية

أكان ما قاله زلة لسان، ونحمد الله أنه لم يصل إلى مستوى زلات لسان بايدن، أم إنه قال ما قال مع سبق الإصرار والترصد؟.. وإذا كان هذا كلام وزير للخارجية، فماذا ترك لوزير الداخلية؟!

في حلقة نقاشية على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن قال سامح شكري، وزير الخارجية المصري، إن حماس من خارج الإجماع الفلسطيني ويجب محاسبة من عمل على تمويلها وتعزيز قوتها؛ في وقت يقول فيه الأمين العام للأمم المتحدة – الذي ليس من ملتنا أو ملة حماس- إن منظمته تنظر إليها على أنها حركة سياسية ولا تصنفها جماعة إرهابية، متحدياً بذلك الإرادة الأمريكية؟

هل تأثرت أجواء الحركة النقاشية بالحضور الطاغي لوزيرة الخارجية الإسرائيلية سيئة الصيت؟ فقد عادت للمشهد، وإن فقدت جاذبيتها بحكم السن، ولم تعد “السنيورة” التي تتصرف في المحافل بما يليق بامرأة تسبقها سمعتها، وكلما مالت إلى حاضر تعرض للقيل والقال، وهي لا تنكر مجال نشاطها، لكنها تغلفه بغلاف الوطنية، فقد قدمت أغلى ما تملك من أجل الوطن الإسرائيلي.. بئس الأوطان التي تُبنى على بيع الأعراض في سوق المتعة!

التصريح المعادي:

لنترك الوزيرة السابقة، فالزمن كفيل بتربية من لم يتربَّ في بيت أهله، ولنعد للوزير المصري الذي فاجأنا بهذا التصريح المعادي، ليس لأننا كنا ننتظر أن يكون موقفه متسقاً مع الموقف المصري التاريخي من القضية الفلسطينية، فالقوم يعيشون على هامش هذا التاريخ، والتراث المصري لا يخصهم، كما أنهم ليسوا امتداداً له، فهم نسق مختلف، ومسار لا شأن له بالتاريخ أو الجغرافيا!

المفاجأة مردها أن هذا التصريح يمكن أن يؤثر على دورهم كوسيط نزيه بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي (عدو المقاومة)، وهو الدور الذي مكنتهم المقاومة من شغله، وكان المرشح الرئاسي الأمريكي جو بايدن يقول إنه – حال فوزه- لن يتحدث مع الرئيس المصري، إلا بعد تصفية ملف انتهاكات حقوق الإنسان، لكنه نكث بالوعد مضطراً، عندما تحدث معه هاتفياً بغية التدخل لوقف إطلاق النار، ثم ها هي وساطتهم صارت مطلوبة دولياً منذ عملية طوفان الأقصى!

وإذ بنت سلطة الأمر الواقع في مصر سمعتها على العداء لحركة حماس، امتداداً للدور المصري في عهد مبارك، ولأنها تنظيم ينتمي للإخوان في الأصل، فقد توقفت هذه السلطة عن حملة الإبادة الإعلامية والقضائية ضد حماس.. فحضور مصر الدولي – لاسيما في هذا الوقت بالذات- يُلزمها ألا تكون في حالة عداء مع الحركة، لتتمكن من القيام بدور الوسيط، ومن هنا كانت الدعوات المتكررة لقادة حماس إلى القاهرة، بما لا يتماشى مع الدعاية السابقة، ولبت الحركة النداء بدون قيد أو شرط، ولم يكن هذا المسلك منها محرضا لنا على نقدها، وقد كانت مادة تُستغل للدعاية ضد ثورة يناير، وضد حكم الرئيس محمد مرسي، وأيضاً لدعم بروباجندا الانقلاب العسكري؛ إذ يُباح للمقاومة ما لا يباح لغيرها، وهي مضطرة إلى علاقة تدعم موقف الانقلاب على الشرعية، لأن السلطة المصرية هي التي تتحكم بمعبر رفح، وتشارك في حصار غزة، وتقيد حركة دخول وخروج الفلسطينيين من هذا المعبر!

وبهذه العلاقة، اعتمدت سلطة الأمر الواقع في القاهرة مدونةَ السلوك لنظام مبارك نفسها، فقد كان يعادي حركة حماس لتوجهها السياسي وتبنيها للمقاومة بينما يقدم نفسه بحسبانه عراب السلام في المنطقة، ويحرض عليها إعلامه لكنه في الوقت نفسه لا يناصبها العداء على المستوى الرسمي.. ولهذا تم تكليفه بأدوار وظيفية، مثل التفاوض مع الحركة لعودة الأسير الإسرائيلي شاليط إلى أحضان أمه الدافئة!

المصالحة بين حماس وإسرائيل:

فقدت مصر دور عراب السلام، فالدول العربية التي أرادت الدخول في علاقة طبيعية مع الكيان، لم تجد نفسها بحاجة إلى الوسيط المصري، فتجاهلته وتجاوزته! ولم يعد لمصر الآن من دور دولي مطلوب إلا ما يتصل بغزة، ووجود إسرائيل على الحدود هو ما دفع للقول بضرورة الحفاظ على الدولة المصرية، فهي جديرة بالبقاء وإن لم يكن نظامها يستحق ذلك أو مؤهلاً له، وذلك ما يُشار إليه في معرض الحديث عن المساعدات الخارجية لها!

ولك أن تتخيل، لو وقع المستحيل وجرت المصالحة بين حركة حماس وإسرائيل، ومكنت المصالحة سكان غزة من الاستغناء عن معبر رفح في دخول البضائع والمساعدات، وفي مغادرة القطاع والعودة منه، كم تساوي الدولة المصرية وفق التقييم الغربي، الذي يحدد القيمة الدفترية للمستعمرات القديمة، بمثل هذه الأدوار الوظيفية؟.

والجدارة للقيام بدور في الصراع كانت تُلزم ألا يكون الوزير المصري منحازاً، وإذا كان لابد من انحياز فلجانب المقاومة، ليس انحيازاً للحق الفلسطيني ورفض الاحتلال، فهذه أناشيد تجاوزتها الأنظمة العربية ولم تعد تحكم أداءها، ولكن لكي تنجح السلطة المصرية في أداء وظيفتها كوسيط مكلف بمهمة من الغرب، ومن الرئيس الأمريكي نفسه!

وعندما يتحرش الوزير سامح شكري بحركة حماس، في محفل دولي شاركت فيه من ضحت بعرضها من أجل إسرائيل، فإن الأمر لافت، والرجل دبلوماسي محترف وليس رجل أمن متسلط!

لا نعرف متى حدث الإجماع الفلسطيني، وأين حدث، ومن يمثله، ونعني الإجماع التي تُعد حماس من خارجه بحسب الوزير سامح شكري، إلا إذا كان الوزير يعتبر نفسه منشئ الإجماع الفلسطيني ومدشنه!. فحماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، والمقاومة هي التعبير عن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، وقد قامت منظمة التحرير بهذا الدور عندما كانت تتبنى المقاومة، ومهما يكن فليس لسامح شكري أن يتدخل في الشؤون الداخلية للشعب الفلسطيني، فيحدد إجماعه ويحدد من هو خارج هذا الإجماع، فمن كلفه بهذا الدور؟!

لقد ذهب الوزير المصري بعيداً وهو يدعو لمحاسبة من عمل على تمويل حماس وعزز قوتها، ولعله قال ذلك خوفاً من الاتهام الأرعن بأن السلاح للمقاومة جاء من مصر، وهو ما دفع رئيس هيئة الاستعلامات أن يعلن ما أقدمت عليه مصر من أجل حصار غزة، وعدد الأنفاق التي تم هدمها، وما إلى ذلك من إنجازات لصالح الجارة إسرائيل، وهي إنجازات لا تتطلب أن يفضح المرء نفسه أمام الرأي العام، لأنها معروفة لمن يهمه الأمر، وللرد قنواته الرسمية والسرية.

بيد أن ضياء رشوان نجمه خفيف، لأنه ليس دبلوماسياً، فما بال الدبلوماسية الرصينة قد صارت تنزعج، وتعبر عن انزعاجها بما ينال من الهيبة المفترضة لإصابتها بالارتباك؟ وهو الارتباك الذي لم نلمسه في الوزير في جولات التفاوض مع إثيوبيا من أجل شريان الحياة للمصريين، حتى عندما تفشل الجولات واحدة بعد أخرى!

وقد قال سامح شكري ذلك.. فلم يترك لتسيبي ليفني ما تقوله!

1 تعليق

  1. عبد الله

    مصر عبارة عن عزلة لابن مليكة اليهودية

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...