ما أصل التشاؤم بالخِطبة والعقد والزواج بين العيدين؟ وكيف أبطله الإسلام؟
بقلم: محمد خير موسى
| 24 أبريل, 2024
مقالات مشابهة
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
مقالات منوعة
بقلم: محمد خير موسى
| 24 أبريل, 2024
ما أصل التشاؤم بالخِطبة والعقد والزواج بين العيدين؟ وكيف أبطله الإسلام؟
في كثير من بلدان العالم الإسلامي، يتداول الناس فِكَرًا وأقاويل عن كراهة أو تحريم أو شؤم الخِطبة أو عقد الزواج أو الدّخول بالزوجة بين عيدي الفطر والأضحى؛ أي في شهر شوال وشهر ذي القعدة وذي الحجة، وهذه الفِكَر تدفعهم إلى تأجيل الخطوبة أو الزواج إلى ما بعد عيد الأضحى تشاؤمًا وتطيُّرًا.
أصل التّشاؤم والتطيّر بشهر شوّال
في الحقيقة، إنّ هذا التّشاؤم وتداول الكراهية عادةٌ جاهليّة ما تزال آثارُها مستمرّةً إلى يومنا هذا. وسبب التشاؤم عند العرب هو اسم الشهر “شوّال”، فقد كانت العرب تعتقد أنه يدلّ على الهلاك وتفرّق الجماعات، فيتطيّرون به ويعتقدون أنّ أيّ علاقة تنشأ فيه بين زوجين مصيرها التفرّق والزوال، وأنّ العقد إن تم فيه فإنّ هذا سيؤدي إلى نفور الزوجة من زوجها وامتناعها منه.
يقول ابن منظور في “لسان العرب”: “شوّال من أسماء الشهور معروف، اسم الشهر الذي يلي رمضان، وهو أول أشهر الحج، قيل: سُمّي بتشويل لبن الإبل، وهو تولّيه وإدباره، وكذلك حال الإبل في اشتداد الحر وانقطاع الرّطب، وكانت العرب تطيّر من عقد الزواج فيه، وتقول: إنّ المنكوحة تمتنع من ناكحها كما تمتنع طروقة الجمل إذا لقحت وشالت بذنبها”.
وكذلك تقول العرب: “شالت نعامتهم”، والنعامة هنا يقصد بها الجماعة؛ أي ماتوا وتفرّقوا، وكذلك تقول العرب: “شال لبن الناقة أي ارتفع وقَلَّ”.. فأيّ عقد أو زواج في شوال كان يُظن أن مصيره سيكون محق البركة أو ارتفاعه وانتهاءه.
كيف أبطل الإسلام هذه العادة الجاهليّة؟
كان التطيّر والتشاؤم عادة منتشرة في المجتمع الجاهلي بشكل عام؛ فنهى عنها الإسلام وحاربها وبيّن أنها محض مشاعر سلبية يجدها الإنسان في صدره، فعليه ألا يخضع لها وألا يحوّلها إلى سلوك؛ ففي حديث البخاري عن معاوية بن الحكم السلمي؛ قلت: “يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منّا رجالًا يأتون الكهان، قال: “فلا تأتهم”، قال: ومنّا رجال يتطيّرون، قال: “ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدَّنَّهم”. وفي الحديث المتفق عليه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: “لا عَدْوى، ولا طِيَرَة، ويعجبني الفَأل، قالوا: وما الفَأل؟ قال: كلمة طيّبة”.
وأما في عادة التشاؤم والتطير بالخطوبة أو العقد أو الزواج في فترة ما بين العيدين، فقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبطال هذا الاعتقاد الجاهلي بطريقة عملية سلوكية، فقام بإنشاء عقد زواجه على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في شهر شوال، وتزوجها ودخل بها في شهر شوّال، وذلك ليكون في هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم إبطالًا عمليًّا لفكر جاهلي. وهذا الفعل حوّل العقد والزواج في شهر شوّال من عادة تبعث على التشاؤم إلى سنّةٍ مستحبّة؛ فعقْد الزواج والزواج في شهر شوال مستحب، امتثالًا لفعل النبي صلى الله عليه وسلّم.
أخرج مسلم في صحيحه؛ عن عائشة رضي الله عنها قالت: “تزوّجني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في شوّال، وبنى بي في شوّال، فأيُّ نساء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان أحظى عنده منّي؟ قال: وكانت عائشة تستحبّ أَن تُدْخِل نساءها في شوّال”.
ورغم فعل النبيّ صلى الله عليه وسلّم هذا، بقي لعادة التشاؤم من الزواج والعقد في شهر شوال آثارها، التي تسري في المجتمعات المختلفة والأزمنة المتعاقبة؛ وكان العلماء في كلّ زمن يحاربون هذا الاعتقاد الجاهلي، ومن ذلك ما بيّنه الإمام النّووي في شرحه لحديث عائشة رضي الله عنها إذ يقول: “فيه استحباب التزويج والتزوّج والدخول في شوّال، وقد نصّ أصحابنا على استحبابه؛ واستدلّوا بهذا الحديث. وقصدَت عائشة بهذا الكلام ردَّ ما كانت الجاهلية عليه، وما يتخيّله بعض العوام اليوم من كراهة التزوّج والتزويج والدخول في شوّال؛ وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهلية؛ كانوا يتطيّرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة والرفع”.
إذن، فالشعور بأن إنشاء عقد الزواج أو الخِطبة أو التزوّج بين العيدين شؤم هو محض شعور جاهلي، والامتناع عن القيام بذلك هو سلوك جاهلي، وهذه المشاعر والسلوكيات الجاهلية أبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، واستحضارها في هذا الزمان مخالف لما عليه الهدي النبوي.
فيا أيها الشباب: اخطبوا وتزوجوا بين العيدين دون أدنى حرج، ويا أيها الآباء: زوّجوا أبناءكم وبناتكم بين العيدين، وافرحوا بهم وفرّحوهم، وألف مبارك لكم جميعًا.
مختص بقضايا الفكر الإسلامي ومشكلات الشباب
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها! فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام...
0 تعليق