مشكلة “الحصار الأمريكي”
بقلم: نديم شنر
| 19 يونيو, 2023
مقالات مشابهة
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
مقالات منوعة
بقلم: نديم شنر
| 19 يونيو, 2023
مشكلة “الحصار الأمريكي”
في عام 2017 كان من المفترض نظريا أنَّ “الحصار” جاء ليستهدف الدوحة فقط، ولكنه في الحقيقة خدم مصالح الولايات المتحدة والغرب في المقام الأول؛ ثم اختفى مع الدور الذي لعبته تركيا.
والآن حان الوقت لرفع “الحصار” الذي فرضته الولايات المتحدة وأوروبا على الشرق الأوسط والخليج وأفريقيا لعدة قرون.. لقد بدأت العملية!.
لتجنب التحول إلى أداة لمصالح الولايات المتحدة وسياسة الهيمنة الجديدة، يحاول أولئك الذين يدركون الخطر حل جميع المشكلات الإقليمية التي يواجهونها، بما في ذلك ما كان مع جيرانهم، من خلال الحوار وحماية وتعزيز مصالحهم المتبادلة
في مقالتي، الأسبوع الماضي، ذكرت أن كأس البطولة فاز بها ظاهرا مانشستر سيتي الذي هزم الفريق الإيطالي إنتر بنتيجة 1 إلى 0، لكن الفائز الحقيقي كان “السلام”؛ حيث كانت يدا آل نهيان والدبيبة ممدودتين، إحداهما للأخرى، من أجل السلام مع ابتسامات دافئة على وجهيهما.
وأخيرا، بدلا من سياسات التوتر والصراع، وحتى الحرب، للدول الأوروبية بقيادة الولايات المتحدة، أصبحت سياسات السلام والمصالحة والحوار الآن أكثر فعالية في الشرق الأوسط.
فالحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأها جو بايدن بأخذ دول الناتو إلى صفه بعد أن أصبح رئيسا للولايات المتحدة، هزت جميع التوازنات في العالم. ونحن منذ عام 2020 نعيش في عالم مختلف، وقد بات من الواضح الآن للجميع أن الولايات المتحدة قادرة على إلقاء العالم بأسره، بما في ذلك الدول الأوروبية الحليفة، في النار من أجل سياسة هيمنة جديدة تعمل على تعظيم مصالحها الخاصة.
ولتجنب التحول إلى أداة لمصالح الولايات المتحدة وسياسة الهيمنة الجديدة، يحاول أولئك الذين يدركون الخطر حل جميع المشكلات الإقليمية التي يواجهونها، بما في ذلك ما كان مع جيرانهم، من خلال الحوار وحماية وتعزيز مصالحهم المتبادلة. ووسط النشاط الساعي إلى تحقيق ذلك تمارس تركيا بسياستها دورا بارزا، مستفيدة من عوامل تؤهلها لذلك مثل موقعها الجغرافي، وبهذا أصبحت سياسات الحوار والاستقرار والتوازن والسلام تسير على محاور الشمال والجنوب والشرق؛ وإنَّ فتح مسارات الحوار من روسيا إلى السعودية، ومن الإمارات إلى ليبيا، ومن الصين إلى إيران، ومن قطر إلى مصر هي تطورات تبعث على الأمل في منطقتنا التي كانت حافلة بالصراعات والحروب لعدة سنوات.
وبهذا المعنى، كان من التطورات التي ميزت الأسبوع الماضي اجتماع رئيس الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مع الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش في بلغراد في 15 يونيو، ومع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبورغ يوم الجمعة. ولقد صرح آل نهيان بأنهم تلقوا تهديدات بسبب تعاونهم مع روسيا، لكنهم قرروا الحوار بغض النظر عن شروط الغرب؛ وإن هذا التصريح مع سيرهم على الطريق الذي حدده يعني الكثير.
في الجزء المفتوح من لقاء بوتين أكد آل نهيان للصحافة أنهم يأملون في استضافة مليون سائح روسي هذا العام، وفي تصريحاته على حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي حول الاجتماع نقرأ: “التقيت اليوم بالرئيس بوتين في سان بطرسبرج لمناقشة العلاقات الثنائية بين الإمارات وروسيا والوضع في أوكرانيا”، وأضاف أن “دولة الإمارات تواصل دعم كافة الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي من خلال الحوار والدبلوماسية الهادفة إلى تحقيق السلام والاستقرار العالميين”.. وإن ما يصف العصر الجديد هو عبارة “السلام والاستقرار” لا عبارة “الحرب”.
ويُظهِر هذا النهج أن دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قد ابتعدت الآن عن المحور الأمريكي الموحد وأنه تم اتخاذ خطوات حازمة من أجل السلام في الخليج والشرق الأوسط. وبالطبع هناك صعوبات، لكن هذه التطورات تُعتَبَر مهمة من حيث إنَّها ستمنع الولايات المتحدة من إشعال الفتن بين دول المنطقة، بعضها ضد بعض، وستمنعها كذلك من الاستفادة من مليارات الدولارات كعائدات مبيعات للأسلحة من جهة، وإبداء الرأي في صرف الموارد النفطية لشراء الأسلحة من الغرب من جهة أخرى.
بل 150 عاما أبان الشاعر والطبيب التركي عبد الحق ملا أهمية أن تكون قويا من أجل السلام في مقطع شعري يقول فيه: “الدول جميعها ستجد الخلاص إذا عملت بالمثل القائل: إذا كنت تريد السلام، فكن مستعدا للحرب”.
ليس من الخطأ مقابلة هذه التطورات بـ “الحصار” الذي تم تنفيذه ضد الدولة الشقيقة قطر في عام 2017 وتداعياته. فقبل خمس سنوات بالضبط، أعلنت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين فجأة، أنها أنهت علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة وأغلقت مجالها الجوي أمام قطر؛ وأغلقت الرياض البوابة البرية الوحيدة لقطر على العالم الخارجي، لتبدأ أكبر أزمة دبلوماسية في تاريخ الخليج.. في ذلك الوقت فرضت السعودية والبحرين والإمارات حصارا دبلوماسيا على قطر بزعم “دعمها للجماعات الإرهابية”، وطالبت مواطنيها بمغادرة قطر في غضون 14 يوماً، وأن يغادر القطريون بلدانهم بالطريقة نفسها. وكما كان متوقعا، قدمت الولايات المتحدة أكبر دعم للحصار!.
وأدى الحصار المفروض على قطر إلى استنفار أنقرة التي تعتبر الدوحة “شريكا استراتيجيا”، بينما أعرب الرئيس رجب طيب أردوغان عن “رفضه” لقرار حصار بلد مسلم شقيق خلال شهر رمضان، وأجرى اتصالات دبلوماسية مع العديد من القادة. ومن ناحية أخرى تلقت قطر، التي تشتري أكثر من 75 بالمئة من استهلاكها الغذائي اليومي من المملكة العربية السعودية عن طريق البر، مساعدة من طائرات الشحن المغادرة من تركيا وإيران. وبالإضافة إلى الدعم اللوجستي، سرَّعت تركيا قرارها بتعزيز وجودها في القاعدة العسكرية في قطر، وبعد أيام قليلة من الحصار اعتمدت قرارا في البرلمان بزيادة عدد القوات في قطر إلى 600 جندي.
وقد كان تعويض قطر للدول المنفذة للحصار، وإغلاق الدوحة لقناة الجزيرة التي تتخذ من قطر مقرا لها، وإغلاق الدوحة للقاعدة العسكرية التركية في قائمة المطالب، المتضمنة 13 نقطة، التي وجهتها الدول الأربع المشاركة في أزمة الخليج إلى الدوحة. لكن قطر بمساعدة تركيا قاومت الحصار؛ واليوم، وصلت إلى موقع مؤثر في المنطقة بمقاومتها.
المغزى الحقيقي لهذه المقاومة كان رفع “الحصار” الذي يركز على تعظيم مصالح الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، في المنطقة. واليوم، تتحول المشاجرات القديمة إلى حوارات، وتتحول العداوات إلى صداقات. وهنا يحضرني قول مأثور جميل: “لا فائز في الحرب ولا خاسر في السلام”..
قد يحاول شخص ما إحلال السلام وقد يحاول آخر إشعال الحرب؛ ويناسب المقام مثل تركي فيه: “الجندي ينام، والعدو لا ينام”.
قبل 150 عاما أبان الشاعر والطبيب التركي عبد الحق ملا أهمية أن تكون قويا من أجل السلام في مقطع شعري يقول فيه: “الدول جميعها ستجد الخلاص إذا عملت بالمثل القائل: إذا كنت تريد السلام، فكن مستعدا للحرب”.
لذا، إذا كنت تريد السلام، فعليك أن تكون مستعدا للحرب!.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
0 تعليق